جولات كوشنير
تاريخ النشر : 2019-08-03 10:57

لا تكاد تنتهي جولة حتى يقوم بالثانية، هذا هو حال جاريد كوشنير، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يقوم بجولة في المنطقة للترويج لما صار يعرف بـ«صفقة القرن»، التي يراها كثير من المراقبين والمحللين السياسيين، أنها دخلت في موت سريري منذ أن تم الإعلان عنها بمبادرة من ترامب، قبل ما يزيد على سنة، في إطار خطة تستهدف القضاء كلياً على القضية الفلسطينية، عبر تقديم أفكار بلا لون، ولا طعم، ولا رائحة، وتنتزع وطناً من أصحابه، وتمنحه لعصابة لا تستحقه.

كوشنير، هو عراب صفقة القرن، ومنذ مدة وهو يقوم بجولات مكوكية بين «إسرائيل» وعدد من الدول العربية لإقناعها بجدوى المبادرة الصفقة، لكنه لا يدرك أن الصفقة لم تعد تثير حماس أحد، خاصة بعد أن أميط اللثام، عن فحواها، التي تمنح الفلسطينيين كياناً هلامياً بلا دولة، ولا عاصمة، بعدما تخلت واشنطن عن ملامح الحل الذي يتبناه العالم منذ عقود، والمعروف ب«حل الدولتين».

لم يحصل كوشنير، ولن يحصل على ما يريده، ولهذا بإمكانه أن يقوم بجولات عدة متنقلاً بين «إسرائيل» ودول معنية بالقضية، سواء في الشرق الأوسط، أو دول غربية، لكنه لن يستطيع ترويض الجميع، أو إقناعهم بالصفقة الأمريكية، ومن بين هذه الدول روسيا الاتحادية، التي يرفض رئيسها فلاديمير بوتين، بصراحة، التصور الأمريكي لحل الصراع العربي «الإسرائيلي»، وهو موقف يعد امتداداً لمواقف الاتحاد السوفييتي قبل انهياره في تسعينات القرن الماضي.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تمارس ضغوطاً على الأطراف المعنية التي تعتقد أن لها تأثيراً في الفلسطينيين للقبول بما تنوي تقديمه، لكنها لا تدرك أن تمرير «صفقة القرن» لا يعتمد على هذه الأنظمة، بل على قبول أصحاب الشأن أنفسهم، ونعني بذلك الشعب الفلسطيني، الذي مهما ناور الأمريكيون و«الإسرائيليون» من أجل تجاوزه لن يتمكنوا، فهو شعب متشبث بأرضه، وصاحب قضية، ويدرك مصلحته أكثر، وأفضل من الآخرين.

ومن المعلوم أن «صفقة القرن» ليست جديدة، فهي قديمة مجددة، وبصيغة مختلفة، لكنها في نهاية الأمر تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من محتواها بشكل كامل، ولم تتبدل القناعات الأمريكية، ولا «الإسرائيلية» بشأن هذه القضية، فكل الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تتخل عن حلم تصفية القضية الفلسطينية، وتعبيد الطريق لتحقيق حلم دولة «إسرائيل الكبرى»، وقد وجدت «إسرائيل» في الرئيس ترامب أفضل من يترجم هذا الحلم، لهذا يتواجد كوشنير هذه الأيام في المنطقة على أمل أن يتمكن من انتزاع موافقة عربية للمضي في تنفيذ المبادرة الصفقة، التي أعلنت مصادر إعلامية «إسرائيلية» أن ترامب يعتزم إطلاقها بحضور قادة عرب قبل الانتخابات المعادة، المقرر أن تشهدها «إسرائيل» في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل.

عن الخليج الإماراتية