بالصور- خلال لقاء فصائلي برفح: إنجاز المصالحة بحاجة إلى حوار وطني شامل وتطبيق اتفاق 2011
تاريخ النشر : 2018-09-26 20:16

أمد/ رفح: أجمع ممثلون عن القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رفح على أن إنجاز المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية ضرورة وطنية ملحة لترتيب البيت الفلسطيني، ومواجهة سياسات وجرائم الاحتلال والمخططات التصفوية والتآمرية التي تعصف بقضيتنا الوطنية.

كما أكد الممثلون على أن إنجاز المصالحة بحاجة إلى حوار وطني شامل للبدء بخطوات عملية لتنفيذ اتفاق المصالحة عام 2011 في القاهرة، ومخرجات بيروت عام 2017، يسبقه وقف كافة أشكال التحريض والمناكفات السياسية لتهيئة المناخات الإيجابية والبيئة الصالحة لتطبيق اتفاق المصالحة واقعاً على الأرض.

ودعت القوى إلى ضرورة تعزيز أدوات الضغط الشعبية على جميع الأطراف من أجل انهاء الانقسام وإنجاز المصالحة.

جاء ذلك خلال لقاء وطني نظمه الملتقى الفكري التقدمي التابع للجبهة الشعبية في محافظة رفح تحت عنوان ( رفح نقطة انطلاق لتطبيق اتفاق المصالحة) ،بمشاركة واسعة من ممثلي وقادة العمل الوطني والإسلامي والشخصيات الوطنية والاعتبارية والمخاتير وعدد من النسوة والشباب وجمهور غفير.

وافتتحُ اللقاء بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً وإكباراً على أرواح الشهداء، ومن ثم عُزف السلام الوطني الفلسطيني.

وافتتح عدنان أبو ضاحي اللقاء مرحباً بالحضور، مؤكداً أن انعقاد هذا الملتقى وبهذا العنوان الهام يأتي انطلاقاً من المسئولية التاريخية، ونظراً للمخاطر المحدقة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، والذي يتطلب سرعة انجاز المصالحة وتعزيز الجبهة الداخلية بعيداً عن حالة التشرذم والانقسام، ولمواجهة المشروع الصهيوني الهادف لتصفية قضيتنا وعلى رأسها حق العودة.

واعتبر أبو ضاحي في كلمة الملتقى أن الإدارة الأمريكية في سياق تمرير صفقة القرن أصبحت شريكاً كاملاً بالعدوان على شعبنا، بدءاً من إعلان " ترامب" نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإجراءاتها بحق وكالة الغوث، فضلاً عن السياسات الصهيونية المحمومة والتي تسارع الزمن بهدف فرض وقائع على الأرض وبناء المستوطنات والاستيلاء على الأغوار، وهذا يتطلب تجاوز الانقسام وما ألحقه من آثار كارثية على كافة الصعد، والتي وصلت إلى حد لا يمكن الصمت عليه وفي ظل اجتراح شعبنا للبطولات وتسجيله للمآثر التضحوية.

وقال أبو ضاحي: " نؤمن ولا زلنا أنه إذا خلصت النوايا وتغلب العام على الخاص ومصالح شعبنا على المصالح الفئوية، والاصرار على مواجهة المخاطر التي تهدد قضيتنا فبإمكاننا أن نجد الحلول ونطوي هذه الصفحة السوداء من تاريخ شعبنا".

واعتبر أبو ضاحي أن استمرار عرقلة المصالحة سببها غياب الإرادة والنظر للقضية الوطنية على أنها مصالح حزبية فضلاً عما  كرسته سياسات الهيمنة والإقصاء للآخر والرغبة في إزاحة الغير.

وأكد أبو ضاحي أننا أحوج ما نكون إلى مصالحة حقيقية تعيد ترتيب البيت الفلسطيني وتعزيز حالة الصمود وترسم استراتيجية وطنية يمكن البناء عليها، مصالحة تكون رافعة في تحقيق الأهداف الوطنية وليس العكس، ومصالحة تضع حداً للتراشق الإعلامي والانتهاكات للحريات، وتحافظ على حرية الانسان وتوفر له مقومات الصمود.

ودعا أبو ضاحي لضرورة ترك مربع الاشتراطات والمناكفات، داعياً الرئيس لتحمّل مسئولياته بالدعوة إلى اللجنة المكلفة بتفعيل منظمة التحرير من أجل تنفيذ الاتفاقات السابقة للخروج من حالة المراوحة من المكان، معتبراً أن مفاتيح الحل بيد الرئيس وبالإمكان انقاذ المركب قبل أن يغرق ويغرق الجميع.

