بصمة "الغزي" و الـ 100 دولار القطرية!
تاريخ النشر : 2019-01-08 10:50

كتب حسن عصفور/ بالتأكيد ليس من حق الانسان المحاصر، الذي لا يجد قوت يومه ضمن واقع لا شبيه له، في عالمنا، أن يرفض ما يمكن أن يأتيه مالا شحيحا يساعده، ولو الى حين لإطعام أطفاله، ولذا لا عتب على أي غزي يقف منتظرا ساعات ويقبل شكلا من الاهانات كي يحصل على الـ 100 دولار التي قامت قطر، عبر مندوبها السامي محمد العمادي، بتوزيعها مؤخرا، في مشهد يكشف عمق المأساة التي تضرب القطاع.

وأيضا، لا جرم في أن تصل أموالا، الى قطاع غزة دون السؤال عن أهدافها، وغالبا لا أهداف بريئة، فعالم العمل الخيري الإنساني المجرد لا مكان له في عالم الصراع وتأسيس مناطق نفوذ، فكل مال يصل له هدف ما، بشكل ما واداة ما، حتى المال القادم من خزينة السلطة، والمفترض انه حق ومقابل عمل ومن ضرائب الشعب، بات مرتبطا بخدمة الحاكم الفرد.

ولكن، ما لا يقبل، او بالأدق يجب ألا يقبل، تلك المشاهد اللا إنسانية التي يتم بثها للعالم عبر وسائل الإعلام العالمية والمحلية، حيث يقوم مندوب قطر بالتفتيش الذاتي على مستلمي تلك المساعدات "الإنسانية جدا"، أو أن يتم اجبار المواطن، أن يقوم بالبصم على وصل الاستلام، في عملية مهينة لا سابق لها، توقيع تأكيد لتوقيع آخر، مع تسجيل رقم الهوية الخاصة.

والكارثة السياسية لا تقتصر على المشهد اللا إنساني في لحظات الانتظار أو الاستلام، لكنها في فرض "البصمة" شرطا للتوقيع، وتكتمل الفضيحة عندما نعلم أن تلك الكشوف مع البصمة، تسلم نسخا كاملة عنها للجهاز الأمني الإسرائيلي، لتحديث معلوماتهم عن أهل القطاع، وتخزين بصمات من لم تعد قادرة تلك الأجهزة على الوصول إليهم.

ربما حماس غير قادرة على رفض بعض شروط قطرية، منسقة مع دولة الكيان شرطا لإدخال تلك الأموال عبر مطار تل ابيب، لكنها بالتأكيد يجب أن ترفض كليا شرط البصمة، أو أن تسلم نسخ منها للأمن الإسرائيلي لتحديث بياناته عن أهل القطاع، التي خسر كثيرا منها بعد الانسحاب من قطاع غزة.

ولعل ما قامت به صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية بنشر ما قالت انها بصمة الناطق باسم داخلية حماس إياد البزم، تكفي كمؤشر ليس لخطورة ما تقدم الكشوف المالية التي يسلمها المندوب القطري للأمن الإسرائيلي، بل الإهانة لشخصية لها اعتبارها الخاص، الى جانب إظهار أن المال لا يوزع على من يستحق فقط، بل على بعض من أعضاء حركة حماس، ولو كان الخبر والصورة غير دقيقة فكيف صمتت حماس على تلك الإهانة.

والإشارة الى "بصمة البزم"، ونشرها إعلاميا في دولة الكيان، سواء كانت حقيقة ام ادعاء، ليست سوى مؤشر الى كيفية استخدام الأمن الإسرائيلي للهدية القطرية التي تقدر بمال بات معلوما، وأن الثمن المدفوع ليس فقط من أجل تعزيز الحضور القطري في القطاع، بل المساعدة المباشرة لخدمة أمن العدو الوطني.

السؤال الى قيادة حماس، وربما الى قيادة كتائب جناحها العسكري، هل المال القطري المشروط يستحق الثمن المدفوع، تلك مسألة ليست تفصيلية، بل هي جزء من معركة شاملة، ما دام الحديث عن مواجهة أشمل مع عدو... وهل البصمة دون غيرها يجب أن تكون توقيعا، بعيدا عن المشهد غير الإنساني خلال عملية "التوزيع".

هل ما يحدث شكلا من اشكال "التعاون الأمني" مدفوع الثمن... مسائل وجب التفكير بها بعيد عن "ضغط الحاجة الإنسانية"!

ملاحظة: بيان رأس الطغمة الحاكمة في تل أبيب نتنياهو حول شبهات الفساد التي تطاله وأسرته، تكشف انه فقد بعضا من توازنه، وربما يساعد في الخلاص منه...بيان فقد عقله، رغم ذلك هو درس للبعض الفاسد الحاكم في بقايا الوطن!

تنويه خاص: يبدو أن رئيس الكنيست الإسرائيلي فهم سريعا مغزى تصريحات رئيس سلطة المقاطعة محمود عباس أنه لا دولة فلسطينية خلال الـ 15 عاما القادم، فأكمل القول بأن "حل الدولتين" الأمريكي أصلا لم يعد واقعيا...معقول هيك حكي صدفة!