هل هناك طابور خامس يعبث بالقضية الفلسطينية؟
تاريخ النشر : 2019-07-15 19:17

حملات التشويه المتواصلة والتي تستهدف رموز وقيادات وطنية فلسطيني من يقف وراءها ؟؟ وما الهدف ؟؟ وما هو السر وراء استهداف جهات مجهولة لتلك القيادات؟ ومن المستفيد ؟؟ ولاجندة من تعمل هذه الجهات المجهولة والتي تتستر خلف أسماء وهمية؟ ولماذا تتجدد موجة الشائعات الان وفي هذا الظرف الحساس ؟ وان كان ما يدعوه صحيحا … لماذا لا يعلنوا عن انفسهم ؟؟ اليس من الغريب أن يتم استهداف قيادات تمثل تقريبا معظم الاطراف السياسية من تلك الجهات ؟

هذه الأسئلة وغيرها باتت تشغل بال الشارع الفلسطيني ,حيث تشهد الساحة الفلسطينية منذ سنوات "وقد تكثفت موخرا" ظاهرة ارتبطت بقيام جهات مجهولة بتمرير بعض المستندات والتقارير والفيديوهات تستهدف شخصيات وطنية ومؤسسات واحزاب سياسية حيث تتهم عادة هذه الجهات اطراف فلسطينية بالتورط بالفساد وسوء استخدام السلطة , حيث أن طريقة توجيه التهم تكاد ان تكون متشابهة بالاسلوب والوسائل , وقد جرت العادة بادعاء تلك الجهات بانها اثباتات على تورط جهات وشخصيات وطنية بالفساد , وعدد من الاتهامات لا حصر لها. ان مثل هذه الظاهرة لم تقتصر على الشان الفلسطيني , حيث عرفت الشعوب عبر التاريخ ظواهر شبيهة حيث اطلق عليها الشائعات وقد اطلقت حركات التحرر في العالم على هذه الممارسات والجهات التي تروج مثل هذه الشائعات بمصطلح الطابور الخامس "fifth column" , وهو مصطلح يستخدم في الادبيات السياسية وهو يطلق على المرتزقة ومثيري الفتن حيث يقوموا بذلك من أجل خلق حالة من الاضطرابات والتشكيك ومحاولة النيل من المناضلين والقامات الوطنية والتي من شأنها ان تخلق حالة من القلاقل والارباك بين صفوف الشعب الواحد , وغالبا ما يكون الهدف منها المس بالشخصية المستهدفة لزعزعة ايمان الجماهير بالقضية التي يمثلها. وعادة يقوم العدو بتوفير الامكانيات اللازمة لاطلاق مثل تلك الحملات التشويهية مستهدفا بذلك النيل من سمعة وعزيمة بعض القيادات الوطنية من أجل اعاقة قدراتهم على الاستمرار بالدفاع عن حقوق شعبهم , وبذلك يكون قد انتصر العدو بتحييد احد المناضلين المؤثرين في الساحة , فيما لو تحقق مبتغاه. ويستند العدو او الخصم السياسي على تكتيكات واستراتيجيات لتحقيق ذلك منها , ما يطلق عليه في علوم السياسة:

اغتيال الشخصية (Character assassination) وهي عملية متعمدة ومستمرة تهدف لتدمير مصداقية وسمعة شخص أو مؤسسة أو منظمة أو مجموعة اجتماعية أو أمة. ويستخدم وكلاء أو عملاء اغتيال الشخصية المستهدفة لتحقيق أهدافهم، العديد من الطرق مثل رفع الاتهامات الكاذبة، وزرع الشائعات وتعزيزها، والتلاعب بالمعلومات ,وهي محاولة لتشويه سمعة الشخص. وقد تنطوي على المبالغة أو التضليل او استخدام أنصاف الحقائق أو التلاعب بالحقائق لتقديم صورة غير صحيحة عن الشخص المستهدف. والتي غالبا ما يستخدم فيها "تكتيكات تشويه السمعة" " Smear tactics" بحيث توجه الهجمات الشخصية ضد شخصية عامة بهدف تثبيط الناس عن الإيمان بالشخص المستهدف بما يمثله في المجتمع وبالتالي النيل من قضيته التي يحملها .

. وقد واجهت العديد من الشخصيات والقيادات والجهات والمؤسسات الوطنية الفلسطينية العديد من حملات التشويه خلال الفترة الماضية ومنها على سبيل المثال لا الحصر التالي :

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات , والتي وجهت ضده العديد من حملات التشويه والتي كانت تنتشر في ظروف سياسية حساسة , ومن اهم تلك الحملات التي كانت تشكك بأصوله الفلسطينية , ونشرت التقارير والفيديوهات الملفقة والتي كانت تنسبه لعائلة يهودية من المغرب .