من جهته، عبّر القيادي في حركة فتح عماد الأغا عن شكره وتقديره لأعضاء الملتقى على هذه الدعوة، مشيداً بمدينة رفح، لافتاً أنها كانت على الدوام مخزون كبير من العطاء والتضحية والفداء، وساهمت بكل مقوماتها كرافعة للعمل الوطني، وهي المدينة الأكثر تعاوناً وتفاهماً في الرؤية الوطنية بين كافة أطراف العمل الوطني والإسلامي، وأن ما يجمع رفح الكثير من التوافق والرؤية والوحدة.

وأضاف الأغا بأن الشعب الفلسطيني  سأم الحديث عن المصالحة حيث أصبحت الأمور لديه مملة ومكررة، لافتاً أنه بعد التوقيع على اتفاق أكتوبر 2017 حدثت انعطافة سياسية خطيرة تمثلت بالقرارات والإجراءات الامريكية في سياق صفقة القرن، مشيراً أنه كان هناك هجوم أمريكي وانحياز كامل إلى جانب الاحتلال، وإعلان الإدارة الأمريكية العداء لشعبنا وثوابته، ما يستدعي إنجاز المصالحة وانهاء الانقسام والعمل على تطبيق كافة الاتفاقيات الوطنية.

وأكد الأغا بأن حركة فتح تريد أن تطبق كل الاتفاقيات والعمل مع كافة الفصائل من أجل صوغ استراتيجية وطنية يتفق حولها الجميع بما فيها عقد مجلس وطني

من جانبه، أشاد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل بمدينة رفح مشيراً أنها كانت دائماً على خط النار وقدّمت قافلة طويلة من الشهداء، معتبراً أنه من المهم أن تكون رفح التي كانت دوماً نقطة الاشتعال ضد العدو نقطة الاتفاق على انجاز المصالحة، خاصة وأن هناك تفاهم واضح بين مختلف القوى وعلى مبدأ التمسك بالوحدة بالرغم من الاختلاف في التوجهات ووجهات النظر.

واعتبر المدلل بأن مشكلة شعبنا الكبرى على مدار 12 عاماً من الانقسام بدأت عندما استفرد طرف فلسطيني بالقرار ووقع اتفاق أوسلو ودخل في معترك التسوية  السياسية والتي باعتراف حتى الرئيس التي وقع عليها لم تجنِ لشعبنا أي شيء، وساهمت في تأسيس الانقسام.

وأكد المدلل بأن الانقسام يضرب وحدة شعبنا، مشيراً في تعقيبه على الاتفاق الثنائي الأخير بين فتح وحماس في القاهرة في أكتوبر من العام الماضي أنه كان من المفترض أن يكون هناك حوار وطني شامل بديلاً عنه لأن الحوارات الثنائية لن تجلب لنا مصالحة.

وقال المدلل بأن المصالحة الوطنية التي نريدها هي التي ترفض صفقة القرن ومواجهة الاحتلال، مصالحة تعيد ترميم المشروع الوطني الفلسطيني والذي يجب أن يقوم على أساس الوحدة والتي بدونها لا مشروع وطني، وايضاً على أساس المقاومة، فلا يجب استثناء الكفاح المسلح كأسلوب مقاومة ناجع، مشيراً أن من يحاول أن يستثني هذا الأسلوب فإنه يفرط بفلسطين.

وأضاف المدلل بأننا نريد مصالحة تخفف المعاناة عن أبناء شعبنا وتوقف الإجراءات العقابية ضد غزة، وتحافظ على الثوابت والحقوق في مواجهة الاحتلال، لافتاً أن هناك اتفاق 2011 والذي وقعه الجميع يجب أن ينفذ ولا يجب إعادة فتحه ونقاشه من جديد.

من جهته، استهل عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إياد عوض الله مداخلته بالسؤال: لماذا لم نستطع حتى الآن انهاء الانقسام، ولماذا لم نشير بشكل واضح بأن طرفي الانقسام يتحمّلوا مسئولية كبيرة في تعطيل اتفاق المصالحة حتى هذا الوقت، ولماذا لم نقل بأن حماس في محطات سابقة عطّلت الاتفاق، وأن أبومازن والقيادة المتنفذة الآن يعطّلون اتفاق المصالحة بهدف تركيع غزة ومحاولة ضرب مشروع المقاومة واستبداله ببرنامجهم الهابط.

