لحظة عار..!
تاريخ النشر : 2014-05-24 10:34

كتب حسن عصفور/ من اتيح له، صدفة متابعة جلسة مجلس الأمن يوم الخميس الماضي 22 مايو (أيار) 2014، حول مشروع قرار قدمته حكومة فرنسا بخصوص المسألة السورية وتحويل ملفها الى "المحكمة الجنائية الدولية" تحت يافطة قيام النظام بارتكاب "جرائم حرب"، لوجد أن المهزلة السياسية لم يعد لها حدود، بل وأن "استغفال الأمم والشعوب" بات ظاهرة سياسية تمارس وكأن العالم في حالة تيه لا بعده تيه..

ليس مهمتنا مناقشة مدى صواب أو كذب ما قدمه الحلف الأميركي الغربي وبعض أطراف عربية، ذلك الملف، وليست هي جوهر القضية التي يقف أمامها الانسان العربي، رغم كل ما يحيط بالأزمة السورية من عقد وتعقيد، آن آوان البحث عن حل خارج الصندوق الجاري صناعته في محور الشر الأميركي، الا أن الأهم لنا كشعب فلسطيني، وشعوب عربية ما تحدثت عنه مندوبة الولايات المتحدة الأميركية سيمانثا باور، عن "جرائم الحرب المرتكبة في سوريا" وكيف أن "الضرورة الانسانية تستدعي تحويل الملف الى "الجنائية الدولية" لمحاسبة من ارتكب تلك الجرائم، وشنت هجوما غير عادي ضد روسيا الاتحادية والصين الشعبية لاستخدامهما الفيتو (حق النقض) لابطال مفعول مناورة امريكا – ومحورها..

المندوبة الأميركية، لملمت كل مناديل اعضاء مجلس الأمن والصحفيين الحاضرين لتمسح دموعها الباكية على أطفال سوريا وشباب اصيب بالحرب، وعلها كادت أن تصاب بجلطة قلبية لولا رعاية الرب، وهي تقدم احد ضحايا الحرب، الذي وقف مشدوها وهو يرى أن مندوبة أمريكا تتحدث عما اصابه..خطاب صالت وجالت به المندوبة الأميركية، ولم تنس أن تصف الموقف الروسي – الصيني بالنفاق وحماية المجرم..

لن نتوقف عند ما قالته، باور، تلك الأداة البائسة عن روسيا وسوريا والصين، فلهم القدرة الكبيرة للرد عليها بأنجع من كلامات في مقال، الا ان العار الذي ربما شعر به كل "وطني" فلسطيني و"تحرري" عربي هو ذلك الاستهبال العام لكل من تابع المشهد، والذي تجاهل عبر أكثر من 66 عاما كارثة الشعب الفلسطيني، وذلك الكيان الذي هو أصلا نتاج جريمة حرب، بدأت باغتصاب وطن، وتهجير شعب، وضمن القانون الدولي الذي تقف تحت ظلاله المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، فالكيان الاسرائيلي سرق أكثر من نصف ارض دولة فلسطين التي أقرها قرار التقسيم عام 1947، ولا يبرر تلك السرقة العلنية، رفض طرف فلسطيني للقرار، فالسرقة – الجريمة لا تبرر تحت أي غطاء، خاصة وأن الأمم المتحدة صاحبة القرار لم تقم بالغاء القرار، حتى عندما وافقت على قبول عضوية دولة الكيان فانها اشترطت عليها تنفيذ قرار 194 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وهو أيضا لا زال قائما حتى تاريخه كقرار شرعي ورسمي، كان يجري تأكيده سنويا حتى بداية المفاوضات العربية مع دولة الكيان في مدريد عام 1991..

قرارن لهما وحدهما شرعية اعتبار دولة الكيان خارج القانون، ويشكلان مشروعية تحويلها الى "الجنائية الدولية"، لكن بعض من "حكام" الأمة تجاهلوا تلك الحقيقة السياسية، وليكن ذلك، فما ارتكبته لاحقا تلك الدولة الاغتصابية من جرائم حرب لا حصر لها، ولا زالت مستمرة بها دون أن يرتعش لأي ممثل أميركي في الأمم المتحدة رمشا واحدا، وكأن كل ما تقوم بد الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب لا صلة له بذلك..

لكن العار السياسي الحقيقي ليس ما تقوم به أمريكا، فهي كانت ولا تزال "رأس الحربة" لكل عدوان وغزو على الشعوب، وكانت ولا تزال رأس الحية الذي يبث سمومه في جسد الأمة وشعوبها من المحيط الذي سيعود يوما هادرا، الى الخليج الذي سيشهد وقريبا جدا أكبر حالة "تمرد" على سياسة أمريكا، العار السياسي هو قيام صاحب القرار الرسمي الفلسطيني بتعطيل حق شعب فلسطين في ملاحقة دولة الكيان على جرائمها المرتكبة ضده، جرائم الحرب من قتل انسان واغتصاب أرض واستيطانها رغم أنف اهلها والعالم، ولا نعتقد أن الاتحاد الأوروبي بوصفه النشاطات الاستيطانية بجريمة حرب كان يصيغ كلاما عاطفيا، جرائم الحرب لدولة الكيان لا يفوقها اي دولة فوق هذه المعمورة..

الكارثة الكبرى هو عدم قيام القيادة الرسمية للشعب الفلسطيني باستخدام القانون والحق لتحويل ملف تلك الدولة الى المحكمة الجنائية الدولية، رغم أن بعض مفاوضيها لا يكلون ولا يملون عن الصراخ بارتكاب اسرائيل جرائم حرب، لكنهم يصابون برعشة هلع وشلل شامل كلما دعا فلسطيني الى تحويل ملف جرائم الحرب الاسرائيلية الى المحكمة الجنائية الدولية بعد أن اصبح لـ"فلسطين الدولة" حق فعل ذلك دون انتظار قرار من مجلس الأمن، والقيادة الرسمية المتنفذة تدرك تمام الادراك أن اقصر الطرق لحصار تلك الدولة وفرض قانون الشرعية الدولية عليها هو ذلك المفتاح، لكنها تصر على عدم استخدام هذا الحق، كي لا تغضب امريكا ولا حلفها الأسود..وليست معنية بغضب شعبها أو امتها..

العار السياسي يبدأ من هنا!

ملاحظة: تصريحات موسى ابو مرزوق عن الحكومة التوافقية تكشف كثيرا مما لا يتم الافصاح عنه..ولا زالت في "الاسرار" بقية..لنا وقفة أمام تصريحاته تلك وبعضها خطير جدا!

تنويه خاص: بعض قيادات فتحاوية تتحدث عن أن الرئيس عباس تعرض لضغوط لا يحتملها بشر كي لا يذهب للمصالحة..امريكا وافقت واوروبا رحبت..ممكن لهذه القيادات ان تصارح الشعب وتكشف من هي تلك القوى..طبعا لو كانت فعلا..وبلاش تكون دولة الكيان هي المقصودة لانه عيب!