رداً على نتنياهو: الدولة الواحدة أمر واقع !
تاريخ النشر : 2014-06-08 18:19

تناقلت وسائل الإعلام العبرية تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يرفض فيه فكرة الدولة الواحدة من البحر إلى النهر، وأضاف بأنه يؤمن بفكرة " الانفصال عن الفلسطينيين "، وأنه يريد طابع يهودي للدولة إلى آخر هذه الأحلام ..

أقول إنها أحلام لأن الفصل للفلسطينيين غير ممكن عملياً من الناحية الجغرافية، فالشعب الفلسطيني رغم كل خطط العزل والتهجير والترحيل ظل صامداً في حيفا ويافا والقدس وغزة والجليل وصفد والناصرة ونابلس والخليل وبيت لحم .. أين سيذهب نتنياهو بشعب كامل ؟!

لكن الحركة الصهيونية التي ينتمي لها رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي أخذت على عاتقها مهمة ( تحرير ) ( أرض إسرائيل ) من ( المحتلين والغزاة ) العرب، قد فهمت مبكراً أن ترحيل الشعب الفلسطيني بالقوة ودفعة واحدة هو أمر لن توافق عليه دول العالم بما فيها الولايات المتحدة، ولهذا وضعت الحركة الصهيونية خطة طويلة الأمد تهدف إلى تكثيف الاستيطان، وعزل الفلسطينيين في كانتونات مفصولة عن بعضها، وفرض العقوبات الاقتصادية عليهم من أجل إفقارهم وتحويل حياتهم إلى جحيم لتأتي الخطوة الأخيرة الاستراتيجية في طرح خيار توطين اللاجئين في أماكن ولادتهم أو في دولة ثالثة مثل كندا أو أستراليا.

وللتخلص من الهم الإداري للسكان الفلسطينيين، وافقت إسرائيل على تكوين سلطة حكم ذاتي تقوم بمهمة ( فصل ) السكان الفلسطينيين عن الإسرائيليين، بمعنى آخر، أن الحركة الصهيونية ترفض أساساً الاعتراف بالشعب الفلسطيني كشعب له جذور في هذه الأرض، بل تعتبرهم بقايا الغزو العربي والإسلامي لأرض إسرائيل !

الصهيونية تعتبر السلطة أداة لتنفيذ الفصل العنصري لضمان عزل الفلسطينيين، والاستمرار في تضخيم ما يسمى بالمفاوضات التي توحي بأن دولة فلسطينية سوف تقوم على حدود 67، بينما الاستيطان يستمر منذ توقيع أوسلو وحتى اللحظة، دون تتخذ السلطة أي إجراء من شأنه أن يحل أزمة الصراع على الأرض بين الشعب الفلسطيني ( والشعوب ) الإسرائيلية ! أما رموز السلطة وأبواقها الإعلامية فهم مجرد مقاولون لتنفيذ الأبارتهايد " الفصل العنصري ". جيتو غزة، جيتو القدس الشرقية، جيتو الخليل، جيتو حيفا، جيتو يافا، جيتو الناصرة، جيتو نابلس .. وإلخ.

 

ما لا يريد نتنياهو الاعتراف به هو حقيقة وجود دولة واحدة على الأرض بحكم الواقع ( De Facto )، فالأسطول البحري الإسرائيلي يفرض حصاره على غزة مثلما تفرض الدبابات الإسرائيلية حصارها على رام الله، مثلما تفرض قوانين إسرائيل تمييزاً عنصرياً ضد فلسطينيي 48.

أين سيذهب نتنياهو من خيار الدولة الواحدة من البحر إلى النهر ؟! إنها موجودة الآن على أرض الواقع من رفح حتى الناقورة، وحقيقة ما يجري على الأرض هو عدم قدرة إسرائيل على السيطرة الداخلية المباشرة على بعض مناطق العزل، مثل غزة. أين سيذهب نتنياهو بـ 12 مليون فلسطيني ترتبط جذورهم بالأرض منذ أن كان ( إيل ) إله الكنعانيين !

هل يعرف نتنياهو معنى كلمة إسرائيل ؟ هل يعرف ماذا يعني المقطع ( ئيل ) ؟! وهل يعرف نتنياهو ماذا تعني كلمة نتنياهو ؟! ( نتان = أعطى )، و ( ياهو = إله بني إسرائيل ) ليصبح معنى الاسم ( أعطى الله ) أو المقابل بالعربية ( عطا الله ) !

لكن ( ئيل / إيل ) ليس إله بني إسرائيل، بل إله الكنعانيين منذ 3300 قبل الميلاد، وبالتالي فإن الاسم ( إسرائيل ) يعتبر امتداداً للثقافة الكنعانية التي يرفض ( عطا الله ) الصهيوني الاعتراف بها !

ماذا يقصد نتنياهو بالطابع اليهودي للدولة ؟! هل يقصد عطلة يوم السبت ؟ أم عيد الكيبور ؟ أم عيد الشجرة ؟ هل هذه السفاسف تحتاج إلى عنف وإرهاب وقلع شعب من جذوره وحروب دامية طوال 66 عاماً ؟ في الهند توجد حوالي 100 ديانة ولكل ديانة طقوسها، فماذا لو تخيلنا أن ديانة ما ( الهندوسية ) قالت أننا نريد طابعاً هندوسياً للدولة ؟! هل كان هذا الإجرام ليجد صداه ؟ اليهود ليسوا شعب واحد بل ديانة اعتنقها الأثيوبي الأسود والألماني الأبيض. اليهود كديانة هم جزء من أي شعب في العالم. لا يوجد شيء اسمه الشعب اليهودي !!

في سويسرا ثلاث قوميات وهي من أغنى دول العالم نسبياً، والسؤال، لماذا اليهود بالذات لا يستطيعون التعايش مع غيرهم ؟ هذا الكلام لا يقصد به كل اليهود، بل تحديداً اليهود " الصهاينة " الذين يؤمنون بتعاليم التلمود ( احرق ودمر كل الآخرين غيرك ) !

العنصرية الصهيونية هي آخر عنصريات التاريخ، وهي تطمح إلى تطهير عرقي جديد ضد الفلسطينيين في كل لحظة، لكننا ( هنا باقون .. في اللد والرملة والجليل .. باقون كأننا عشرون مستحيل ! )

لن يسود السلام في فلسطين ولا في العالم طالما وجدت عنصريات كالعنصرية الصهيونية التي تعادي جميع شعوب الأرض، وتعتبر كل " الجوييم " غير بشر، لأنهم هم وحدهم شعبه المختار !