وقال عوض الله: " نحن أمام اتفاق وطني جامع لتنفيذ المصالحة في عام 2011 فلماذا لم ينفذ؟ هذا الاتفاق يعالج كافة القضايا بدءاً من المنظمة وإعادة بنائها على أسس وطنية وديمقراطية تساهم في إرساء معالم الوحدة السياسية وبناء المؤسسة الوطنية الجامعة وفقاً لمبدأ الشراكة الوطنية وما يتطلب ذلك من صوغ استراتيجية جديدة بعيداً عن سياسة التفرد بالقرار الوطني.

وتابع عوض الله : " اتخذت قرارات وطنية عديدة بوقف المفاوضات من قبل اللجنة التنفيذية وفي ظل حالة إجماع على وقفها إلا أنها للأسف لم تنفذ ووضعت في أدراج الرئيس والقيادة المتنفذة، كما أن قرارات المجلس المركزي عام 2015 وعلى رأسها التحلل من اتفاق أوسلو وسحب الاعتراف بالكيان ووقف التنسيق الأمني لم تنفذ أيضاً وهذه يتحمل مسئوليتها الرئيس وساهمت في تعزيز الانقسام والشرخ في الساحة الفلسطينية".

وأوضح عوض الله بأن أهم الأسباب الرئيسية التي ساهمت في افشال جهود المصالحة هي التعطيل المتعمد من قبل الرئيس من تفعيل الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير والذي تم التوافق عليه عام 2011، لافتاً وفي ضوء الخطر الداهم الذي يستهدف القضية الوطنية وأمام الهجمة الصهيونية الشرسة على ضرورة دعوة الإطار القيادي للانعقاد فوراً لمواجهة كل التحديات التي تحدق بقضيتنا، ومتابعة جهود انجاز المصالحة واستعادة الوحدة باعتبارها ضرورة وطنية ملحة، وبدونها لا يمكن تحقيق أي انتصار سياسي أو ميداني"

كما دعا عوض الله لضرورة اتخاذ خطوات عملية تدعو إلى وقف التراشق الإعلامي وتوفير الأجواء والمناخات الإيجابية لتنفيذ  اتفاق المصالحة عام 2011 ومخرجات اللجنة التحضيرية بيروت، وتفعيل اللجنة الفنية الإدارية والمكلفة بتسوية أوضاع الموظفين.

واختتم عوض الله مداخلته مستدركاً بأننا لسنا بحاجة إلى اتفاقيات جديدة بل إلى تطبيق روح اتفاق 2011 وملاحقها.

أما نائب الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني  نافذ غنيم فقد أكد أننا بحاجة لأن نكون صريحين أكثر بعيداً عن الخطابات والشعارات، فقد فشلنا حتى اللحظة في إنهاء حالة الانقسام وكل الجهود من أجل ذلك كانت نتيجتها صفراً كبيراً بدليل أن الانقسام لم ينته، مشيراً أن الانقسام نتج عنه تداعيات كارثية وعلى رأسها تراجع قدرة الناس على الصمود وضعفت المناعة لمواجهة المؤامرات التي تستهدف قضيتنا وفي ظل غياب الاستراتيجية الوطنية.

واعتبر غنيم بأن كل وسيلة نضالية إذا لم تنطلق من قاعدة انجاز المصالحة لن تؤتي ثمارها، منوهاً بأن السبب الأول لاستمرار الانقسام هو الاحتلال الذي هيأ المناخ للانقسام وعطّل المساعي لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة.

وقال غنيم " إن الانقسام لم يعد يخضع لإرادة فلسطينية، فقد أصبح للأسف يحتاج إلى توافق إقليمي، كما أن هناك أصحاب المصالح في الضفة وغزة ما زالوا يعطّلون هذه المصالحة".

وأكد غنيم على أن أولى الخطوات لإنجاز المصالحة تتطلب رفع شعار بأن انهاء الانقسام وانهاء الحصار ومعالجة كل القضايا الراهنة وتصويب المسار الوطني لن تتم إلا بإنهاء الانقسام، بالإضافة إلى ضرورة وجود صوت شعبي ضاغط يرفع الصوت عالياً من أجل الذهاب لتطبيق الورقة المصرية للمصالحة والتي تعتبر حصيلة الحوارات الوطنية.

بدوره، أكد القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عصام أبو دقة بأن شعبنا ضحية الانقسام والصراعات الداخلية، وأنه ما زالت هناك أطراف إقليمية تدفع باتجاه تعطيل المصالحة والرهان على عامل الزمن، ولا تعمل لخدمة شعبنا، بل بالعكس تعمل على توفير بيئة سياسية لتمرير مخططات مشبوهة.

