الدعم المالي لغزة أهو للناس أم لحماس؟!
تاريخ النشر : 2018-10-11 11:32

كتب حسن عصفور/ لا يوجد أسرار كثيرة في السبب الذي أدى بدولة قطر لأن تدفع ثمن الوقود للكيان لإيصاله الى محطة كهربا قطاع غزة، حيث جاء ذلك ضمن "إتفاق دولي" بمشاركة أمريكية إسرائيلية إقليمية على الخطة التي أعدها المبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف ( كان لفترة قصيرة يعتبر صهيوني عند حماس ولا نعرف الآن شو صفته)..

وبعد ساعات من ذلك، خرج بيان قطري مفاجئ ليعلن عن تقديم 150 مليون دولار كدعم إنساني للقطاع، لكن البيان حدد بوضوح، أنه سيتم "تفعيل هذه الحزمة من المساعدات من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهات الأممية المعنية". هذا الشرط الواضح تأكيد أن المال القطري هو جزء من تلك الصفقة التي وافقت عليها واشنطن وتل أبيب، ونظريا لن تصل تلك الأموال مباشرة الى "خزينة حماس".

قطر وعبر بيانها تؤكد أن الدعم هو لأهل القطاع وليس لحركة حماس، وليس دعما نتاج رضوخ العالم لمسيرات العودة، كما تدعي بعض الأصوات التي تبحث عن "إنتصارات خاصة"، لتبرر ما سيكون لاحقا من آثار لذلك..

الدعم الإنساني هو جزء من صفقة سياسية، وبيان قطر مؤشر قاطع على ذلك، و يجب أن يكون لأهل القطاع، وأن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من سيقوم بتوفير فرص عمل، والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية التي يعشيها سكان القطاع نتيجة الحصار..

لم يعد مهما أن توافق سلطة رام الله أم لا توافق على الخطة، فهي عمليا اصبحت طرفا غير ذي صلة بتطورات الأحداث، وسقطت كل "صرخات" أن المفتاح بيد الرئيس ولن تمر أي خطة بدون موافقته، لكن ما حدث أكد أنه ليس سوى مفتاح "ابو لمعة"، شكلي هامشي، لا قيمة له بعد أن سقط "الغطاء الإسرائيلي" عنه..

مع البدء في أرسال أموال الدعم الى القطاع، أعيد فتح ملف لمن سيكون الدعم حقا، بعد أن تم دفع ثمن الوقود كاملا لمحطة الكهرباء، المواطن الغزي يتساءل، هل سيتم تخفيض فاتورة الكهرباء بما يتناسب والدعم المعلن، أم أن حركة حماس ستستمر في جباية المال كما كان دون الأخذ بعين الإعتبار أن ثمن الوقود ليس منها، بل هو دعم معلن..

بات من الضروري بحث مسألة الدعم، وكيف للمواطن الإستفادة منه، وان يذهب الى الغاية التي من أجلها تم، وهنا، لا يجب الخلط بين أي دعم سيقدم لحماس بصفتها الفصائلية، وبين ما سيقدم لأهل القطاع، ويجب الفصل والتحديد بينهما، ومطلوب تقديم كشف حساب عما كان من دعم عام لأهل القطاع، في السنوات السابقة..

من حق حماس أن تقوم بكل ما تقوم به سلطة رام الله من جباية وغيرها، لكن قبل ذلك عليها ان تحدد ما هي طبيعة السلطة القائمة في القطاع، وبأي حق يتم تحصيل الضرائب أو الجباية من أهل القطاع، ما لم تذهب الى "خزينة عامة"، وهل هناك "خزينة معلومة" وتحت الرقابة تذهب اليها أموال الضريبة والجباية العامة، ام انها تتصرف بها وكأنها "خزينة حزبية"..

ولأن الدعم حق للمواطن، عليه أن يعرف ايضا لما لا يتم تخفيض أسعار الكهرباء وفقا لنسبة الدعم، وهو ما يجب أن يسري على كل قطاع يتم تقديم دعما له، مع ضرورة وجود آلية رقابة ومساءلة لتلك الأموال..

ولكي لا يتم الخلط بين ما لحماس وما للناس، هل يجب التفكير بتشكيل "لجنة وطنية خاصة" للإشراف على أبواب النفقات لأموال الدعم، ومعها أموال الضريبة والجباية، وكيفية صرفها..

تشكيل "لجنة خاصة" للتعامل مع "الدعم الإنساني" تمثل شكلا من اشكال الحماية السياسية لعدم الذهاب بعيدا في مسألة الإنفصال الوطني، من خلال ترسيخ "كينونة خاصة" في القطاع، وستكون حصنا في وجه أي مناورة تحاول أمريكا ودولة الكيان تكريسها عبر أبواب الدعم المالي..وهي لا تمثل مسا بحقيقة سلطة الأمر الواقع في القطاع، لكنها بالتأكيد تحاصر أي نوايا سياسية تقف خلف الدعم المالي الذي قفز عن "الشرعية الرسمية"..

بلا شك سيكون لهذه اللجنة دور كبير في تحديد أوجه الإستفادة من تلك الأموال، وفقا لمصلحة المواطن الغزي، وأن لا تذهب في غير ما خصصت من أجله..

مسألة يجب أن تسارع قيادة حماس من أجلها كي لا تثار كثيرا من أسئلة حول لمن يذهب الدعم، وأين وكيف يتم التصرف به..لو كانت مصلحة أهل القطاع هي الهدف!

ملاحظة: فجأة غاب المتحدثون الرئيسيون لسلطة رام الله عن الرد على مال قطر الذي تجاوز مقر المقاطعة..صمتهم حتما ليس حكمة بل قصر ذيل مع دولة يدها طويلة في حلق "أبو لمعة"!

تنويه خاص: مشهد قد يكون كافيا لأن تعرف قيادة حماس حجم الكارثة في قطاع غزة، عندما يتقدم مئات من خريجي الجامعات لوظيفة في مخبز..طبعا لا عيب في العمل بس أكيد مش هيك كان الأمل!