هل هو صلح بالقطعة ؟!
تاريخ النشر : 2014-05-23 14:45

يعيش الشعب الفلسطيني هذه الأيام أحوال نفسية متضاربة ومتقلبة، أقل ما نستطيع وصفها به، بأنها مثل إنسان أجبر عل ابتلاع وجبة دسمة بيوم شديد الحرارة من أيام الصيف، قدمت له على مائدة من الريبة والحذر !

فلقد تحولت لدى شعبنا مشاعر الحزن والفرح والتفاؤل والتشاؤم الى مسألة نسبية ومرضية ، لان العقول ما زالت لا تصدق ان هناك صلح حقيقي بين حركتي فتح وحماس !

فلا غرابة ان قلنا ان جموع الشعب لا يهمها كثيراً تلك الاحتفاليات بالشاطئ أو بانوراما القبلات وتوزيع الابتسامات على شاشات التلفزة ، لأنه وحتى اللحظة لا جديد في الأمر ولم تظهر أيا من ايجابيات هذه الخطوة !

فالمواقع الالكترونية والصحف والغرف المظلمة غارقة في بحور من التنبؤات والتصريحات التي لا شواطئ لها ، فالجميع موقن أن الفرج مازال بعيداً والطريق صعبة وخاصة فيما يتعلق بسكان غزة الذين بات لديهم عقيدة ان ما يحدث ربما هو على قاعدة "سيب وانا أسيب" وأنا "عيل " اذا لزم الأمر !

وليس ببعيد أيضاً عن أحساس الشعب ، توقعات المجموع الوطني الذي يخشى ان يكون الفشل هذه المرة أيضاً ، حليف هذه الخطوة ، لكثرة الملفات الشائكة والمهمة والدسمة التي لم يتم التطرق لها ولم يعرف مصيرها !

ومن هنا نستطيع ان نفهم هذا الحجم من التشاؤم الذي يعانيه الشعب بكل طوائفه ويجعلنا نطرح السؤال الهام "لماذا كلما أقتربنا من الحلم بتحقيق الوحدة الوطنية ابتعدنا عنها أكثر"؟!

ربما الإجابة تكمن في باطن كثرة الاتفاقيات وأسباب عدم نجاحها طوال هذا الزمن من الانقسام ولماذا لم ينفذ أي من بنودها ولو لمرة واحده ، فالوطن يحتاج لتطبيق القانون قبل البحث عن قواسم مشتركة للاتفاق ، والوطن يحتاج منا العمل بضمير لنعيش فوق أرضه بسلام اجتماعي ورخاء أو حتى قد نقبل الحد الادني من الحياة الذي يكفل كرامتنا كبشر !

فالصلح وإنهاء الانقسام لا يجب ان يكون وكالعادة التي مورست بأعوام الانقسام المنصرمة، مجرد احتفالية هنا أوهناك وأوراق كثرت عليها أختام وتوقعيات المتحاورين ولقاءات وتساؤلات ومناظرات وتصريحات وتنبؤات بمن سيمسك الحكومة ومن هم وزرائها ، فهذه كلها تفاصيل يفترض الا تكون الأساس في الأمر ، وإنما الصلح الحقيقي هو بالوقوف على جوهر المشكلة وحلها من جذورها ووفقاً للقانون ، فلا يجوز ان يكون الحل وفقاً لنظام "سيب وأنا أسيب" ، فاليوم يسمح هذا الطرف بإدخال جريدة القدس ويفرج عن بعض المعتقلين وبالمقابل يدخل الأخر الى الطرف الثاني جريدة الرسالة والسماح ببعض التسهيلات هنا أو هناك !

ورغم أننا وبالطبع نبارك الخطوة ولا نقلل من شأنها ومثلنا ربما هناك متفائلون كثر يرفعون أكفهم بالدعاء لرب الأرض والسموات ، أن تكون خطوة أولى على الطريق الصحيح ولكن ما يخشاه الجميع ان يكون هذا الصلح بمثابة اتفاق جديد غايته دحرجة الانقسام الى الأمام والحفاظ على استمرارية تفاصيله ، وليس تطبيقاً لخارطة طريق هدفها الاستراتيجي تحقيق الوحدة على أسس وطنية سليمة يكفلها القانون !

لقد حان الوقت ليبلغ المواطن سن الرشد السياسي والوطني ، وليصرخ في وجه قادته وفصائله ويطالبهم بنبذ الكراهية والحقد والتشرذم وأن يدعوهم للجلوس حول طاولة للحوار الوطني الجدي والشامل والذي لا يستثنى منه أحداً؟!