"القشّة بتعلّق غرقان"
تاريخ النشر : 2019-05-26 20:16

تحركت المياه الراكدة مجددا في ملف المصالحة الداخلية الفلسطينية, وبدأ الوفد المصري يستطلع المواقف ويتحدث عن زيارة قريبة إلى قطاع غزة لاستئناف جهود المصالحة الفلسطينية, وبات الأمل يراود الفلسطينيين مرة أخرى بعد ان وصلت جهود المصالحة لطريق مسدود, فالشعب الفلسطيني يتعلق كالغريق بالقشة التي يمكن ان تقوده لبر الأمان, ويبني آمال كبيرة على المصالحة التي يؤمن بأنها ستؤدي إلى التقليل من معاناته ومشكلاته الحياتية والمعيشية, وتمتن من مواقفه السياسية في مواجهة كل المخططات والمؤامرات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية, ومحاولات تصفيتها وفرض أمر واقع جديد على الفلسطينيين, لذلك يرى الشعب الفلسطيني ان أولى خطوات الحل للتغلب على هذه المشكلات, تحقيق المصالحة الفلسطينية.

الوفد المصري قال انه سيقوم بزيارة إلى قطاع غزة بعد عيد الفطر مباشرة لاستئناف جهود المصالحة الفلسطينية, مستغلا حالة التوافق الواضحة بين موقف السلطة الفلسطينية وحركة حماس حول رفض ما تسمى بصفقة القرن, ورفض ورشة البحرين التي دعت إليها الإدارة الأمريكية, لتحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية إلى مجرد قضية إقتصادية تحتاج لحلول للمشكلات الإنسانية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني, والحلول تكمن حسب مخططهم في كونفدرالية مع الأردن, ورفع القيود عن قطاع غزة, وتحسين أوضاع الناس المعيشية, وكأن كل هذه التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا الفلسطيني على مدار عشرات السنين كانت تهدف فقط للبحث عن لقمة العيش, وتحسين أوضاع الناس, ونسوا ان شعبنا يقاتل وسيبقى يقاتل من اجل حريته.

عوامل كثيرة تدفع الفلسطينيين للتمسك بالقشة التي قد تنجيهم من الغرق, ليس أكثرها أهمية الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها الناس, لكن تلك التحديات والمخططات التي تكاد تعصف بالقضية الفلسطينية فالورشة التي دعا إليها ترامب لتنعقد في المنامة, هي رأس حربة بصفقة القرن, فمن الأهمية بمكان ان تتحول القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية إنسانية يتم البحث عن حلول اقتصادية لها لإخراجها من أزماتها, وكأننا شعب يناضل من اجل الطعام والشراب والرفاهية المعيشية, وكأن كل تلك الدماء التي سالت على تراب فلسطين سالت من اجل تحسين الأوضاع المعيشية, ليست فلسطين هي التي تناضل وتقدم التضحيات من اجل ذلك, فالدماء التي سالت لا تقدر بمال, ولا بثروات الأرض كلها, هذه الدماء ثمنها الاستقلال والحرية.

نحن أصحاب رسالة, عنوانها ما قاله الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله تعالى عنه لرستم قائد الفارس, عندما عرض عليه رستم ان يعود من حيث أتي دون قتال, وسيرسل له المال والزاد ومتاع الدنيا بما يرضي المسلمين ويزيد عن حاجتهم, فرد عليه الصحابي الجليل بكلمات خالده قال فيها " لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فمن قَبِلَ ذلك منا قبلنا منه، وإن لم يقبل قبلنا منه الجزية، وإن رفض قاتلناه حتى نظفر بالنصر", نحن أصحاب رسالة ومتاع الدنيا الزائل ليس هدفا وغاية لشعبنا, سنبقى نناضل حتى نحرر أرضنا ومقدساتنا.