وشدد أبو دقة أن المدخل لإنهاء الانقسام هو أن يكون هناك قرار فلسطيني فلسطيني مستقل لانجاز المصالحة، ما يتطلب بتفعيل الحركة الجماهيرية الضاغطة والتي حسب قوله قمعت بقبضة حديدية في الضفة وغزة.

كما دعا أبو دقة الإطار القيادي المشكّل من الأمناء العامين والشخصيات المستقلة لحوار وطني جاد ومسئول للبحث عن مخارج لإنهاء الانقسام والاتفاق على استراتيجية كفاحية جديدة تقوم على الانتفاضة والمقاومة وتدويل القضية.

كما دعا إلى ضرورة تطبيق الاتفاقيات السابقة وخاصة 2011، والتمهيد لإجراء الانتخابات لإعادة بناء هياكل م.ت.ف وإجراء انتخابات مجلس وطني توحيدي جديد.

من جهته، أبدى عضو المكتب السياسي لحركة فدا عامر الجعب أسفه من أننا كشعب وفصائل وقيادات لا زلنا حتى الآن ندور في دائرة مفرغة حول المصالحة، والتي تعطّلت حسب وجهة نظره بسبب المصالح والأجندات الخارجية والتدخلات الإقليمية.

وشدد الجعب على ضرورة أن يكون للشعب كلمة يقول فيها رأيه، لأنه هو مصدر الشرعية الوحيدة والأولى، ومن يعطي الشرعيات وينزعها.

واعتبر الجعب بأن ما يحدث في غزة هو لحرف الأنظار عما يجري من سياسات تهويد واستيطان واعتداءات احتلالية في القدس والضفة، داعياً لضرورة تعرية الاحتلال والإدارة الأمريكية في كافة المحافل الدولية والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.

من جانبه أكد سمير صيدم القيادي في جبهة التحرير العربية بأن المصالحة قضية شائكة وهي تعني بمفهومها الوطني حقوق كل المواطنين على أرض فلسطين وحتى خارجه وينظر لها أنها قضية جوهرية مركزية.

واتهم صيدم أجندات خارجية ساهمت في تعطيل المصالحة، مشدداً على ضرورة إعلاء صوت الشعب لأنه صاحب القرار والسلطات الذي أعطاهم الحق فلذلك لابد أن يرجع القرار إلى الشعب .

وأكد صيدم بأن المصالحة خيار استراتيجي، يجب أن تكون وفق وحدة وطنية متكاملة متسلحة بالشراكة الوطنية وبعيداً عن المحاصصات، مشيراً أن فلسطين للجميع وحق لكل أبنائه.

من جهته، أكد القيادي في المبادرة الوطنية سامي البهداري بأن الانقسام كان على الدوام مشروع صهيوني تم التحضير له للوصول إلى المرحلة الحالية والمتمثلة بمحاولات تمرير صفقة القرن، حيث استطاع الاحتلال خلال 12 عاماً من تنفيذ مخططاته في التوسع والبناء الاستيطاني وتجاهل تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

ودعا البهداري لضرورة استنهاض الطاقات الشعبية للوصول إلى خطة وطنية متكاملة لمواجهة صفقة القرن وإنجاز المصالحة.

كما طالب بتشكيل حكومة وحدة بمشاركة الكل الوطني تتولى إدارة مؤسسات السلطة في الضفة والقطاع، ووقف التراشق الإعلامي.

وفي ختام المداخلات، أجابت القوى على العديد من الأسئلة واستفسارات الحضور تمحورت جميعها حول مسئوليات القوى وجهودها من أجل إنجاز المصالحة واستعادة الوحدة، وتعزيز صمود شعبنا، ومواجهة كل المعرقلين للمصالحة.

وقد أعلنت الجبهة خلال اللقاء بأن هذا اللقاء الوطني  البالغ الأهمية جزء من تحركات سياسية مكثفها تجريها في الوطن والشتات مع كافة الأطراف الفلسطينية من أجل الوصول إلى توافق وطني لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في المصالحة للتوافق على استراتيجية وطنية لمواجهة كافة التحديات المحدقة بالقضية، وإعادة بناء وترتيب المؤسسات الفلسطينية على أسس وطنية ديمقراطية وبمشاركة الكل الوطني، وبما يساهم في تعزيز مقاومتنا ومواجهتنا للاحتلال ومشاريعه ومخططاته.