هكذا يكون الانقلاب
تاريخ النشر : 2014-05-25 10:51

كان أول من وصف ما حدث فى تايلاند بأنه انقلاب هو الجنرال برايت تشان أوتشا، القائد العام للجيش، الذى قام به، والذى تولى بنفسه بعد ذلك صلاحيات رئيس الوزراء، وبالطبع ثارت ثائرة «العالم الحر» ضد ما حدث تماماً، كما حدث حين خرجت الملايين من الشعب المصرى تطالب بإسقاط نظام حكم الإخوان فى مصر فاستجابت القوات المسلحة لإرادة الجماهير.

فرغم التباين الصارخ ما بين الموقفين إلا أن ردود الأفعال الغربية تكاد تكون متطابقة، وهو ما يشير إلى سطحية التمسك بالقيم الديمقراطية والانتقائية الواضحة فى اتخاذ المواقف، فما أبداه بان كى مون، سكرتير عام الأمم المتحدة، وما أبدته ألمانيا وفرنسا وأستراليا من قلق إزاء ما حدث فى تايلاند يكاد يكون هو نفس القلق الذى ظهر فى مواقفهم بعد الثورة الشعبية التى حدثت فى مصر يوم 30 يونيو الماضى وأدت إلى سقوط حكم الإخوان يوم 3 يوليو.

إن تلك النظرة السطحية لخصوصية دول العالم الثالث، والتى لا تختلف عن وجهة نظر السائحين الذين يأتون للبلاد للتفرج على الآثار القديمة، بلا أى علم سابق بظروفها الحالية، تكون مخجلة حقاً حين تأتى من حكومات رسمية يفترض أنها تتابع التطورات السياسية فى الدول التى تتعامل معها بشكل دقيق.

تلك النظرة السياحية هى التى ميزت موقف كل ذلك «العالم الحر» لمجرد أن أداة التغيير فى مصر كانت الجيش، بلا أدنى مراعاة لأن أداة التغيير الوحيدة الفاعلة فى دول مازالت الحياة الحزبية فيها ضعيفة هى الجيش، وكان ينبغى أن يكون السؤال ليس ما هى الأداة التى أحدثت التغيير، وإنما عن مدى تعبير هذا التغيير عن إرادة الجماهير، فإرادة التغيير هى المعنى الحقيقى للديمقراطية.

فارق آخر ميز تجربة تايلاند عن التجربة المصرية كان أن الجيش فى تايلاند تولى الحكم بنفسه، بينما وضع الجيش فى مصر، مع بقية القوى الوطنية، خريطة للمستقبل تسعى لتمكين الدولة المدنية من الحكم عن طريق دستور ديمقراطى جديد وانتخابات رئاسية تليها انتخابات نيابية يختار فيها الشعب من يحكمه.

ولأن الولايات المتحدة كانت أول من وقع فى خطأ التعامل مع ثورة 30 يونيو باعتبارها انقلابا، فيبدو أن ما تعرضت له من نقد عرض مصالحها مع مصر للخطر، فقد كانت أول من اعترف الآن بالفرق بين ما حدث فى تايلاند وما حدث فى مصر، فقد نفت وزارة الخارجية الأمريكية وجود تشابه بين الحالتين، مؤكدة أن الظروف تختلف ما بين تايلاند ومصر، وقالت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية إن واشنطن تنظر لكل من الحالتين على حدة وبشكل مختلف.

لقد جاء انقلاب تايلاند ليعلم ذلك «العالم الحر» ما هو الانقلاب وكيف يكون، وذلك بعد حوالى سنة على ثورة الشعب المصرى التى سموها انقلابا.

عن المصري اليوم