"فك الارتباط" بإسرائيل والحالة الفلسطينية ...!
تاريخ النشر : 2019-05-26 09:17

كتب حسن عصفور/ منذ 4 سنوات، وفي عام 2015 قررت الهيئات المركزية الرسمية الفلسطينية، انها تدرس "فك الارتباط" بإسرائيل ووقف العمل بالاتفاقات الموقعة معها، ردا على عدم التزامها بتنفيذها، الى جانب مجمل الانتهاكات، كما جاءت رد فعل بعد اغتيال الشهيد الوزير زياد أبو عين على الهواء مباشرة، خلال مشاركته في مسيرة ضد الاستيطان، ما أحرج قيادة فتح (م7)، وكذا قيادة السلطة، فأعلنت انها قررت بحث "فك الارتباط".

وخلال السنوات الأربعة الماضية، كررت الهيئات المختلفة ذات الموقف، بل وشكلت لها لجان ووضعت آليات لبحث تلك القرارات من الحكومات وكذا تنفيذية مجلس مقاطعة رام الله، وكلما أصابها عطب ما، وانكشف عدم صدقها السياسي، تلجا لتجديد "التهديد باستخدام سلاحها السري" بوقف العلاقات وتحديدها.

وسنفترض أن ما تقوله قيادة "التحالف العباسي" وحكومته صدق، وبأنهم سيذهبون للإعلان ذلك خلال اللقاءات القادمة للمركزي المفترض أن يعقد بعد نهاية شهر رمضان (كأنه صيام سياسي عن الصدام أيضا)، فهل يمكنهم حقيقة تنفيذ أي من التهديدات التي لا تنتهي منذ سنوات، في ظل القائم السياسي راهنا.

ولنتوقف مع الخطوات التي على التحالف السياسي الحاكم في بعض مناطق شمال "بقايا الوطن" تنفيذها، من القرارات الرسمية:
*اعتبار المرحلة الانتقالية لاتفاق اعلان المبادئ عام 1993 – 1995 وصلت الى نهايتها، ما يتطلب، وقف العمل بكل مسميات السلطة الفلسطينية واستبدالها رسميا بدولة فلسطين، وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، بكل ما يتطلب ذلك من إجراءات سياسية وقانونية، خاصة الاعتراف المتبادل.

* وقف التنسيق الأمني بمضمونه وشكله الذي ابتعد كثيرا جدا عما جاء في نصوص الاتفاقات، وأصبح وظيفة لخدمة المنفذين وليس لخدمة السلطة والفلسطينيين، وهذا الاجراء قد يمثل الرسالة الأهم – الأبرز لفك الارتباط، ودونها يبقى الشعار هو الحاضر.

*إعادة النظر في العلاقات الاقتصادية، ولعل ذلك يمثل ضربة كبيرة للكيان، لو تم تطبيقها، وتمثل عنوانا للبعد الانفصالي وفك الارتباط، لكن الواقع يشير الى عكس ذلك تماما، بل أن العلاقات يبدو أنها تتعزز، وجاءت فضيحة "طحينية السمسم" لتكشف الواقع الكارثي لتلك العلاقات.

ثلاث عناصر رئيسية هي التي تحدد مضمون فك الارتباط أو استمراره، والسؤال المركزي، هل يمكن حقا القيام بذلك الاستحقاق الوطني، في ظل المشهد الفلسطيني الراهن، الذي يعيش حالة من الانهيار والهوان.

تنفيذ تلك القرارات سيقود حتما الى مواجهة شاملة مع دولة الكيان، في الضفة والقدس وربما قطاع غزة، عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وربما تفتح سجلات الأمن الإسرائيلي للكثير من "الأسرار والعمل الأسود"، ما يتطلب رؤية استراتيجية مضادة، فهل هناك وجود لتلك الرؤية السياسية – الأمنية والاقتصادية.

كل الشواهد تقول خلافا لذلك، بل المؤشرات لا تذهب الى القيام لتنفيذ أي من تلك القرارات، وسيتم الاستمرار بالحديث عنها، مع الاختباء وراء رفض الخطة الأمريكية كلاما، والعمل على تهيئة الأجواء لها عمليا.

في ظل الانقسام والشرذمة السياسية لا يمكن أبدا رسم خطة مواجهة كفاحية، ولا يمكن استنهاض الشعب الفلسطيني وهو يعيش في زمن فاق تعبير الخالد الشهيد المؤسس أبو عمار الذي قال يوما وصفا لحال بأنه "زمن رديء"، فحال اليوم أكثر رداءة بكثير.

انقسام لا يقف عند حد الانقسام الكلامي فقط، بل يعيش تصادم شمولي وفي كل المجلات، مطاردة الآخر، واعتباره "مخربا"، وحصار مركب داخلي وخارجي وحركة تجويع ممنهجة، وغياب أي حضور كفاحي ميداني في الضفة والقدس، وتحول مسيرات غزة وكأنها أصبحت "وظيفة" وليس دورا كفاحيا لهدف واضح.

تغييب المؤسسات الرسمية وقتل حضورها، واستبدالها بالحضور الفردي للبعض منها أحد مظاهر تؤشر لعدم البحث عن أسس مواجهة، أو القيام بأي خطوات عملية لتطبيق قرارات فك الارتباط مع إسرائيل.

من يريد فك الارتباط حقا، عليه إعادة رسم خطة مواجهة تبدأ، بترتيب البيت الوطني، من غزة جنوبا الى جنين شمالا، مرورا بالتخلي عن كل الذرائع التي تشجع استمرار الانقسام، وهناك عشرات الأفكار لكسرها.

لكن، هل حقا الرئيس محمود عباس شخصيا يريد القيام بأي خطوة لفك الارتباط مع دولة الكيان، وهل لديه "القدرة الشخصية – السياسية" للقيام بها حتى لو رغب بها، هل لديه من الأسلحة للتعامل المباشر مع تلك القرارات، وهل يمكن ان يتحمل نتائج فتح ملفات أمنية خاصة جدا، بدأت بعض ملامحها مع إعادة نشر صحيفة عبرية لتقارير عن تورط نجله ياسر بأعمال غير شرعية، وهي منشورة في صحف من سنوات ماضية، وهل يمكنه تحمل حصارا خاصا كما حدث مع الشهيد الخالد...

المسلة ليست ان تقول كلاما في مهرجان او حفلة إفطار رمضانية، او تصريح لشخص فقد ظله من زمن بعيد، بل هل بك ما يمنح القرارات فعل...تلك هي المسألة، كل المؤشرات تقول إن "تحالف عباس السياسي" لا يملك أي مؤشر لتنفيذ فك الارتباط في المدى المنظور، وربما عكسه ما يحدث تعزيزا لارتباط لحسابات قد تنكشف لاحقا!

الدجل السياسي طريقه قصير جدا...ولنا في الأيام القادمة جوابا!

ملاحظة: اتهام أجهزة أمن رام الله الفتاة "آلاء بشير" بأنها خططت لتنفيذ عملية أمنية في إسرائيل لصالح "داعش" يحتاج تدقيق قانوني وسياسي وليس خبرا في اعلام العدو...فالمسالة أخطر من القاء تهمة لتبرير خطأ اعتقال!

تنويه خاص: د. صائب عريقات لا يتوقف عن الكلام، رغم انه أمين سر تنفيذية مفروض أن تلتقي لتقرر، يطالب العرب أن يرفضوا ما يرفض عباس ويقبلوا ما يقبل، أنت جد بتحكي صائب، طيب شو موقفه من العلاقة مع الكيان!