لأن حبال المحاكم طويلة.. مواطنون يتجهون إلى "الحل العشائري" بديلا بنواقصه! 
تاريخ النشر : 2019-07-14 21:59

أمد/ غزة – نسرين موسى: يتردد المواطن أبو شاهر من مدينة غزة إلى رجل الإصلاح في منطقته بعدما خذلته المحكمة، ولم تحكم لصالحه في قضيته، التي يؤكد أنه تم الحكم في نفس تفاصيل قضيته لصالح مواطن آخر من رفح، لكنه وقع في حبال التلاعب كما يقول.
يقول الأربعيني أبو شاهر لـ "أمد للإعلام": "حينما شعرت بوجود الظلم في الحكم ضدي، قدمت التماسي إلى المحكمة لكن الحال لم يتغير، فقررت التوجه إلى حلها عرفياً".
 وحول تفاصيل قضيته يقول بائع الملابس أبو شاهر: " قبل موت عمي تنازل لي شفهياً دون توثيق عن البيت الذي نسكن فيه جميعاً، لأنني شاركته في شراءه، لكن أحد أولاده قام بعد وفاته بطعن تنازله ورفع قضية ضدي في المحكمة، وكان الحكم لصالحه فيها، وأخذ المنزل رغم انه من حقي ".
يختم أبو شاهر حديثه لـ "امد" قائلا:" الآن القضية في يد رجال الإصلاح ويحاولون مع ابن عمي لإثبات حقي ".
"حبال المحاكم طويلة" بهذه الكلمات بدأت المربية في رياض الأطفال، سعاد أشرف من خانيونس حديثها.
المواطنة أشرف تقول لـ "أمد": "منذ أكثر من سنتين، وأنا أتردد على المحكمة في غزة جالسة لساعات طويلة، لكن اليأس تملكني بسبب المماطلة في تنفيذ الحكم ".
السيدة أشرف تتساءل: لماذا حينما تكون القضية ميراث امرأة لا يكون الوقوف بجانبها، رغم أحقيتها بذلك وإثباتها بالأوراق ضد من يحرمها منه؟".
توضح أشرف أنها توجهت لحل قضيتها عشائرياً، للحصول على حقها الشرعي في ميراث والدها، الذي حرمها إياه شقيقيها.
الخمسينية أشرف تختم قائلة لـ "أمد": " في أقل من عشرين يومًا أثبت رجال الإصلاح حقي، وتخلصت من مماطلة المحكمة والمال الذي كنت أدفعه ذهاباً وإياباً". 
وتعتبر المواطنة نجوى شعبان من رفح، أن حل المشاكل الخاصة بالمرأة يكون أجدى وأفضل عشائرياً من المحكمة، وتضيف لـ "أمد": "مجتمعنا الذكوري لا يقبل أن تقف المرأة في وجه والدها وأخيها، للمطالبة بحقها كما تكفله القوانين.
وفي معرض ردها على سؤال: هل أصبحت الثقة في القضاء العرفي العشائري أكثر من المحاكم النظامية؟ تجيب المحامية منيرة الفيومي: " ليس بالمعنى الصحيح ولكن الناس أصبحت تثق في رجال الإصلاح، لأنَّ بعض الموظفين في المحاكم يفتقدون إلى الخبرة ".
وتضيف الفيومي لـ "أمد": "تكاليف المحكمة باهظة ناهيك عن إطالة أمد القضية، فالقضية التي تحتاج إلى ستة شهور تمكث خمس سنوات وأكثر".
وتشير الفيومي، إلى أنَّه في حال توصل أطراف المشكلة إلى الصلح عن طريق التحكيم العرفي، فلا داعي للتوجه إلى المحكمة، ولكن في حالة عدم رضا أحد الأطراف فإنَّه يفسخ الحكم العرفي ويلجأ إلى المحكمة.
تتابع الفيومي:" ناهيك عن أن المحكمة تطلق الأحكام، وكثيراً لا تنفذ، مما يجعل أصحاب المشكلة يفقدون الثقة فيها".
