من يدخل الجنة.. ومن يدخل النار؟
تاريخ النشر : 2019-05-21 14:19

لأن بيننا من نصّبوا أنفسهم «وكلاء الله على الأرض»، واحتكروا توزيع «صكوك الغفران» كيفما تشاء أهواؤهم أو تقتضى مصالحهم، أصبح تنظيم «داعش» الذى يقتل الأبرياء ويسبى النساء ويهدم الأوطان هو رمز الإسلام، والواجهة المتطرفة التى نقدمها للعالم، لأنه لم يجد من يخرج ليكفّره، بينما احترف البعض تكفير الأقباط والمفكرين والمبدعين!. أصبح بعض المشايخ يحملون سيوفًا مسمومة، لتُطير أعناق من خدموا الإنسانية، واحترفوا وصم الآخرين بالكفر والزندقة، ورفعوا أنفسهم إلى مصاف «أنصاف الآلهة».. ليقرر بعضهم (من يدخل الجنة ومن يدخل النار).. من يُقتل لأنهم قرروا أنه مرتد أو تارك للصلاة، ومن يُتوج «خليفة للمسلمين» لأن خزائنه لا تنفد من المال والذهب!.

لهذا لم يكن غريبا أن يخرج علينا أحد الإعلاميين على إحدى القنوات الفضائية، ليقول إن الأم «تريزا» التى كرّست حياتها لخدمة الفقراء والمرضى والمحتاجين، وكانت ترى أن الإنسان لن يحاسب فى النهاية على كم المال الذى جمعه أو شهادات الدبلوم التى حصل عليها، ولكن سيحاسب على «هل أطعم جائعًا.. أو كسا عاريًا.. أو آوى مشردًا».. قد ظهر داعية هندى متطرف، وعندما سألوه: (على فرض أن المسلمين فقط هم من سيدخلون الجنة، ما مكانة أرواح الجيدين من الناس غير المسلمين مثل الأم تريزا أو غاندى؟).. فجاء رد الداعية الهندى: «بأن الأم تريزا كانت تقدم أعمالا جيدة جدا وحققت فيها درجات عالية، ولكنها رسبت فى (باب الإيمان بالله)، والله لا يغفر الشرك به، وذلك وفقا لما ذكره فى القرآن: (إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا)»!!. نحن لا نعلم شيئا عما يصل الهند ولا الشرق الأقصى من الإسلام، لكن يبدو أن ما وصلهم أسوأ ما فى التراث الدينى، وفتاوى الحض على الكراهية والقتل والترويع ونفى الآخر.. وبالتالى لم ير الداعية الهندى أن الأم «تريزا» كلفها الله وسخرها لخدمة الإنسان من كل الأديان وفى شتى بقاع الأرض.. وأن «الإيمان» من عدمه هو أمر يحسمه الخالق عز وجل وحده.. وأن الطريق ما بين الجنة والنار ليس شأنا دنيويا، ويجب ألا يتدخل فيه البشر بزعم أنهم «الأعلم» لأنهم دعاة أو علماء.. فبعض العلماء تصدروا قوائم الإرهاب التى ارتكبها الإخوان ضد الأبرياء العزل. قد نطرح نفس السؤال الغبى، ونسأل أنفسنا رغم علمنا بالآية الكريمة: (ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما) «سورة الفتح- الآية 14».. هل يتدخل البشر فى مشيئة الله عز وجل، ويقسمون غفرانه ورحمته أو عذابه وفقا لإراداتهم ورغباتهم؟!.

فهل تدخل «ماما ماجى» النار، وهى الراهبة القبطية الأرثوذكسية بنفس منطق السقوط فى مادة «الإيمان»، وهى التى حددت أهدافها بعبارة واحدة: (أنت لا تختار أين تولد، ولكنك تختار أن تعيش الخطية أو القداسة، أن تكون لا أحد أو أن تكون بطلا، وإذا أردت أن تكون بطلا فافعل ما يطلبه الله منك أن تفعله).. ونذرت نفسها للعمل الخدمى، وأصبحت جندية تحارب الفقر والجهل والمرض.. وأمام الضعف والعوز لم تفرق ماما «ماجى» بين مسيحى ومسلم.. وفى عام 1985، أسست «ماما ماجى» مؤسسة «ستيفن تشيلدرن» الخيرية، ومن خلال جمعيتها أسست 92 مركزًا توفر الرعاية والتعليم لأكثر من 18 ألف طفل، والمساهمة فى توفير العلاج لأكثر من 40 ألف حالة مرضية سنويًا. «من يدخل الجنة.. ومن يدخل النار؟».. سؤال لا يعرف إجابته إنسان ولو كان يوحى إليه كالأنبياء.. فما بالك ببشر أخذ من التراث المحنط جنود الشر وأسلحة التكفير الشامل.. فمجرد إجابته بتكفير مؤمن لم يشق صدره ليختبر درجة إيمانه هو خطة قد تقرب من أجاب من «جهنم» فى الآخرة بعدما أشعلها على الأرض!.

عن المصري اليوم