إسرائيل تعلن الحرب على الفلسطينيين
تاريخ النشر : 2014-07-02 17:24

جميع تجارب ومحاولات العالم ومنظماته، لا يمكنها منع تنفيذ عمليات الاختطاف، رغم قسوتها وخطورتها، واحتمالات نجاحها أو تحقيق أهدافها، سواء كانت هذه العمليات لاختطاف مدنيين أو عسكريين إسرائيليين، ومع ذلك فإن أحداً لا يستطيع منعها للإفراج عن أسرى فلسطينيون ذاقوا الأمرين في سجون الاحتلال، رغم أنه من الأفضل تحقيق هدف الإفراج بالطرق السياسية والدبلوماسية، لكن إسرائيل تغلق جميع الأبواب أمام الإفراجات، حتى أن عدم التزامها بإطلاق الدفعة الرابعة من اتفاق إطلاق أسرى ما قبل أوسلو، قد تكون من بين أسباب عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة التي جرت بتاريخ 12-6-2014، فهناك من يُحمل مسؤولية اختطاف المستوطنين الثلاثة لرئيس الحكومة الإسرائيلية \"بنيامين نتنياهو\" لعرقلته إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى، كما أن وأده للمسيرة السياسية، وإغلاقه باب العملية السلمية شكلت رسالة واضحة تقول للفلسطينيين: إن الإفراج عن أبنائكم من المعتقلات الإسرائيلية ممكناً، من خلال عمليات الخطف\"، وحسب معلقين إسرائيليين إن ما يجري حالياً سيؤدي إلى انهيار مفهوم الأمن الإسرائيلي، ولكي يدفع \"نتنياهو\" المسؤولية بعيداً عن سياسته، ألقى بالمسؤولية فوراً عن عملية الاختطاف على الرئيس الفلسطيني \"محمود عباس\"، حتى أنه مقابل مواقف \"عباس\" المعتدلة، طالبه \"نتنياهو\" بفك ارتباطه مع حركة \"حماس\"، وإلغاء المصالحة معها، تحت ذريعة رفضها الاعتراف بإسرائيل، وبدعوتها لتدمير إسرائيل، ومقابل هذا الطلب فإننا نطالب\"نتنياهو\" بفك ارتباطه مع اليمين الإسرائيلي ووزرائه الذين يعملون على تدمير حل الدولتين،ويسعون لضم الضفة الغربية لدولة إسرائيل، وعلى رأسهم الوزير \"نفتالي بينت\"، فإذا كان لدى الفلسطينيين حماس التي تعارض الاعتراف بإسرائيل، فإن لدى إسرائيل بالمقابل اليمين الإسرائيلي الذي يتنكر لحقوق الفلسطينيين ولقرارات الشرعية الدولية، ولتذكير إسرائيل والعالم أن المنظمات اليهودية كانت تعمل بنفس الطريقة بل وأكثر بإطلاق سراح معتقليها من سجون الانتداب البريطاني، وأن قيامها بتفجير سجن عكا عام 1947 لإطلاق سراح أسراها مثالاً على ذلك.

إن السياسة الإسرائيلية غير عقلانية، فلعمليات التمشيط في الضفة الغربية أهداف تتجاوز البحث عن المخطوفين، ومن هذه الأهداف: احتلال الأراضي الفلسطينية من جديد، ولتبيان أنها صاحبة القول والقرار والسلطة في الضفة الغربية، وإعلان حرب على الفلسطينيين، تمهيداً لفرض السيادة التدريجية عليها، وإحراجاً للسلطة الفلسطينية، وإرضاءً للمستوطنين، ودق إسفين بين حركتي فتح وحماس، وللضغط على المواطنين الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم وبناهم التحتية، وقتل واعتقال الكثير منهم، ومداهمات وإغلاق فضائيات فلسطينية، والاستيلاء على حواسيب، ومصادرة وثائق، فقد مشطت أكثر من ألف مبنى ونفذت (21) عملية ضد جمعيات، واستشهاد ستة مواطنين، وإصابة المئات بجروح، واعتقال نحو ألف فلسطيني، وتكثيف التفتيش في الآبار والوديان والكهوف، فخسائر محافظة الخليل يوماً بلغت حسب محافظها محمد الحرباوي (12) مليون دولار.

لقد زجت إسرائيل في عمليات المداهمة والاعتقالات أربعة ألوية من الناحل وجولاني، وكفير، وقوات خاصة، وقوات مدرسة المشاة، ودورية رئاسة الأركان، ووحدة مكافحة الإرهاب، ودورية الكوماندو التابعة لسلاح البحرية، والقوات العسكرية التابعة لقيادة المنطقة الوسطى، ووحدة الكلاب المؤلفة من (80) كلباً فاق عددهم عن (12) ألف جندي، ومع ذلك لم يتوصلوا إلى طرف خيط في بحثهم عن المخطوفين، واليمين الإسرائيلي يطالب بالمزيد من الانتقام، بأخذ قرية فلسطينية بكامل سكانها وإبعادها إلى الأردن، وإغلاق المساجد، وقطع الكهرباء إلى غير ذلك من العقوبات التي جربت وفشلت، بل وتحويل المزيد من الميزانيات المالية للمستوطنين، الذين هم سبب البلاء.

