قبور الأحياء تستغيث بأسرانا البواسل !
تاريخ النشر : 2013-10-29 12:24

الادب العالمي عرف الأسر بقبور الاحياء و تجربة السجن هي التجربة الانسانية النضالية التي ولدت في عتمة وظلام الأقبية والزنازين وخلف القضبان الحديدية ، وخرجت من رحم الوجع اليومي والمعاناة النفسية والقهر الذاتي ، وهي التي تترجم مرارة التعذيب وآلام التنكيل وهموم الأسير وتوقه لنور الحرية وخيوط الشمس.

ففي جحيم السجن ودياجير الظلام الدامس، يمتشق السجين قلمه ليحاكي واقعه وحياته الجديدة ويغمسه في الوجدان ليصور تجربة الأسر والمعاناة اليومية، ويسطر ملاحم الصمود والتحدي والبطولة، في نصوص لا أصدق ولا أعذب ولا أجمل منها.

الأسر ، السجن او المعتقل ، مصطلحات ومعاني واضحة لحجب الحرية وسلبها من الانسان الذي خُلق من اجلها ، فالأرض كلها ، بجميع تضاريسها وجغرافيتها وخطوط طولها وخطوط عرضها وخط إستوائها ، بأوديتها وأنهارها وبحارها ومحيطاتها ، بثلثها البري وثلثيها المائيين ، الارض كلها للأنام ، كلها للانسان ، الذي وُجد لاستعمارها .

ولكن في وضعنا الفلسطيني ، نقف امام احتلال إسرائيلي يستعمر الارض والانسان ، يسرق الماء والهواء ، يسلب حريتنا وحرية أرضنا ، ولكننا وأسرانا البواسل نقف فوق رأسه وننزرع بأرضنا كأشجار زيتوننا ، ونتحدى أسرهم بارادة أبطالنا الاسرى ، وهذه هي حكايتنا مع الاسر . فنيلسون مانديلا احد اشهر زعماء الحرية في عصرنا الحديث قال بأن تجربته مع السجن والسجان أمر من العلقم ، ونحن الفلسطينيين تجربتنا مع الأسر وغياهب سجون الاحتلال هي العلقم بذاته .

يا له من مكان موحش ، يقف عليه سجانون اكثر وحشة من قلعة الاعتقال الذين بديرونها ، يقبع خلف هذه القضبان عشرات الآلآف من أسرآنا البواسل ، انهم ابطال فلسطين ، انهم أسرى الحرية ، انهم النضال بعينه وهم المناضلون ، عنوانهم القدس وبوصلتهم فلسطين ، يتحدون السجن والسجان ، بعضهم يقبع في زنازين انفرادية والبعض الآخر في كهوف اعتقال جماعية ، بعضهم يحشر في معتقل لا ببعد الا أمتار قليلة عن بيته وأبناء شعبه امثال سجن عوفر ، وبعضهم يسجن في قلب فلسطين التاريخية .

إن هذه الكوكبة من ابطالنا الاسرى يستحقون الاجلال والاكبار ، حتى انهم طوعوا السجن لصالح قضيتهم وعدالة نضالهم ، فاصبح الأسر يستنجد بهم ، ما ابلغ الوصف ، إن مكان سجنهم ومركز إعتقالهم يصيح ويستغيث بهم ، من الذي يسجن من ، الاسرى يعتقلون مركز أسرهم .

الاسرى ، ابطالنا المعتقلين ، أشاوس أُمتنا يعتقلون الأسر ، يرتجف السجن والسجان تحت اقدامهم ، قضبان وحديد وسلاسل السجان تنساب بين ايديهم ، من يسجن من ، هل الضحية تسجن الجلاد ، هل مسلوب الارض والحرية يسجن سالب الارض والحرية ، نعم ، ان إرادة الاسير الفلسطيني اقوى من جبروت الاحتلال وبطش السجان .

فالاغريق واليونان والرومان وكل الحضارات التي سبقتنا وصفت السجن والأسر بانه اصعب تجربة تمر في حياة الانسان ، سلب لحضارة المرء وتذويب لشخصيته .

فاعلموا انه مهما طال الليل ، فانتم المنتصرون ، فلا بد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر ، يا من تصنعون التاريخ ، انتم شمسنا الساطعة في سماء فلسطين ، نعلم ان ارادتكم اقوى من السجن والسجان ، ان كل أطياف شعبنا الفلسطيني ابتداءً من الاخ الرئيس ابو مازن ومروراً بجميع الفصائل الفلسطينية وانتهائاً بمزارع فلسطيني بسيط ، ينظرون جميعاً لكم بعين الأمل والحرية ، فانتم السمفونية المثلى في حياتنا ، فحريتكم هي أملنا جميعاً .