الإنتخابات والحكومة والمصالحة: أولويات وآليات
تاريخ النشر : 2014-05-28 01:40

 العلاقة بين الإنتخابات و الحكومة والإنتخابات والمصالحة علاقة تكاملية ، وبالموافقة على تشكيل حكومة فلسطينية واحدة أيا كانت تسميتها كما يحلو للبعض أن يسميها ، المهم لدينا حكومة واحدة ، هذه الخطوة لا شك في أهميتها لأنها فكت لنا لغز البيضة والدجاجة من أولا ، الحكومة أم الإنتخابات. ، سنجد إن المصالحة هى الناتج للتوافق السياسى ولإجراء الإنتخابات أى أن المصالحة أو التصالح الحقيقي لا يمكن الوصول إليها بدون إجراء الإنتخابات ، واما الحكومة فهي إجراء مؤقت ولفترة زمنية لأن هذه الحكومة ليست هى الحكومة الفلسطينية التي تهدف إليها المصالحة ، ومن ثم قيمتها فقط بما تقوم به من وظائف محدده ، ولفترة زمنية قصيرة يفترض إن لا تتعدى ستة أشهر على أكثر تقدير وإن كان غحتمال غستمرارها قائم، وهنا تكمن أهمية خطوة أن تتحول إلى حكومة مصالحة حقيقية . أما إذا نظرنا إلى الإنتخابات فهى ليست مجرد إجراء مؤقت ، بل هى ركيزة ومبدأ أساسى للمصالحة وعلى أساسه يتم إعادة بناء المنظومة السياسية الفلسطينية بكاملها على أسس من الشراكة والتوافق السياسى . فهدف الإنتخابات هدف ثابت لا يتغير بإجرائها لمرة واحده ، بل هى ثابت متجدد في المنظومة السياسية الفلسطينية ، وهى الهدف والوسيلة الثابتة لقيام نظام ديموقراطى . وبدونها تفقد كل المؤسسات السياسة الفلسطينية شرعيتها التمثيلية . وهى تجسيد لإرادة شعبية ، فعبر الإنتخابات يقوم الشعب وخلال فترة زمنية متفق عليها بتجديد تفويضه السياسى لمن يراه ألأقدر علي تحقيق آماله وأهدافه الوطنية ، وقادر على تلبية والإستجابة لمطالبه وإحتياجاته المادية والرمزية . وإذا تساءلنا لماذا الإنتخابات ؟ والسؤال بصيغة أخرى هلى تملك المؤسسات السياسية القائمة شرعية سياسية تؤهلها للإستمرار في آداء مهامها ؟ بل وألأهم من ذلك لا أحد يمكلك تفويضا في تقرير مصير هذا لشعب . وبعبارة أخرى نحن في حاجة للإنتخابات في هذه المرحلة المصيرية ليس من أجل إنهاء الإنقسام فقط والترسيخ لمصالحة توافقية يحدد أسسها الشعب الفلسطينى ، بل لأن هناك قضية واحده ، وهناك إحتلال إسرائيلى واحد لكل الأرض الفلسطينية ، وهناك شعب واحد ، ولا يجوز في غياب الإنتخابات مثلا القيام بعمليات التفاوض لان فيها تقرير لمصير شعب بأكمله. وكذلك لا يمكن ربط ورهن القضية الفلسطينية وخياراتها حتى المقاومة وهى خيار شعبى دون أن تملك كل المؤسسات الفلسطينية شرعيتها ، بمعنى آخر لا يملك أحد تقرير خيارات الشعب الفلسطينى دون أن تكون له شرعية سياسية ، ولا يملك أحد إصدار قوانين وتحديد هوية الشعب الفلسطينى دون شرعية. ، . الإنتخابات لها أكثر من وظيفة جوهرية : أولا تجديد شرعية كل المؤسسات السياسية القائمة ،لأن فترة التفويض السياسى التي منحتها لها الإنتخابات السابقة قد إنتهت ، ومن ثم البديل لذلك هو شرعية ألأمر الواقع المستند على القوة ألأمنية والأذرع العسكرية للتنظيمات . وثانيا الحاجة لإعادة بناء النظام السياسى الفلسطينى بكل مكوناته علي أسس من الشرعية السياسية وهى التي تعنى في أوسع معانيها القبول الشعبى بمن يحكم ويمارس السلطة.وثالثا وحدانية القضية الفلسطينية تستوجب وحدانية السلطة السياسية . ورابعا انه في مرحلة التحول العربى والتحول نحو الإصلاح السياسى تصبح الإنتخابات حتمية تفرضها هذه التحولات ،ليس فقط على المستوى الإقليمى بل والدولى من منطلق أساسى وهو أن القضية الفلسطينية هى نتاج لتحولات إقليمية ودولية ، وإذا لم ترقى القضية الفلسطينية إلى مستوى أبعادها ومكوناتها الإقليمية والدولية ستبقى القضية تدور في دائرة ضيقة صغيرة من الإنقسام الذي تكمن هنا خطورته ، وهذا ما ينبغى التنويه به أنه سيلتهم القضية ذاتها ، فالإنقسام السياسى ثمنه القضية والشعب نفسه . ولا يقاس بوجود حكومة هنا أو هناك أو بإنجازات مادية ، ولا بقدرة على دفع رواتب ، ولكن المعيار الحقيقى هو الإنجاز السياسى المرتبط بقيام الدولة الفلسطينية ، وإنهاء الإحتلال ، ويكفى إن نسأل هل الإنقسام ينهى إحتلال ، او يقيم دولة ؟ وأخيرا أن الإنتخابات لها وظيفة مهمة ولها علاقة بالمستقبل السياسى الفلسطينى الذي نفتقده في ظل الإنقسام ، وهو أن الإنتخابات لا تعنى فقط التوافق السياسى ، ووجود حكومة شرعية ، بل يعنى توافقا سياسيا على الرؤية السياسية ، وعلى برنامج العمل السياسى ،الذي من شأنه أن يوفر إطارا للحركة السياسية لأى حكومة في المستقبل حتى لا يتكرر خيار الإنقسام السياسيى من جديد، من قناعة وخلاصة تاريخية أنه يكفى إن تقوم بإنقلاب واحد حتى يقود إلى ثان وثالث. وهذه المرة قد لا يقتصر على فريق دون الآخر. لكل هذه ألأسباب نرى أن الإنتخابات هدفا حتميا لا بد منه ، وان الشروع في إجراء الإنتخابات تقتضيه المصلحة الوطنية الفلسطينية ، حماية القضية الفسطينية والحفاظ على الهوية الوطنية للشعب الفلسطينى .