عُراة في الحضانة الأميركية؟
تاريخ النشر : 2013-10-29 09:52

إما ان تذهب الى العصر الحجري وإما ان تدخل الى العصر وعندها عليك ان تخلع ثيابك وتدخل عارياً الى الحضانة الاميركية حيث المراقبة اليومية الدائمة . تذكّر ما قد يخفف عنك، صحيح انك مجرد نكرة يخضع لرقابة الاخ الاميركي الاكبر في الحضانة الكونية، لكنك بالتالي مثل الكبار الذين يتعرضون لرقابة اكثر تدقيقاً امثال انغيلا ميركل وفرنسوا هولاند وفلاديمير بوتين وغيرهم من زعماء العالم، الذين تضعهم الولايات المتحدة تحت المجهر، فإن تنفسوا تعلم وإن اغتاظوا تسجّل وإن شتموا تفتح الدفاتر.
آخر ما تكشّف من المعلومات ان هناك 80 زعيماً [انعم واكرم] من العالم تحت المراقبة الاميركية ولهم امكنة مخصصة في الأذن الكبرى، لكن المثير ان رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس الاميركي مايك روجرز يقول ان على حلفاء اميركا الاوروبيين ان يعربوا عن شكرهم لا عن غضبهم ازاء ما سمّوه تجسس الولايات المتحدة عليهم لأن "عمليات التجسس توفر الحماية لهم" هكذا بالحرف!
وفي حديثه الى "سي ان ان"، قال ان عليهم ان يعربوا عن شكرهم وامتنانهم لأن التجسس الاميركي عليهم يحافظ على أمنهم كما يحافظ على أمن الولايات المتحدة الاميركية والعالم. اما زميله في الكونغرس بيتر كينغ فقد طالب زعماء العالم الذين يثيرون الآن زوبعة من الاحتجاج على هذا التصرف بالإعتذار من واشنطن لأن وكالة الامن القومي الاميركية إستطاعت الحفاظ على ارواح الآلاف ليس في اميركا وحدها بل في اوروبا والشرق الاوسط عبر عمليات التجسس التي تقوم بها!
امام هذه الغطرسة الفظة هل من الكثير اذا قلت اننا فعلاً في حضانة دولية تديرها وكالة الامن القومي الاميركية، التي كشفت الوثائق انها تجسست على اكثر من 125 مليار اتصال هاتفي ورسالة الكترونية في شهر كانون الثاني وتحديداً في منطقة الشرق الاوسط. المضحك ان وفداً المانياً - فرنسياً سيزور واشنطن للاعتراض على هذا، لكنه اعتراض لن يغيّر شيئاً من المسار التجسسي الذي يتسع ليشمل كل انسان يقرر ان يلتحق بالعصر الذي تديره مجموعة من الشركات العملاقة، التي تضع بياناتها بتصرف وكالات التجسس الاميركية: "ياهو" "غوغل" "مايكروسوفت" "فايسبوك" "آبل" "يو تيوب" "سكاي درايف" "سكايب" "اي او أل" " بالتوك" .
آخر الاعلانات عن احد الهواتف الذكية انه يتعرف على بصمة يد صاحبه ويعتمدها مدخلاً للتشغيل، هذا يعني ان الاستخبارات الاميركية ستحصل على بصمات كل من يستعمل هذا الهاتف، اما الذين يستعملون صورهم الشخصية كمفاتيح للتشغيل في الهواتف الاخرى، فمن المؤكد ان صورهم محفوظة في سجلات وكالة الاستخبارات الاخ الاكبر... وعليك ان تختار إما العصر الحجري او الدخول عارياً الى الحضانة الكونية الاميركية!

عن النهار اللبنانية