 تختم الفيومي بالتأكيد انه: "يلحق المرأة ضرر جراء الحلول الودية، التي يقوم بها القضاء العشائري، وقد يكون الحل التراضي بين الطرفين مما قد يفقدها بعضاً من حقوقها".
ويتفق "سيف أبو رمضان" رئيس جمعية مخاتير فلسطين بالرأي مع المحامية الفيومي، ويقول: " القضاء العشائري ملزم للطرفين، حيث لا يخرج أيُّ طرف مظلومًا من القضية، ناهيك عن سرعته في التعامل".
وعن أنواع القضايا التي يتداولونها يقول لـ "امد": "الدماء والعرض والشرف وقضايا الشجار والاعتداء والقضايا المادية، والحديثة مثل مواقع التواصل الاجتماعي وحوادث الطرق".
ويختم أبو سيف: "القانون لا يمكن أن يتجاهل ورقة الصلح الصادرة من طرف الإصلاح، ولا يتمُّ الإفراج عن أي سجين إلا بها.
ولا يعتبر المحامي كارم نشوان أنَّ السبب هو عدم الثقة، ويقول: "عدد القضاة قليل لا يتجاوز الـ(42) قاضيًا، وفي المقابل هناك عشرات آلاف القضايا تنتظر في المحاكم لذلك يلجئون إلى العشائري".
ولا يحبذ نشوان التحكيم العشائري بأيِّ حال من الأحوال، لوجود القانون والمحاكم، والقضاة الذين يتقاضون رواتبهم ويحكمون بالعدل، ولو تعثر هذا لا يعني أنَّ التحكيم العرفي أفضل".
وطالب نشوان السلطة (الفلسطينية) بزيادة أعداد القضاة والمحاكم، وتسريع الإجراءات لأنَّ القضاء النظامي أكثر مقدرة على الإنصاف".
ويقول رجل الإصلاح "أسامة بربخ لـ "أمد": "يحتاج القضاء إلى مهارة كبيرة في طريقة تقديم القضية، ويمكن أن تتعرض القضية للتزوير من المحامي ما يؤثر على ثقة أصحاب القضية".
وحصلت السيدة "منى.ع "على حكم الطلاق عشائرياً، بعدما لم تنجح في المحكمة.
الثلاثينية منى تقول لـ "أمد":" كنت أسكن مع زوجي في بيت عائلته والمشاكل لا تتوقف بيننا، ولي طفلة بعمر الثلاث سنوات وتعاني من مرض مزمن، وبحاجة إلى رعاية، ورغم ذلك ألقى زوجي يمين الطلاق ثلاث مرات، وحين قررت الذهاب إلى المحكمة حتى أثبت ذلك لم أفلح، لأنه لم يكن قد وثق الطلقات الثلاثة فيها, فتوجهت إلى رجال الإصلاح ونجحوا في إثبات ذلك,  وتم طلاقي لكن بعد تنازلي عن كل حقوقي".
وتعتبر الطالبة سارة محسن أن القضاء العرفي أفضل في التعامل مع القضايا من النوع الأخلاقي لو تعرضت إحداهن إلى مشكلة من هذا القبيل , على عكس المحكمة التي من الممكن أن تنتشر قصتها ويتم تداولها خارج إطار الحكمة".
وتعتبر المختارة رضا المصري، أن الإصلاح العشائري أقدر على تقريب وجهات النظر بين طرفي المشكلة بشكل عام من المحاكم النظامية.
المصري تقول لـ "أمد": "المحاكم لا تعطي طرفي المشكلة حقهم بشكل سريع، وكثيراُ ما تحول القضية للعشائري، وتشير إلى وجود تشبيك بين جمعية مخاتير الإصلاح والمحاكم والداخلية للحد من المشاكل".
وتختم المصري: "نجحنا في حل كثير من المشاكل مثل الميراث وقضايا تخص الشرف كذلك.
جدير بالذكر أن أهم ما يميّز القضاء العشائري هو السعي إلى الإصلاح، بعد معاقبة المدانين من الأطراف المتخاصمة، بحيث تُزال كلّ أسباب الخصومة بين الجماعات بما يضمن التماسك الاجتماعي.