هل يمكننا أن نتعلم الدرس ونستخلص العبر ؟
تاريخ النشر : 2019-01-18 02:14

لم يعد مفاجئا أو غريبا ما نعيشه من تراجع ملحوظ في الدعم العربي السياسي والاقتصادي تجاه قضية فلسطين وشعبها ، لأنه جاء متوافقا مع تطورات شهدتها المنطقة العربية تمت ترجمته في مواقف سلبية تناسبت مع اوضاعها الداخلية المتردية وكانت تعبيرا واقعيا لصراعات داخلية وحروبا أهلية احرقت الاخضر واليابس ، فانزوت لتعالج مشكلاتها واحتياجاتها .
لذا لم يعد في الامكان ما كان ، فقط حكومات عربية تحتج وتندد وشعوب عربية تلتزم الصمت المطبق غاب عنها ما كنا نحلم به من تعبيرات واحتجاجات تزدحم به وسائل الاعلام لتعاطف شعبي ضد اعتداءات صهيونية همجية مستمرة لم يشهد مثلها التاريخ على اماكن مقدسة لمئات ملايين البشر من المسلمين والمسيحيين فلا تكاد تجدها حتى في حكايات العواجيز ، بدأوها منذ أربعين عاما بإشعال الحريق في المسجد الاقصى مرة يتلوها مرة لمتطرفين ادعوا فيها بالجنون ، حينها فهموا الحكاية فلم يتوقفوا عن استغلال احتلالهم للمدينة المقدسة في حفريات وأنفاق في بحث عن أثر لهم لم يكن موجودا يوما عبر التاريخ ، ليدمروا ما استطاعوا من تاريخ الفلسطيني القديم والحديث ليسقطوه ، وليبنوا ما يدعونه ظلما وعدوانا ؛ هيكلهم المزعوم في محاولات لسيطرة عنصرية من حكومة متطرفة لا تقيم حسابا لقوانين أو اخلاق دولية في زمن هرولة نفر من بني العروبة من بني جلدتنا للتطبيع مع كيانهم الصهيوني .
تراجع نلوم فيه هذا الطرف العربي أو ذاك الاسلامي ، غير أن واقع حالنا ينبأنا بما آلت اليه أمور حاضرنا ومستقبلنا الذي أصبح على الجهل قائما بفضل من يبيع الوهم لنا، فلم يعد في الامكان ما كان ؛ فامتدت المأساة الى شعوب عربية لم يعد لها حول ولا قوة ، قد تعود أسبابه الرئيسية لمحاولات احلال صورة ذهنية مغايرة ترسبت آثارها السلبية على الجماهير العربية خدعتها تسريبات اعلامية مزورة استقرت في أذهان من يروجون لها حول ديمقراطية لكيان صهيوني عنصري يملك قدرات استثنائية في حماية بلدان من غيلان وهمية .
ومما رسخ هذا الاعتقاد تدخل بعضنا في شؤون الدول العربية بدون وجه حق فأدخلنا وسط صراعات اقليمية اثرت سلبا على قضية فلسطين فأضعفت التعاطف الشعبي تجاهنا .
غير ان خسارتنا لحاضنتا العربية قد يكون مرجعه تدخل بعض من فصائلنا عن جهل في شؤون داخلية لبلاد عربية لتقديرات خاطئة ولاعتبارات عاطفية ، و يمكن ارجاعه أيضا لنكون منصفين الى انشغال الشعوب العربية بأوضاعها وأزماتها الداخلية ، ولنكون أكثر وضوحا انهيار صورة الفدائي والمقاوم بسبب الانقسام الفلسطيني الذي ألقى بأثاره السلبية مما يجعلنا ندعي فيها باليقين ، القاصي منا والداني ، بأنها العامل الأهم في أنه لم يعد في الامكان ما كان ، بعد أن كانت القضية الفلسطينية ولعقود ممتدة تعتبر القضية الاولى والمحورية للحكومات والشعوب العربية لعبت فيها دورا بارزا في التأثير على مجريات الاحداث في المنطقة والعالم .
لذا لم يعد في الامكان ما كان ، واذا بقي هذا الحال سيمكن اسرائيل من الانفراد بكل طرف في أي صراع أو مباحثات للحرب والسلام على حد سواء ، وستجدد اسرائيل وتكثف سياستها الاستيطانية العنصرية في الضفة الغربية والقدس لقضم معظم الاراضي الفلسطينية لتحقيق سياسة الامر الواقع ، فلنحذر جميعا ولنواصل حواراتنا لنصل الى قرار موحد يشمل الجميع بدون تهميش لاحد او اقصاء لآخر ففي الاتحاد قوة وفي الفرقة الخسارة والندامة ، لنعود ونقول في الامكان ان يكون ما كان فتعود قضيتنا الى اولويات السياسات العربية والدولية . 
اذن هل يمكننا أن نتعلم الدرس ونستخلص العبر مما فات ونبدأ من جديد ؟