نتنياهو والتهديد الارعن
تاريخ النشر : 2014-05-24 02:23

لقاء الرئبس محمود عباس مع تسيبي ليفني، وزيرة العدل، ومسؤلة ملف المفاوضات في لندن قبل حوالي اسبوعين، أثار ضجيجا وصخبا إسرائيليا متباين الابعاد والخلفيات في اوساط الائتلاف الحاكم. غير ان السمة العامة لرد الفعل على اللقاء كان سلبيا، ورافضا له، ومنددا ومشهرا بالوزيرة الاسرائيلية.

لكن رد فعل رئيس وزراء إسرائيل، كان الاكثر تهويشا ورعونة، كونه إتخذ طابع التلويح باقالة الوزيرة من حكومته، إلآ ان تدخل لبيد، وزير المالية ورئيس الائتلاف الحاكم ليفين حال دون تنفيذه التهديد، كونهما اشارا له، بان إقالتها يدفع إئتلافه بالانفراط.

السؤال الجوهري هنا، هل فعلا نتنياهو كان يريد إقالة ليفني أم ان الامر مجرد مناورة مفضوحة، وتساوق لفظي مع اركان إئتلاف الليكود بيتنا المتطرفين وحزب البيت اليهودي وغيرهم من انصار تخريب وتدمير عملية السلام؟  وهل يعني موقف رئيس حكومة إسرائيل إغلاق باب المفاوضات مع الفلسطينيين؟ هل وصل للحظة إدارة الظهر العلنية والمكشوفة لخيار السلام، وبات في حل من اي إعتبار داخلي او اقليمي وعالمي؟ أم انه شاء ان يرسل رسالة للرئيس عباس بشكل خاص والفلسطينيين عموما، إنه غير معني بالمفاوضات، وعلى ابو مازن ان يستجيب لشروطه إن شاء العودة للمفاوضات من اجل المفاوضات؟ وما حدود نجاح موقف زعيم الليكود بيتنا في تمرير مناورته الرعناء؟

من المؤكد ان رئيس حكومة إسرائيل، لم يكن جادا في تهديده في اقالة ليفني، اولا لانه لم يغادر حتى اللحظة موقعه التضليلي في الادعاء، بانه "يرغب بالتسوية" السياسية، كونه لم يتجز كامل مخطط تهويد الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وخاصة في مدينة القدس؛ ثانيا كونه يعلم ان لقاء ليفني مع الرئيس عباس لا يقدم ولا يؤخر شيئا في مجرى العملية السياسية. كونها لا تملك الصلاحيات في اتخاذ اي موقف؛ ثالثا ولان نتنياهو يستخدم وزيرة العدل وفق مشيئته وكغطاء على سياساته التهويدية وانتهاكاته الخطيرة لعملية السلام؛ رابعا كما ان وجود ليفني في إئتلافه، ومواصلتها الاتصالات مع الفلسطينيين مصلحة اسرائيلية هامة في الوقت الحاضر امام العالم وخاصة امام الادارة الاميركية والاتحاد الاوروبي وباقي اقطاب العالم؛ خامسا ايضا كونه ليس بحاجة  لارباكات جديدة في إئتلافه الحكومي.

إذا لماذا تم تسريب الخبر عن التهديد؟ لاكثر من سبب، منها: اولا الايحاء للرئيس محمود عباس، انه (نتنياهو) ليس معني باللقاء به،  وليمارس الابتزاز له من جانب آخر؛ ثانيا ليوحي لقوى التطرف في إئتلافه الحاكم، انه يتوافق معهم في خطابهم وتوجهاتهم السياسية. ومن جانب آخر، ليضبط ايقاعهم لاحقا في اية مواقف تتعارض مع رؤيته ومخططه السياسي، الذي في الجوهر، لا يختلف عن رؤية اقطاب التطرف؛ ثالثا ليعيد التاكيد لليفني نفسها، انها لا تملك صلاحية إتخاذ اي خطوة دون العودة له. مع انه يعلم ان مسؤلة ملف المفاوضات الاسرائيلية موجودة في الوقت، الذي سيلتقي الرئيس ابو مازن مع وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، وايضا سيلتقيها، ومن المنطقي ان يدفع الراعي الاميركي بيفني للقاء الرئيس عباس. وبالتالي، فإن الرسالة النتنياهوية، موجهة لرئيس الديبلوماسية الاميركية، ان تحميلك المسؤولية لاسرائيل، انت ومندوبك في المفاوضات (على كل صهيونيته وانحيازه الاعمى لاسرائيل – إنديك-) غير مقبولة ومرفوضة، واية محاولات اميركية للضغط على اسرائيل لن تمر.

النتيجة المنطقية لتهديد رئيس الائتلاف الاسرائيلي الحاكم، تشير الى انه تهديد ارعن، ولم يجدِ نفعا مع الرئيس ابو مازن ولا مع القيادة الفلسطينية عموما، والرسالة النتنياهوية لم تصل او وصلت معكوسة، حيث زادت الفلسطينيين إصرارا على التمسك بمرجعيات السلام والقرارات الدولية وما تم التوافق عليه، والدفاع عن اهدافهم ومصالحهم العليا في مواجهة المخطط الاسرائيلي المعادي للسلام.  اضف إلى ان اللقاء كان مصلحة إسرائيلية، وإسرائيل، هي التي تحتاج للقاء الشريك الفلسطيني وليس العكس. فهل يدرك قاتل ومصفي اتفاقيات اوسلو سقوطه في شرك غبائه ومناوراته المفضوحة؟

[email protected]

[email protected]