حقوق الفلسطينيين في لبنان !
تاريخ النشر : 2019-07-22 14:30

هل من ثمة أهميّة لدور الجامعة العربية في حماية الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين في لبنان !
يبدو أنّ الجدل المثار في لبنان بشأن حق العمل للفلسطيني في لبنان ، قد أتاح لإنتاج حالة جماهيرية ، فلسطينية ولبنانية ، تدعو الى تأمين الحقوق المدنية للفلسطينيين . وهي حالة ليسَت مرتبطة بحجم اللقاءات الفلسطينية اللبنانية ، ولا بالتصريحات المتوترة لوزير العمل اللبناني ، التي ليست منسجمة مع سياق التهدئة ، والمضرة طبعاً بالمصالح اللبنانية والفلسطينية ، بل إنّ هذه المواقف المعادية للحقوق المدنية والإنسانية الفلسطينية ، في لبنان ، تندرجُ تحت تصنيفات العنصرية المقيتة ، حيثُ ترتقي في مداها الضيق الى العداء للإنسانية .
تناولت المواقف ، في الفترة القريبة الماضية ، موضوع الفلسطينيين في لبنان ، من زاوية حقوقهم المدنية ، وامتدّ هذا التناول ليشمل الحديث عن عدم شرعية الوجود الفلسطيني في لبنان ! لكن معظم الأطراف اللبنانية أبدت تحفظها لتلك القرارات العنصرية ، كما أبدت تعاطفها مع اللاجئين الفلسطينيين في الحصول على الحقوق المدنية ، لكن الكل اللبناني يبدي تأيده المطلق لموضوع حقّ العودة للفلسطينيين . طبعاً البعض لم ينطلق في موقفه هذا من مبدأ تحقيق الإنتصار على الكيان الصهيوني ؛ ممّا يسمح بتغيير دراماتيكي يحقق العودة للاجئين الفلسطينيين ، بقدر ما ينطلق من أنّ لبنان لا تتسع جغرافيته وتوازناته الطائفيه لاستيعاب الفلسطينيين المقيمين على أرضه منذُ أكثر من سبعين سنة ! لكن حقّ العودة ليس في متناول اليد ، ولم يقف الفلسطينيون منه على حدّ الإختيار ! لا شكَّ أن معظم اللبنانيين يقفون الى جانب الفلسطينيين في نيل حقوقهم المدنية في لبنان ، حتى يتمكنوا من العودة الى فلسطين ، إلا أنّ البعضُ اللبناني لا يريد أن يعطي الفلسطيني حقوقه المدنية بدعوى أنّ الفلسطيني ينبغي أن يبقى عاريا هكذا ، مجرد من أيةِ حقوق حتى لا ينسى قضيته ! أو أن يهاجر من لبنان نحو الدول الغربية ، أو الدول النفطية . إذاً تمسك البعض اللبناني حتى ينال الفلسطينيون حقّ عودتهم ، ليسَ من منطلق الكسب التاريخي في الصراع العربي الصهيوني ، بل لا يضير ذلك البعض ، لو أن عودة الفلسطينيين من لبنان تكون الى كندا أو أوروبا ، أو أيّ بقعة أخرى في العالم ! المهم ألاّ يبقى عندهم فلسطيني واحد ، وأن يصبح لبنان نظيفاً من الأغراب ، فقط يريدون أن يبقى لبنان للبنانيين ، يتمتعوا بمكوناته الطائفية ، وأحزابه المتناحرة .
الحقيقة أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يشكلون لذلك البعض اللبناني هاجساً موتراً ، بل منغصاً لحياتهم ، كما هو الأمر بالنسبة للصهاينة ، لأن الفلسطيني في لبنان متمسكاً بمخيمه ، الذي يعني له الوطن المؤقت ، والذي فيه تعيش النكبة ، التي جاءت على حياته منذُ أكثر من سبعين عاماً ، ولأنهم يخافوا من تلك الحالة الفلسطينية المتمردة التي قد تعاود انبعاثها من جديد .
يغضُ بعض اللبنانيين ، المعادين للحقوق المدنية للفلسطينيين الطرف ، عن حقائق قانونية وشرعية للاجئن الفلسطينيين في لبنان ، لأن القضية الفلسطينية ، في الأساس ، قضية دولية بامتياز ، واللاجئون الفلسطينيون يستظلوا بنظام حماية القانون الدولي والعربي ، حيثُ دعت القرارات الخاصة بوضع الاجئين الفلسطينيين ، من قبل الأمم المتحدة ، منذُ عام 1948- 1951 الى ضرورة أن تقدم دول اللجوء ، والدول المضيفة الحماية المطلوبة للاجئين الفلسطينيين ، وأن تساعد في توفير الحياة الكريمة لهم . وعلى مقلبٍ آخر ، أكدت الجامعة العربية على حقّ الفلسطينيين في العمل والعيش الكريم في بلدان اللجوء ؛ حيثُ أشارَ بروتوكول معاملة الفلسطينيين في الدول العربية على ذلك بوضوح ، فقد جاء في بروتوكول الدار البيضاء ، الذي صدر بتاريخ 11 – سبتمر أيلول 1965 على أن يكون للفلسطينيين المقيمين في الدول العربية حقّ الإحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية ، مع حقَهم في العمل والإستخدام إسوة بالمواطنين العرب .
البعض اللبناني ، بل كل اللبنانيين والعرب ، يعرفوا أن الفلسطينيين لن يقيموا في لبنان بملئ إرادتهم ، بل أنهم أجبروا على اللجوء الى بلد الأرز ، ولبلدان عربية أخرى ، بحكم الصلات العضوية والأخوية ، وبحكم العلاقات العربية العربية ، التي كانت تجمع أهل بلاد الشام في دولة واحدة أيام الحكم العثماني ، قبل الحقبة الاستعمارية المعاصرة ، التي رسمت على الأرض العربية اتفاقية ( سايكس بيكو ) ، والتي كانت النكبة الفلسطينية إحد أهم نتائجها المؤلمة . العالم بأسره ، بما فيه لبنان والدول العربية ، يتحملون مسؤولية ذلك الحدث التاريخي الذي عصف في المنطقة العربية ( النكبة ) ، والذي ما زالت تداعياته ماثلة الى هذه اللحظة .
في فلسطين ، كان الفلسطيني يحتضن اللبناني والسوري على أرض فلسطين ، وتذكر الوثائق التاريخية كما نقل د. خالد الخالدي - رئيس قسم التاريخ والآثار - الجامعة الإسلامية – غزة في إحدى دراساته " أنّ كثير من الإقطاعيين اللبنانيين قد باعوا من الأراضي والقرى الفلسطينية ما مقداره (ستمائة وستة آلاف دنم ) للتجار اليهود " فهل يحاسب الفلسطينيون كل الشعب اللبناني على عملٍ قامَ فيه نفرٌ من اللبنانيين ؟
في ظل غياب منظمة التحرير الفلسطينية عن ساحة الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المدنية ، وانغماس القائمين على المنظمة بالمناكفات والنزاعات الفصائلية ، فإنّ ثمة ضرورة لتذكير رئيس الجامعة العربية السيد أبوالغيظ ، الذي يغطُ في نومٍ عميق ، بمسؤولية الجامعة العربية في تأمين الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين في لبنان ، من خلال تفعيل بروتوكول الدار البيضاء لعام 1965 السابق الذكر .