في حضرة الذكري ... ستكون حتما كلماتنا عاجزة
تاريخ النشر : 2019-01-13 20:56


( الشهيد صلاح خلف والشهيد هايل عبد الحميد والشهيد فخري العمري)

ثلاثة من القيادات والعقول غابوا عنا في ذات اللحظة ، لتكون الفاجعة أليمه .لكن صورهم ومواقفهم ما زالت نورا يضيء لنا طريقنا المظلم ، هم الأكرم منا جميعا إنهم حالة نضالية وثورية مميزة ولا شك أن كل شهيد أو جريح أو أسير فلسطيني ما هو إلا حالة خاصة نفخر بها ، أعواما طويلة مرت على خسارتهم ، فرغم رحيلهم منذ اكثر من ثمان وعشرون عاما إلا انهم ما زالوا عمالقة الثورة ، فقد كانوا عمودا من أعمدتها المتينة ، فأي فراغ تركتموه فينا في مساء الرابع عشر من كانون الأول يناير عام ١٩٩١م ؟؟.. لقد غيبتهم رصاصات الغدر ليرسموا خارطة فلسطين بدمائهم الطاهرة بتونس العاصمة، أثناء اجتماع كان يعقده الثلاثة في منزل هايل عبد الحميد في قرطاج، ففقدت بذلك منظمة التحرير والثورة الفلسطينية وحركة فتح ثلاثة من أخلص وأمهر قادتها ممن كان لهم سجل حافل بالتضحية والفداء والكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي على مدار الصراع حتى استشهادهم.
لم يكن وجودهم في إطار حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح مجرد وجودا عاديا، لقد كانت بصماتهم واضحة يشار إليها بالبنان فكانوا رجالا أبطالا سطروا أسمي معاني الحرية والصمود في زمن جاء فيه الأقزام ليتسلقوا على رقاب الشعب ويحرفوا بوصلة الثورة حسب أهواءهم ومصالحهم في ظل انقسام بغيض واحتلال ما زال ينهش في خاصرة فلسطين. فقد رحلوا في الوقت الأصعب التي تمر به القضية الفلسطينية في وقت التنازلات الصعبة التي يقدمها محمود عباس للاحتلال والتدخلات الخارجية لبعض الدول العربية والتي تسعي من خلالها لفرض سيطرتها علي بعض الأحزاب الفلسطينية .
يعتبر الشهيد صلاح خلف ثالث ثلاثة كانوا أساس الثورة الفلسطينية منذ تأسيسها(الشهيد ياسر عرفات، الشهيد خليل الوزير ، الشهيد صلاح خلف ) وقد اطلق عليه البعض لقب تروتسكى فلسطين ، كمبيوتر الثورة ، حيث كان ابرز أعضاء اللجنة المركزية واكثر شخوصها قدرة على اتخاذ القرارات الجريئة ، يرسم السياسات ويستطيع بناء التحالفات وإدارة التفاوض بحكمة بالغة ، صاحب نظرة ثاقبة لدرجة انه لقب أيضا بزرقاء اليمامة لهذا السبب ، استطاع دوما إنهاء إي جدل خصوصا في المؤتمرات واللقاءات السياسية الخاصة بحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ولم يسمح ابدأ بأي ضغوط تجاه الشعب الفلسطيني, واستطاع المحافظة على علاقة فريدة مع معظم رؤساء الدول العربية فأستحق بجدارة أن يكون مسئول العلاقات الخارجية بمنظمة التحرير الفلسطينية .
استطاع أيضا أن يدير العمل السياسي والعسكري بشكل متقن. فكان له دور فاعل في التخطيط لعملية ميونيخ، وقد وثق ذلك في كتابة "فلسطيني بلا هوية" إن الدافع وراء عملية ميونيخ كان رفض لجنة الألعاب الأولمبية إشراك رياضيين فلسطينيين في أولمبياد 1972، بحجة أن فلسطين واقعيا لا وجود لها، وكان الهدف لفت أنظار العالم إلى قضية فلسطين، والمطالبة بإطلاق سراح 200 أسير عربي وأجنبي، من السجون الإسرائيلية.
أيضا له دور بارز في إصدار مجلة فلسطيننا والتي كان لها دور هام في بناء ونشر الفكر التنظيمي الصحيح في الوطن والمهجر، فاستطاع نقل القضية الفلسطينية إلى العالم.
من أقواله المأثورة (عازمون على البقاء كشعب وسيكون لنا ذات يوم وطن.'، 'دوري كقائد ثوري أن أبث الأمل وأعزز بواعث شعبنا على مواصلة المعركة) .
لقد كان هؤلاء الشهداء وجميع شهداء فلسطين فصل رائع من فصول سفر الثورة الفلسطينية التي كتبها الشهيد صلاح خلف، فكانوا مثالا للقائد المميز والشجاعة والرجولة والأقدام، فامتشقوا السلاح مع رفاقهم دفاعا عن الوطن الذي ما أحوجه لأمثالهم في هذا الوقت.
لكي لا ننسي شهدائنا الأبطال.
لروحكم الطاهرة ألف سلام.