الرئيس الفلسطيني محمود عباس , والتي انتشرت حوله تقارير ملفقة ومفبركة حول امتلاكه لطائرة خاصة بقيمة 50 مليون دولار في يناير من العام 2018, والتي ايضا جاءت هذه الحملة للنيل من سمعته في محاولة من مروجيها لاضعافه امام الجماهير الفلسطينية في الوقت الذي شدد على رفضه التعاون مع الادارة الامريكية للموافقة على صفقة القرن وبعد ان اتخذ خطوات عملية بقطع العلاقات مع الادارة الامريكية الحالية .. والتي تبين فيما بعد بان الرئيس يتنقل في طائرة الخطوط الجوية الفلسطينية والتي تم شرائها في العام 2011 .وفي ظروف مشابهة تعرض د. صائب عريقات لحملة تشويه , بحيث روجت له جهات مجهولة فيديو مجتزأ من مقابلة على برنامج على التلفزيون الامريكي "Conflict zone " بحيث يظهر فيه بان الدكتور عريقات يتنازل عن الثوابت ويسعى لانفصال غزة عن باقي الوطن , وقد انتشر بشكل واسع في يناير 2019 بعد ان هاجم الدكتور عريقات السفير الامريكي فريدمان , ولكن في الحقيقة حين تشاهد الفيديو كاملا تكتشف بان ما استخدم من مقاطع خرجت من سياقها وهي منافية لحقيقة ما قاله الرجل في المقابلة .

ومؤخرا طالت الشيخ حسن يوسف القيادي في حركة حماس حملة تشويه ليست الاولى في بداية شهر يوليو الجاري , تسعى المخابرات الاسرائيلية من خلالها توجيه ضربة معنوية موجعة اخرى للقيادي الاسير ولحركته , من خلال الترويج لمقابلة مع نجله صهيب ينتقد فيها سياسات حركة حماس وبعض القيادات فيها .

وكانت اخر حملات التشويه قبل ايام موجهة ضد الامين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي بحيث ادعى فيديو مفبرك تورط الصالحي في مخالفات مالية , اجبرته على عقد صفقات مع السلطة لتخليصه من تلك الديون مقابل تجيير مواقف حزيه لصالح السلطة .

هذا بالاضافة لحملات تشويه طالت العديد من الشخصيات الوطنية من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحركة فتح وحركة حماس وشخصيات اعتبارية اخرى ومدراء مؤسسات ومنظمات حقوق انسان , هذا بالاضافة الى استهداف سياسين وكتاب وصحفيين وناشطين واكاديميين فلسطينيين وغيرهم من الاصدقاء والداعمين للقضية الفلسطينية حول العالم .

ان حملات التشويه والتشكيك والتخوين التي تشنها الاطراف المجهولة وادواتها الاعلامية التي تستهدف الشخصيات والرموز الوطنية , هدفها الرئيس بث روح اليأس والاحباط لدى الشعب الفلسطيني , وتشكيكه بكل ما هو قائم من قيم ورموز وقامات وطنية , الهدف منها تشويه صورة شعبنا وقيادته لاشغاله بقضايا ثانويه بعيدا عن القضايا الوطنية المركزية , لتمرير مخططات التصفية الصهيو-امريكي للقضية الفلسطينية .

ان التصدي لمحاولات التشويه والتضليل والتشكيك يتطلب توخي الدقة والموضوعية من قبل وسائل الاعلام وناشطي التواصل الاجتماعي قبل نشر الاخبار خاصة تلك التي لا تستند لمصادر موثوقة وتفتقر للادلة والبراهين .

وهي دعوة مفتوحة لكافة القوى الوطنية والاسلامية ومنظمات المجتمع المدني والاقلام الشريفة للتصدي لتلك الحملات المشبوهة التي تستهدف الروح المعنوية للشعب الفلسطيني من خلال استهداف رموزه الوطنية , فلا نعلم من عليه الدور غدا .

وهنا يبرز اهمية توعية المواطنين باستخدام كافة وسائل التواصل مع المجتمع" الاذاعات والصحف والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي" , بضرورة عدم الانجرار خلف الشائعات التي تمس بالامن والسلم المجتمعي , وتؤثر سلبا على صورة المناضلين وصورة الشعب الفلسطيني في الخارج .

ومن الاهمية بما كان محاربة الشائعات وحملات التشويه ومثيري الفتن والقلاقل بكافة الوسائل المتاحة والمشروعة , وملاحقة مروجيها قانونيا لافشال مخططات الاحتلال واعوانه .

وختاما .. فان كل محاولات الكيد والتضليل والاكاذيب التي يتم ترويجها للنيل من شخصيات ورموز وجهات وطنية لن تنال من عزيمة الاحرار والشرفاء , ولن تنال من معنويات ابناء شعبنا , فشعبنا الفلسطيني واعي لكل محاولات التشويه والتشكيك في رموزه الوطنية بهدف اضعاف الروح المعنوية وبهدف التشكيك بكل ما هو وطني .