"اللاءات" الثلاثة...أحرف من الزمن البعيد يا سادة!
تاريخ النشر : 2019-07-11 08:55

كتب حسن عصفور/ يبدو أن هيئة مسيرات كسر الحصار، أصابها عطب في إيجاد مسمى للجمعة التالية، حيث درجت العادة على اختيار اسم بتناسب مع الواقع السياسي أو الطموح السياسي...غالبا تصيب وقليلا تجامل أو تخيب، لكن اختيار مسمى جمعة يوم 12 يوليو 2019، لتكون جمعة "اللاءات" الثلاثة الشهيرة (لا تفاوض – لا صلح – لا اعتراف بالكيان)، ونسوا أيضا، ربما مع السرعة، لا تنازل ولا استسلام، جاءت قمة السخرية السياسية من واقع يكشف انهم "غرباء جدا" عن المشهد العام في بلادنا وعالمنا العربي.

من المهم اللجوء الى التعبئة السياسية – الفكرية ضد العدو القومي ورأس حربته دولة الكيان، ولكن من الأهم أيضا، ان لا تكون "الضلالية" هي أحد تلك الأدوات، خاصة وأن العالم بات مفتوحا الى درجة كسر كل حواجز الاسرار المطلقة، ولذا لا يجب الاستمرار بثقافة "تجوع يا سمك".

"اللاءات" التي اختارتها "هيئة كسر الحصار" عنوانا لجمعة 12 يوليو، باتت جميعها "نعم، وربما من كل الدول العربية، حتى تلك التي تدعي "كذبا" انها غير ذلك، ولو مررنا عليها سنجد أنها تفاوضت والبعض غير القليل اعترف "عمليا وواقعيا"، أما الصلح فقد أصبح هو الأكثر حضورا حيث توقفت الحروب أو الاشتباك العسكري، سواء عبر اتفاقات مباشرة أو "هدنة غير مباشرة" أو مباشرة.

الهروب الى الشعارات غير الواقعية لا يخدم أبدا النضال الوطني، ولا يساهم بالتعبئة الحقيقية، ولا نعتقد أن هناك فلسطيني كان من كان يمكنه أن يقرأ ذلك الشعار دون أن يصاب بحالة من السخرية، كونه يرى بأم عينه، كيف أن التفاعل العربي مع إسرائيل بات أكثر قربا من التفاعل مع الرسمية الفلسطينية، والخوف ان يصبح يثق بها أكثر...

كان الأجدر، التعبئة بما يجب أن يكون، من غضب نحو المسارات التي تذهب بالقضية المركزية الى مكانة هامشية، بفضل قواها السياسية، قبل أي جهة أخرى، الأجدر أن تدرك هذه الهيئات أنها فقدت مقومات التأثير لمنع الاندفاعة الإسرائيلية لاختراق الجسد الرسمي، وحتى بعض الشعبي، ولو راجعت تلك الهيئات حجم المحتجين على تهويد القدس والضفة، لعرفوا أن القضية المركزية لم تعد أصل الحكاية والصراع، فيما حركت قوى بعينها مظاهرات محدودة العدد منتشرة في بلاد عدة حول "ورشة البحرين"، ضد أمريكا لحسابات صراع بينها وليس من أجل فلسطين.

هل تعتقد هذه الهيئات، أن حركة حماس ليست جزءا من آلية التصالح والتفاوض والاعتراف بالكيان، اليست هي الحركة الأكثر تمسكا بالمجلس التشريعي وتعتبره أصل "الشرعية"، لكنها تتجاهل أنه جزء من "الثمن السياسي" المدفوع مقابل الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير وإسرائيل.

ان تصرخ حماس ليل نهار أنها ضد الاعتراف فتلك قمة الهزل، وكل مكتبسها جزء من آلية الاعتراف، الى جانب أن "مفاوضات التهدئة"، هي شكل من اشكال "الصلح والتفاوض" في آن، فكيف لكم ان ترفعوا تلك اللاءات وأنتم جزء من حركة التفاعل مع عكسها.

هل تناسى هؤلاء تصريحات رئيس حماس إسماعيل هنية أن حركته ليس ضد التفاوض مع إسرائيل ولكنها لا تفاوض، هل هناك سخرية سياسية تفوق ذلك، ثم يأت بيان لتعبئة الفراغ يقول لا تفاوض...

طريق الصواب السياسي يبدأ أولا من الكف عن الاستمرار في عمليات "التدليس السياسي"، والاختباء خلف "شعارات" زائفة، و"طهرانية" فقدت عذريتها منذ زمن بعيد.

ما يحتاجه الشعب الفلسطيني، تطوير أدوات العمل لوضع كل المتفق عليه وطنيا على مسار التنفيذ، والتفكير الحقيقي العملي في كيفية الضغط الشعبي كي تصبح واقعا، والبدء لسحب الاعتراف المتبادل بين المنظمة وإسرائيل، على طريق فك الارتباط بدولة الاحتلال، وهذا يتطلب عمل جاد بعيدا عن الهروبية التي تعتقد ان قطاع غزة آمن.

لو هناك أزمة في تسميات "الجمع"، فهناك آلاف من الشهداء يستحقون أكثر كثيرا من شعارات تضليل لا أكثر، تقدم خدمة مجانية لدعاية الكيان!

ملاحظة: تصريحات نتنياهو عن الضفة الغربية "بلدنا ووطنا" هل تحرك فصائل "العرة السياسية" وقبلها من يسمي نفسه رئيسا لفلسطين ...هل يدرك محمود عباس أنه بعد هذا القول يصبح "مواطن" تابع لـ "الإدارة المدنية" لجيش الاحتلال...ياهوووووووووووووووو!

تنويه خاص: عدم ذهاب الوفد المصري الى بقايا الوطن رسالة غضب سياسية بطريقة مهذبة جدا لرفض "ولدنة" طرفي النكبة الانقسامية...وبعض من تيارات تتصابى في قطاع غزة!