في سبيل البقاء
تاريخ النشر : 2014-05-29 04:36

لأنها الثورة, الحرية, لأنها الحياة, و لأنها أتت من طين وطنٍ ينمو عليه الابطال, و منه الزنابق والاشجار, وله يفدي الاسرى بحرياتم و الشهداء بدمائهم, فلسطينية هي بالكوفية تتوشح عند الفجر لتذهب و تتفقد اشجار الزيتون, تتفقد السماء و تسرح بها بأقصى درجات الخيال, لتصل الى الجنون العاقل في التأمل و التفكر, و الوصول الى السلام, مناضلة مقاومة تجيد تنظيف السلاح و حمله اكثر من الرجال اذا سنحت لها الفرصة, و تجيد امتطاء الحصان و مسابقة الريح, بل مسابقة الموت ايضاً و تحدي الواقع بالخيال. اناث الوطن هن حريته, روحه, سلاحه, مضمضات جروحه وقت الحاجة فهن من طينه و من ضلوع ابنائه.

اذا اسرت قلبك احداهن, بسحر عينيها و كحلها الاسود القاتم, و نظرة شموخ وطن لم و لن يسقط, نزلت عليك لعنة الهوى, لعنة لن تشفى منها الا بموتك, لعنة تجعلك لا ترى غيرها, تعشقها في الواقع و الخيال, بالمنطق واللامنطق, لعنة تجعلك تغرق في خيال عيّنيها, فعينيها وطنٌ اخر, حرية, ثورة, تمرد, عشق, تملك غموضاً لا يفك شفراته الا من يجيد السباحة في البحر الميت. يديها ليست بتلك النعومة, فهما يحملان جروحاً و نتئات وطن تائه, و صراخ نكبة, نكسة , حربين, انقلاب وانقسام, جروحها كانت ايضاً اثر لتسلقها اشجار الزيتون لتحلق بتلك الحمامة البيضاء التي رأتها في صغرها, رأتها و حلقت معها خيالياً و عندما صعدت على غصون الشجرة سقطت واقعياً و كسر فيها عرق الخيال الخصب و اصيبت بفوبيا الخيال, منعتها من الاستمتاع به فطرة, لكن اذا لزم الامر تمردت على خوفها المكتسب و كسرت ذلك الحاجز الوهمي العفن الذي يفصلها عن عالم تلك الحمامة التي طالما حلمت بها.

وصفوها بأنها ناقصة عقل و اكتماله محال,قالت بدون تردد, تصف أمك, حريتك, ضلعك بنقصان العقل ألي بسؤال, أتعقد أنك الأحق بالسيادة و القيادة و العمل و الحدادة, لأنك فقط الذكر فيكن لك نصيب من الكمال, حسناً أقول لك أنك ناقص الرجولة وما دمت بهذا العقل صدقني اكتمالها محال, انا انثى افتخر بجنون ورثته عن وطن لفظني منه عنوة و بحنان, وسماري الذي ورثته من شمس بحر و حقول قضيّت فيها أجمل و أشقى أيام حياتي, تمديّنت قبل ظهور المدينة و تعلمت الشقاء و رسمت من مفتاح جدي نقش حنة أبدية على تجاعيد عقلي في سبيل البقاء.

نسائنا يناغمن الوطن بشجنهن الموسيقي الروحي, النابع من العقل المجنون و القلب العاقل, موسيقى الحرية, يرقصن على اوتارها صعوداً الى حمامات السلام هناك فوق الغيوم, بعيداً عن ضجة حماقات الآخرين, يرسمن من خطواتهن خريطة طريق, خريطة للعودة, رؤوسها مفاتيح, و لا تخلو من العقابات الشياطانية, التي تسكنها لعنة الواقع و خيال المنطق, لكن سرعان ما يطرن من فوقها بمساعدة سجادة منسوجة من خيوط احلامهن واهدافهن الخيالية, يعلمن أنهن في نهاية الطريق سيجدن ما كانوا يردن, السلام, فلهذا يآمنّ بالموسيقى و الحرية, فالموسيقى لغة السلام و الحرية روحه !