إنجاز حق العودة رهن بهزيمة المشروع الصهيوني في فلسطين
تاريخ النشر : 2014-05-22 02:48

في الذكرى 66 للنكبة التي يحييها الشعب الفلسطيني هذه الأيام ، نستحضر المؤامرات التي حيكت ولا تزال تحاك ضد حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم ، منذ تشريد الشعب الفلسطيني من وطنه التاريخي عام 1948 ، ومنذ صدور قرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي ينص على حق العودة والتعويض.

وما يجب الإشارة إليه ابتداءً أن الأمم المتحدة اشترطت لقبول دولة الكيان الصهيوني في عضويتها قبول هذا القرار وتنفيذه ، ومن أجل هذا الغرض أنشأت الأمم المتحدة \\\" لجنة توفيق ومصالحة \\\" على رأس مهماتها عودة اللاجئين الفلسطينيين ، حيث عقد مؤتمر لوزان عام 1949 لاتخاذ الخطوات العملية لتطبيق القرار المذكور ، لكن حكومة العدو الصهيوني عارضت عودة (900) ألف لاجئ فلسطيني ، وقدمت اقتراحاً بجمع شمل عائلات فلسطينية وبما لا يتعدى بضعة آلاف.

وبالتالي كان اعتراف حكومة العدو بالقرار 194 تكتيكياً ، حتى تضمن الاعتراف الدولي بها لكنها لم تلتزم به بدعم من الولايات المتحدة ، ومن ثم تحولت قضية فلسطين تدريجياً من قضية شعب له حقوقه التاريخية والقومية واغتصب وطنه إلى قضية لاجئين ، إثر صدور قرار من الأمم المتحدة في الثامن من كانون أول / ديسمبر 1949 ، بإنشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ).

كما أنه بالتنسيق ما بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية والأمين العام للأمم المتحدة آنذاك ، تم حذف قضية فلسطين من دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، واستبدلت ببند يحمل عنوان : \\\" التقرير السنوي للمفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. \\\"...

و لقد استمر الأمر كذلك حتى العام 1974، بعد ن تمكنت الثورة الفلسطينية من طرح قضية اللاجئين الفلسطينيين على المجتمع الدولي ، بوصفها قضية شعب يناضل من أجل تحرير وطنه ومن أجل تطبيق حق العودة ، وحصلت على عدة قرارات من الأمم المتحدة ، تؤكد على حق العودة وخاصةً القرار (3236 ) الذي أكد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف .

لقد جرى التعامل مع حق العودة ، للاجئين الفلسطينيين سابقاً ، في السياق السياسي والتكتيكي عبر ربطه بالقرار الأممي رقم 194 ، الذي ينص على حق العودة والتعويض ، وهذا الحق بالمعنى النظري ، يضمن للاجئين الفلسطينيين العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم في الجزء المخصص للكيان الصهيوني ، في قرار التقسيم الصادر في تشرين ثاني 1947 ، الذي منح اليهود حق إقامة دولتهم على (56 ) في المائة من أراضي فلسطين التاريخية ، وحيث تم ربط قبول هذا الكيان الغاصب ، كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة بتنفيذه القرار 194 .

 

لكن وبعد برنامج النقاط العشر عام 1974 - الذي سمي زوراً وبهتانا بالبرنامج المرحلي الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني وأدى إلى انقسام سياسي في الساحة الفلسطينية - وبعد توقيع اتفاقات أوسلو 1993 وما تضمنه من اعتراف بالقرار 242 ، تم التراجع عن قرار التقسيم على سؤته وإجحافه بحقوق الشعب الفلسطيني ، لصالح التسليم بوجود الكيان الصهيوني على 80 في المائة ، من مساحة فلسطين التاريخية ، وتم التراجع عملياً عن قرار 194 لأن القرارين مرتبطان ببعضهما البعض.

وبالتالي فإن المشاريع المعلنة لتصفية حق العودة ، على امتداد الفترة من مؤتمر مدريد وحتى اللحظة الراهنة ، وأبرزها وثيقة جنيف \\\" عبد ربة – بيلين \\\" والفقرة التصفوية لحق العودة \\\" في مبادرة السلام العربية ، هي تحصيل حاصل لاتفاقات أوسلو ، وللاعتراف بقرار مجلس الأمن رقم 242 .

