أخليفة غير إردوغان؟
تاريخ النشر : 2014-07-05 11:30

في يوليو (تموز) 2012 وفي خضم الحماسة الإخوانية لربيعهم، لم يملك القيادي الإخواني الحمساوي الشيخ إسماعيل هنية جماح عاطفته وخطب من غزة، حيث اقتطعتها جماعته «إمارة» خاصة، وقال من فوق منبر الجمعة: «وصول الإخوان للسلطة في مصر وتونس، هو بداية الخلافة الإسلامية».
كان ذلك حينها تعليقا على لقاء زعيم حماس خالد مشعل والرئيس الإخواني لمصر محمد مرسي. وحينها استذكرت مواقف شبيهة منها موقف «النهضاوي» التونسي حمادي الجبالي في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 وفي خطبة حماسية في مهرجان احتفالي لحركة النهضة في مدينة سوسة، بشر ببداية الخلافة الراشدة السادسة.
أما الصقر اليمني الإخواني صاحب المعجزات العلمية عبد المجيد الزنداني فقال للحشود الغفيرة في صنعاء، إنه يرى صباح الخلافة الإسلامية يطل من كل مكان في العالم الإسلامي، وأن وصول مرسي بشارة الخلافة.
كل هذه الأوهام تبخرت وذهبت مع الريح، مرسي في السجن، ومرشده محكوم بعدة إعدامات، وهنية ومشعل يكافحان للبقاء، والزنداني من حديث الأمس اليمني. خرج لهم من رواق الظلام خليفة جديد، سفاح من القرون الغابرة «جابها من الآخر» دون ديمقراطية ولا تفويض شعبي ولا ما يحزنون، خليفة بحد السيف والسنان، السيف حرفيا وليس مجازيا.
الخليفة الداعشي أبو بكر البغدادي استوى على سفينة الحلم الدامي، حلم الخلافة القاتل، الذي يلعب بمشاعر عميقة مأزومة لدى ملايين الناس خاصة الشبان، هو هذا سر قوة داعش ودعايتها الآن، مداعبة غدد الحلم الدامي هذا.
قبل فترة كان رئيس حكومة تركيا رجب طيب إردوغان بخطبه الصاخبة واستعراضاته الجماهيرية مهوى الأفئدة الإخوانية وشبه الإخوانية، على اعتباره الخليفة العثماني الجديد، وهو لم يأمر بهذه الشعبية ولم تسؤه!
ثم صار مرسي المرشح الجديد رغم فقدان الهالات. الآن جاء المبير المغير أبو بكر البغدادي، من عالم الغموض والسواد، ويقول حاجبه العدناني إنه الأحق بالخلافة كونه تغلب بالسيف وكونه قرشيا أيضا.
حلم الخلافة هو سر الداء ومعقد المعضلة، تصوير مزيف، لا حقيقة تاريخية، توهمات تثير من الصور الخادعة الكثير والخطير.
في فترة السلطان عبد الحميد العثماني ركز على تقديس موقع الخليفة وإحاطته بهالات من النور والتهاويل الدينية، وأدار سياسته التي امتدت لثلاثة عقود على فكرة «الجامعة الإسلامية» وتعظيم مقام الخليفة، بما تجاوز السلاطين العثمانيين حتى، لاعتبارات داخلية وخارجية كثيرة، لكنه سقط في النهاية بحكم التاريخ والتطور الطبيعي، وبقيت أحلام وراثة هذا الموقع المقدس قائمة. الإخوان المسلمون وحزب التحرير من بقايا جروح تلك الثقافة الحميدية، وقد تنطح لوراثة عبد الحميد بعد إلغاء مسمى الخلافة 1924 عدة طامحين، منهم فؤاد ملك مصر، والشريف حسين، أيضا بسبب كونه قرشيا، ولذات السبب الشريف أحمد السنوسي كما يذكر شكيب أرسلان.
لكن هؤلاء فشلوا في الظفر بعمامة الخليفة وبردته.. وبقي الحلم الدامي ينزف ويستنزف الطاقات والعقول حتى خرج لنا بغدادي داعش ليحول الحلم إلى كابوس..
عن الشرق الاوسط السعودية