غزة... وخلاط الانقسام !!!
تاريخ النشر : 2019-01-08 23:49

اتمنى ان لا يكون الحديث عن غزة واهلها في اطار السجال والمناكفات والاختلافات ... وان لا تكون غزة واهلها على مذبح الخلافات والتباينات والتناقضات ... وزيادة مساحة البغضاء والكراهية .
غزة بتاريخها وباهلها ... وبمشوار نضالها وتجربتها الوطنية وما اكتسبت من خبرات ودروس تعرف الحقيقة ... وتبقى ابد الدهر حامية للمشروع الوطني ومحتفظة بكل مكتسبات الوطن وثورته وشرعيته الوطنية والتاريخية والمتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .
غزة واهلها لم يكونوا بالماضي ... ولم يكونوا بالحاضر ... وحتما لم يكونوا بالمستقبل بسوق المزايدة... لأنهم ليسوا للبيع ... كما القدس كما كل شبر من ارضنا الفلسطينية ... برغم حالة الفقر والجوع وتردي الاوضاع ومدى الحاجة الملحة للمتطلبات الاساسية والانسانية والحياتية ... الا ان اهل غزة ما يميزهم عبر تاريخهم انهم الاعزاء... والاكثر احتفاظا وحرصا لكرامتهم وعنفوانهم ومثابرتهم وصلابة مواقفهم ... غزة بكرامة اهلها وما يميزهم من شيم وصفات اكدوا عبر التاريخ انهم قادرين على الصمود لأجل الوطن الذي سيكونوا له فداء ... ولأجل الحرية ستكون الدماء ... ولأجل الكرامة يقدمون المهر دون تردد .
لا اتحدث عن غزة عن بعد ... ولا من قلب عاصمة ... ولا من خلال مصلحة ذاتية لإرضاء احد ... ولا حتى اغضاب احد ... بل اتحدث عن غزة واهلها بحكم حياتي كلها ومعرفتي بأهلها وأزقتها ومخيماتها .
غزة واهلها وانا احد ابنائها عشنا فيها صغارا وشبابا وبلغنا من العمر الكثير ونعرف كافة تفاصيلها وعائلاتها... ندرك بأن غزة واهلها لا يقبلون ... بل يرفضون أن يتم اقحامهم في خلاط الانقسام ... وان يتم استخدامهم دون ارادتهم او رغبتهم ... لأن غزة واهلها يستطيعون التحدث بصوت الاطفال والنساء والشباب وهم على موقفهم رافضين للانقسام... ومطالبين بالوحدة
... رافضين للمناكفات ومحاولة اثارة النعرات وارباك اوضاعنا بأكثر مما نحن عليه في ظل ازمات وكوارث لا تعد ولا تحصى .
غزة باهلها المحبين لبعضهم ... المتماسكين والمتالفين والمتحابين ... المتكافلين مع بعضهم البعض منذ عقود طويلة وما حدث بداخلهم نتيجة تعبئة خاطئة واصوات غير معبرة ... واعلام هابط لا يعبر بالضرورة بمجمل ما يقال عن ارادة الناس وتطلعاتهم وتحليلهم لواقعهم ورؤيتهم لمستقبلهم .
وحتى لا تدخلوا اهل غزة وتاريخها وحقيقة مواقفها بخلاط الانقسام المدمر لثقافتنا وعلاقاتنا ... المدمر لآمالنا وتطلعاتنا ... واهدافنا الوطنية الثابتة ... يجب على الجميع ان يعيد دراسة الموقف ... وان يستخلص العبر ... وان يقف موقفا شجاعا امام الذات حتى نحدد الخطوات وما يجب علينا عمله .
وهنا اذكر ببعض التقديرات والرؤى التي يمكن البناء عليها في تلك الوقفات...
اولا: اهل غزة التي يتحدث عنهم الجميع لا يكرهون احد الا اعداء الوطن المحتلين لوطنهم والسالبين لحريتهم .
ثانيا : غزة واهلها يمثلون شعلة النضال والثورة والمواقف الوطنية الثابتة عبر تاريخ الصراع وحتى اليوم وبالمستقبل.
ثالثا: غزة واهلها وعبر تاريخهم عامل وحدة ولا يمكن ان يقبلوا ان يكونوا عامل قسمة وتفتت وتشرذم .
رابعا: غزة بتاريخها ومواقف اهلها ضد كافة المشاريع المشبوهة منذ مشروع التوطين والتدويل والتي خرجت فيه غزة عن بكرة ابيها ... وحتى صفقة القرن وما بينهم وما يمكن ان يتولد منهم من مشاريع التقسيم والفصل .
خامسا: اهل غزة بتاريخهم ما بعد النكبة وهم شعلة النضال في ظل الادارة المصرية للقطاع ... وهم الداعم الحقيقي للشرعية الوطنية الفلسطينية المتمثلة بمنظمة التحرير ممثلنا الشرعي والوحيد ولا نحيد عن هذا الموقف المبدئي والثابت والمستمر منذ عقود طويلة وحتى يومنا هذا .
سادسا : اهل غزة بأغلبيتهم الساحقة هم شعب منظمة التحرير الفلسطينية وكل مواطن فلسطيني يعتبر عضوا بمنظمة التحرير وبالتالي فان المنطلقات الفكرية والايدلوجية بأغلبيتها فكر وطني قومي عروبي يؤمن بالوطنية والدولة الوطنية .
سابعا: غزة وبحكم علاقات اهلها مع بعضهم البعض وما يربطهم من علاقات القرابة والنسب والجيرة احرص ما يكونوا على وحدتهم ومتابعة همومهم والمطالبة بحقوقهم .
ثامنا: غزة وعلى مدار سنوات عمرها الحديث تحكمها ثقافة ابناء البلد والوطن الواحد والدين المشترك لأنهم ابناء القضية والثورة والنضال ضد المحتل الغاصب ولا يعرفون غير ذلك .
تاسعا: غزة واهلها هم الاوفياء والمخلصين والذين لا ينافقون ولا يكذبون في مشاعرهم ومواقفهم والامثلة عديدة من خلال محطات نضالية يطول الحديث فيها .
عاشرا : ما يجري في اطار اللامعقول لا يعبر عن غزة واهلها ... بل انه فعل غير مقبول وخارج عن ثقافة هذه الارض وعن علاقات الاهل والاسرة الواحدة ... مما يجعلنا امام موقف المسائلة حول الدوافع والاهداف الحقيقية التي تقف وراء مثل هذه التصرفات التي نستهجنها ونرى فيها تصرفات وسلوكيات لا تعبر عن شعبنا وعلاقاته وتماسكه .
نخطئ كثيرا ونصيب قليلا ولا يتحدث احد عن الاخطاء ... وكأننا كالنعامة التي تضع راسها بالرمال ... ولا تريد ان ترى من حولها ... فالقادم خطير ويجب علينا ان نعيد صياغة فكرنا ومواقفنا وسياساتنا وان لا يصاب احد منا بالغرور وعظمة القوة... وعلينا بقراءة تاريخ الشعوب وانظمتها والتي سوف تعطي لنا الدرس الواجب... حتى ندرك الحقيقة... وحتى لا تغيب عنا في زحمة تصريحات غير مسؤولة وغير مبررة تزيد من حالة الاحتقان ولا تساعد على السلامة المجتمعية والوطنية التي نحن بأمس الحاجة اليها .