وقد يكون مشروعاً لبعض الأحزاب ، والفصائل الفلسطينية ولمؤتمرات حق العودة التي ترفض أوسلو وأخواتها ، التركيز على القرار 194 ، في سياق إدارة الصراع مع العدو الصهيوني وحلفائه ، وفي سياق كسب أصدقاء جدد للقضية والنضال الوطني الفلسطيني أو في سياق تحييد بعض الدول ، وعدم حشرها في خانة الأعداء ، لكن من غير المشروع لها أن تعبئ الشعب الفلسطيني وفق هذا القرار على حساب التثقيف والتعبئة بضرورة تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني ، وذلك ارتباطاً بعدة عوامل أبرزها ما يلي :

أولاً : لأن الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني ، في فلسطين التاريخية غير قابل للنقاش أو التأويل ، بحكم وقائع التاريخ والجغرافيا ، وهو حق مقدس فردي وجماعي وغير قابل للتفاوض أو الإنابة ، وهو حق قانوني من زاوية أن العرب كانوا يملكون في فلسطين عشية صدور قرار التقسيم ما يزيد عن 95 في المائة من أراضي فلسطين ، علماً أن أل (5) في المائة المتبقية نقلت إلى اليهود بطرق غير شرعية ، بحكم الدور الاستعماري الذي لعبته بريطانيا كدولة منتدبة على فلسطين منذ مطلع عشرينات القرن الماضي .

ثانياً : لأن هذا الحق حتى وفق منطوق القرار 194 وحدوده ، لا يمكن تطبيقه بالعمل السياسي والدبلوماسي ، وسبق أن قدم الباحث الدكتور سلمان أبو ستة خريطة تفصيلية للفراغات والمناطق غير المأهولة في مناطق 1948 ، ولم تلاق من المجتمع الدولي غير التجاهل ، وبالتالي فإن تحقيق حق العودة مرهون بدحر الاحتلال ، وبتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني.

ثالثاً : لأن العدو الصهيوني لا يرفض تنفيذ القرار 194 فحسب ، بل يسعى إلى تحقيق ترانسفير لسكان البلاد الأصليين في مناطق 1948 ، البالغ عددهم حوالي مليون ونصف مليون فلسطيني عبر التضييق عليهم ، وسلب ما تبقى لهم من أراضي ، ناهيك عن سعي حكومات العدو الصهيوني ، إلى كسب الاعتراف \\\" بيهودية الدولة \\\" ، من الجانبين العربي الرسمي والفلسطيني.

وذلك الاعتراف في حال حصوله ، فإنه يصب في خانة تطهير عرقي قادم للفلسطينيين في مناطق 1948 .

رابعاً : لأن العدو الصهيوني يتعامل بازدراء ، على تهالك وتهافت النظام العربي الرسمي على قرارات الشرعية الدولية والقرار 194 في صيغته المعدلة في مبادرة \\\" السلام \\\" العربية وعمل على معارضة هذا الحق \\\"بيهودية الدولة \\\" وبنفي صفة اللاجئ عن أبناء وأحفاد الآباء والأجداد ، الذين كانوا في فلسطين قبل عام 1948 ، وبمطالبته بتعويض اليهود الذين جاءوا إلى ( إسرائيل) من بعض الدول العربية ، بعشرات المليارات من الدولارات ، متجاهلاً حقيقة أن هؤلاء اليهود تم تهجيرهم إلى الكيان الصهيوني ، عبر مؤامرة شاركت فيها الوكالة اليهودية والموساد الإسرائيلي ، وبعض الأنظمة العربية العميلة لقوى الاستعمار .

باختصار شديد لا بد من تعبئة الشعب الفلسطيني بحق العودة المرتبط بالتحرير الكامل لفلسطين التاريخية ، بوصفها الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني ، بعيداً عن التشدق بالطرح المتهافت الذي يطرحه البعض : \\\" لو قبلتم بقرار التقسيم لما حصلت النكبة\\\" .

ولابد من التحذير من الأخطار الدائمة ، التي تتهدد حق العودة لفلسطين ، ممثلةً باتفاقات أوسلو وما تلاها من اتفاقات لاحقة ، وممثلةً بمقايضة حق العودة بالدولة الفلسطينية وبمحاولات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ، فرض خطته على الجانب الفلسطيني المفاوض ، التي تتضمن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال التوطين والتهجير إلى منافي جديدة ( كندا واستراليا) ، ودفع الجانب الفلسطيني للقبول والاعتراف \\\" بيهودية الدولة... \\\" .