عتبات النضال الجديدة و صراع الأرض
تاريخ النشر : 2014-05-26 11:41

مرت السنوات وخاض الفلسطينيون صراعاتهم يمينا ويسارا، فمن صراع عقب النكبة عام 1948 تجلى في السعي الحثيث لإثبات الوجود والكيان والشخصية والهوية الى صراع الحق وإقراره عبر ممارسته بالقوة على الأرض، وطرق كل أبواب العالم.

اتخذ الصراع العربي – الاسرائيلي، وفي مقدمته أو طليعته الفلسطيني أبعادا سياسية وأخرى عسكرية وثالثة اعلامية وجماهيرية كلها سارات لغرض تحقيق الشخصية والهوية والكيانية ولتثبيت الحق الفلسطيني، ولربما يجوز لنا القول أن هذين الصراعين قد أثمرا ، فأسقطا مجموعة من الأساطير الاسرائيلية والمتحالفة معها.

لقد استطاعت الثورة الفلسطينية وحركة فتح بعد 50 عاما من النضال والصراع المرير الذي دفعنا فيه آلاف الشهداء والأسرى والجرحى أن تسقط عددا من أكاذيب الصهيونية، فأسقطت مقولة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) التي أطلقها المخرّف الصهيوني (اسرائيل زانغويل) في بداية القرن العشرين ليشرعن اغتصاب بلادنا يعد لأن يغتصب عقول الناس، كما أسقطت مقولة المتصهين وزير الخارجية الامريكي في الخمسينات جون فوستر دالاس أن (الكبار يموتون والصغار ينسون) فما نسينا ولن ننسى، كما أسقطت استهتار وتهكم غولدا مائير رئيسة وزراء (اسرائيل) في الستينات من القرن العشرين المولودة في أكرانيا عندما قالت: من هم الفلسطينيون ؟ لا يوجد ، فنحن الفلسطينيون، كما أسقطت مقولة وزير الحرب الاسرائيلي الاسبق موشي ديان أن الثورة الفلسطينية أو حركة فتح (في يدي كالبيضة أكسرها متى أشاء)، واليوم تسقط أساطير الاسرائيليين التي يحاول (نتنياهو) واليمين الفاشي بعثها من غبار التاريخ المكذوب بأنهم (شعب) قديم وأن لهم (أرض) هي فلسطين، ما كذبه بالمطلق علماء الآثار كما كذبه شلومو زاند المفكر الاسرائيلي المتحرر.

اننا اليوم وأمام حلم العودة لمن هُجّروا في العام 1948 نقف متفكرين في ظل اتساع نطاق النضال وانفتاحه على عتبات كثيرة ، فلم تعد الأهداف والغايات مرتسمة من فوهة البندقية فقط، أو من التحشيد السياسي لوحده، أو بالحراكات والانتفاضات الميدانية فقط، وإنما أطلت علينا مجموعة من الصراعات التي يجب أن نقف لنحدد آليات التعامل معها بفكر ناشط ومتجدد.

إننا أمام : صراع البقاء والثبات والمقاومة والمقاطعة والصمود والاستمرار وما يستتبعه هذا من شرائط كثيرة أولا ، وصراعنا العلمي/الزراعي التقاني (التكنولوجي) مقابل تفوق "الدولة" الاسرائيلية التي تتحدى بفكرها وعقولها وصناعاتها وزراعاتها العالم ثالثا، ونحن أيضا أمام صراع الرواية التاريخية وهي صراع الأرض أيضا التي يتبجح بها (نتنياهو) وإضرابه عندما يقول بوقاحة عن الفلسطينيين (كيف يجرؤون ألا يعترفوا بالدولة اليهودية ؟ إن هذه الأرض لا تعرف غيرنا) وما صدق بالمطلق وهذا ثالثا ، أما رابعا فإن أمامنا أن نشمر عن السواعد لنجر القطار العربي الذي توقف بفعل "الربيع" العربي، والذي نحن في القاطرة الأولى منه.

أما أخيرا فإن علينا التفكير والتأمل وإعادة النظر مليا في حقيقة انطباق المشاريع السياسية القائمة مع الواقع المتغير في غير صالحنا ما يستوجب النقد والدرس والعبرة، فلعلنا نسير في الاتجاه المعاكس لحركة التاريخ دون أن ندري.