كيف غاب هذا عن الرئيس؟!
تاريخ النشر : 2014-07-07 12:38

بحث المصريون عن كلمة من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسى، طوال أيام خمسة مضت، فلم يقعوا على شىء، وانتظروا منه أن يخرج عليهم، وأن يتكلم معهم حول موضوع الدعم تحديداً، فكان غيابه واضحاً، بل وملفتاً للانتباه، ومثيراً للتساؤل الذي سمعته بنفسى في أكثر من مكان!

وبمعنى أوضح، فقد غاب الرجل ثلاثة أيام كاملة، من الأربعاء الماضى حتى الجمعة، دون كلمة واحدة في أي وسيلة إعلام، عن أي نشاط يكون قد قام به خلال هذه الأيام الثلاثة، وعندما ظهر صباح السبت، كان لاستقبال وزير خارجية المغرب، ولم يكن للتواصل الحى المباشر مع الذين انتظروه، ولايزالون.

وطوال الأيام الثلاثة إياها، كانت الدنيا ممتلئة بحديث الدعم ورفع أسعار الطاقة بأنواعها، من البنزين، إلى السولار، إلى الكهرباء، ولابد أن كلمة قصيرة منه كانت كافية لطمأنة الناس في عمومهم أولاً، ثم كانت ثانياً كفيلة بالتخفيف من وقع ارتفاعات الأسعار على صدور المواطنين، وكانت ثالثاً كفيلة كذلك بقطع الطريق على كل الذين تاجروا ويتاجرون بالموضوع، والذين حاولوا ويحاولون استغلاله، بكل طريقة، لإفساد العلاقة بين الرئيس وبيننا!

هذه المعانى كلها لا نعرف كيف غابت عنه، وكيف ابتعد عن الملايين منا، في وقت كانوا هم أحوج الناس إلى الكلام معه، والاطمنئان منه على الحال؟!

لقد قامت الحكومة، في هذا السياق، بواجبها وزيادة، ورأينا المهندس محلب يتكلم مع مواطنيه مرة، ومع ممثلين لقطاع النقل البرى مرة، ثم مع ممثلين عن قطاع بيع السلع للجماهير، مرات.. ولكن حديث الرئيس شىء آخر تماًماً، وكان سيؤدى، لو أنه تم، إلى تأثير لدى الغالبية مغاير ومختلف كل الاختلاف.

قد يكون واجباً أن نسجل للحكومة شجاعتها في اقتحام ملف خافت منه كل الحكومات السابقة عليها، منذ عام 1977، عندما رفع السادات أسعار بعض السلع، فغضب الملايين، إلى عام 2014، عندما رأى المهندس محلب، ومعه أعضاء حكومته، أنه لا يمكن أن ننتظر أكثر، وأن المواجهة هي أقصر الطرق إلى التعامل الإيجابى مع هذا الملف على وجه التحديد.

هذا مما يجب أن نحسبه للحكومة، ولا نحسبه عليها بأى حال، غير أنه يبقى ألا تترك هي المواطنين فريسة للذين هم بلا ضمير، من بائعى مختلف السلع، أو أصحاب وسائل النقل الخاص، وأن تذكر، من ناحيتها دائماً، أننا كنا، على امتداد سنوات مضت، نتكلم عن مستحق للدعم، وعن غير مستحق، وأن هذا هو وقت تطبيق هذا الكلام على يدها، وألا يكون الجميع سواء في تحمل تداعيات رفع دعم أسعار الطاقة، وإنما يتحمل المقتدر والقادر بيننا وحده، ثم تكون يد الحكومة، في الوقت نفسه، ممدودة، طوال الوقت، لإعانة غير المقتدر، وإنقاذه من أيدى معدومى الضمير.

شىء من هذا قد نكون سمعناه من رئيس الحكومة، ومن أعضاء في حكومته، ولكننا كنا نسمعه منهم، ثم نتلفت في الناحية الأخرى لنسمعه من الرئيس الذي أعاد الموازنة العامة للدولة، ورفض التوقيع عليها، فلا نسمع شيئاً، وربما لهذا السبب كان الذين يشتكون من وطأة الخطوة في حياتهم يوجهون كلامهم في وسائل الإعلام للرئيس لا لرئيس حكومته، لأنهم يعلمون أنه لولا إعادة الموازنة العامة منه دون توقيع، ما كانت خطوة كهذه سوف تتم الآن!

الآمال التي رسمها الرئيس أمامنا، طوال فترة الترشح للرئاسة، تجعلنا نتوقع منه حديثاً أسبوعياً منتظماً، وأكاد أقول إن الكثيرين يتوقعون وينتظرون حديثاً يومياً، على أن يكون ارتجالياً غير مكتوب، اللهم إلا إذا استعان الرئيس بورقة فيها رؤوس موضوعات، لأنه ثبت بالتجربة أن حديثه المرتجل يصل إلى وجدان الناس، بصدق وسرعة، ويؤثر فيهم وأكثر بكثير من حديثه المكتوب.

غياب الرجل عن الحديث معنا، من القلب للقلب، في ظروف كهذه، ليس في صالحه، وابتعاده غير المفهوم ليس حكمة من أي نوع، ووجوده في قلب الصورة، وبشكل مباشر، فرض عين عليه!

عن المصري اليوم