لقد نقلت المصادر الأمنية الإسرائيلية، وفقاً لموقع \"واللا \" الإخباري الإلكتروني 15-6-2014\"، أن التقديرات الإسرائيلية تتهم القيادي في حركة حماس \"صالح العاروري\"- والمقيم في تركيا لأسباب قصرية- بأنه الذي خطط لعملية الأسر، وأن حماس الخارج هي الجهة المسؤولة عن عملية الأسر، وتحديداً \"العاروري\"، وهذه الاتهامات لا تستند إلى دليل قاطع، بينما كتب المحلل العسكري لجريدة \"هآرتس 22-6-2014\" \"عاموس هرئيل\"، أن الدلائل ضد قادة حماس بالوقوف وراء عملية الخطف ضعيفة جداً، وحسب الكاتب \"تسفي بارئيل\" فإن إسرائيل تقوم بحرب شرسة ضد حكومة الوحدة الفلسطينية، بيمنا يزعم \"نتنياهو\"- في اتصاله مع الأمين العام للأمم المتحدة، \"بان كي مون\"- أن لديه إثباتات تؤكد وقوف حماس وراء عملية الاختطاف، وهناك صحفي إسرائيلي لا يستبعد بأن عملية الخطف مفبركة، \"هآرتس 22-6-2014\"، فإسرائيل تعتمد على القوة، والمزيد من القوة، في تعزيز سياستها واحتلالها، وعلى تشريع القوانين العنصرية، للإطاحة بالحقوق الفلسطينية، سلاح لم يحقق لها أهدافها، بل أنه يرتد عليها.

النائبة من حزب البيت اليهودي \"أوريت ستروك\" طلبت من رئيس حزبها المشارك في اجتماع مجلس الوزراء المصغر حسب \"معاريف 22-6-2014\" أن يقلب الموجة بشكل كامل، بشكل يجعل الفلسطينيين يركضون خلفنا، ويتوسلون لنا، بدلاً من أن نركض خلفهم، عبر اعتقال جميع قادة حماس، كورقة مساومة للإفراج عن المخطوفين، وإعادة مفرجي صفقة شاليط إلى السجن، وهذا حصل فعلاً، ووزير الاستخبارات \"يوفال شتاينتس\" في تصريح له طالب بعدم إعفاء السلطة الفلسطينية من المسؤولية عن عملية الاختطاف، مشيراً إلى أن السلطة لم تثبت أنها شريك لعملية السلام، وحتى تصريحات الرئيس الفلسطيني، التي أدلى بها بالمؤتمر الإسلامي بالسعودية، غير كافية، مع أن \"أبو مازن\" خاطر وعرّض نفسه لانتقادات شديدة، لعدم ربط خطابه بالانتهاكات الإسرائيلية، وبتعطيلها لعملية السلام، وبعدم التزامها بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، و\"نتنياهو\" يعلق على تصريحات \"أبو مازن\" بأنه يريد أفعالاً وليس أقوالاً، ومن يسأل \"نتنياهو\" ماذا قدم للفلسطينيين؟ إنهم يطالبون ويستمرون بالاستيطان والاحتلال وما يتفرع عنه، دون أن يغيروا شيئاً من مواقفهم الرافضة لكل شيء.

هناك مؤشرات تذمر من قبل الإسرائيليين داخل الخط الأخضر ضد المستوطنين، وبأن الاستيطان والمستوطنين يؤثرون على حياتهم الاقتصادية والأمنية، باستنزاف الاستيطان للاقتصاد الإسرائيلي، وشمل هذا التذمر إطالة عملية التفتيش العسكرية عن المخطوفين، التي أخذت مدة طويلة، ودون نتائج، وحسب موقع \"واللا الإخباري 20-6-2014\" فإن جنود الاحتلال أخذوا يشعرون باليأس والإحباط والتعب والإرهاق وحرارة الشمس، في مواجهتهم المدن والقرى العربية، وجمع المعلومات، وتفتيش المنازل والعبث بمحتوياتها، وهناك في إسرائيل من يعتبر الأسرى الثلاثة قد فارقوا الحياة، فالبحث والتمشيط، لردع الشارع الفلسطيني من القيام بمظاهرات مضادة، فمقولة قلب حجر على حجر للبحث عنهم ثبت فشلها، والحل لجميع المشاكل يتوقف على إنهاء الاحتلال، وحل المشكلة الفلسطينية.

إن \"أبو مازن\" استنكر عملية الخطف، وكرر إدانته لعملية الخطف ثلاث مرات، وأكد على استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل، هذا التنسيق الذي أكثر ما يهم إسرائيل، فإن \"أبو مازن\" يتعرض لانتقادات شديدة من أطراف فلسطينية مختلفة، حتى أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح \"جبريل الرجوب\"، اعتبر أن عمليات الخطف، الطريقة الوحدة التي تفهمها إسرائيل وهي الأسلوب الفعال لتحرير الأسرى، فالوزير \"يعقوب بيري\" رئيس جهاز الشاباك سابقاً قال أنه لا يوجد خيار أمام إسرائيل سوى المفاوضات للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، بينما كان الرد اليميني على \"أبو مازن\" من قبل الوزير \"نفتالي بينت\"، باعتبار أبو مازن \"إرهابي\"، فعملية الاختطاف جاءت تعبيراً عن الإحباط والمعاناة والقهر الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال، لكن الإسرائيليين لا يشعرون بمعاناة الفلسطينيين، فماذا بالنسبة لأمهات وذوي المعتقلين الفلسطينيين، خاصة الإداريون منهم، فكيف على الفلسطينيين الشعور مع أمهات المخطوفين، ولا يوجد أدنى تجاوب مع أمهات الأسرى الفلسطينيين، فاتهام الرئيس \"أبو مازن\" بالخيانة لتجاوبه ضد عملية الخطف، لم تحظ بأي تجاوب عملي من قبل إسرائيل، إذا كان بالنسبة للأسرى الفلسطينيين، أو على مستوى القضية، في الوقت الذي استغلت به إسرائيل عملية الاختطاف، للخروج من مأزقها السياسي على الساحة الدولية، وهنا نتساءل..... ألم يحن الأوان لإعادة المفاتيح كما وعد الرئيس في ظل هذا العدوان الإسرائيلي؟