أبـو علـي شـاهـين.. الحلقة العاشرة
تاريخ النشر : 2014-05-21 13:57

ذكراك لن تغيب

فإذا كان مدى بندقيته مائة متر فأنا أحضر بندقية مداها مائتين متر فلا يستطيع أن يصلني ولكن أنا أستطيع أن أصله وهذه مسألة مهمة، أيضاً لا يمكن على حد التعبير الصيني الشهير» الوجبة لا تؤكل دفعة واحدة تؤكل قضمة قضمة» ونحن نعي بأن المعادلة السياسية ليس فيها تغيير فقط، فالمعادلة السياسية فيها تغيير كبير وعميق وتغييراً ليس سهلاً.

في يوم من الأيام الأخيرة بعد سقوط بغداد في 200349م، أتى الجنرال باول إلى دمشق واجتمع مع الرئيس بشار الأسد وقال له أنظر حولك سيادة الرئيس ألا تجد تغييراً؟ فنظر الرئيس حوله، قال له لا أنظر خارج النافذة أن لك جاراً جديداً، هذه الصيغ الآن نحن نعيها ونتفهمها، بالمناسبة البعض يتصور أن الولايات المتحدة انتصرت وليس بعد ذلك نصر، نقول له لا على مهلك، أفغانستان أمريكا لم تستطع حتى تاريخه، لم تستطع أمريكا أن تحكم كامل كابول، أنها تحكم جزء الجزء من كابول، وليس كل كابول، الدول التي تريد أن ترسل أيضاً قوات لحفظ النظام ترسلها إلى كابول ولا ترسلها إلى قندهار على سبيل المثال، أمريكا قوية ولكن أمريكا نجحت في أفغانستان بالقوة ونجحت في العراق بالقوة، ولكنها فشلت على الأرض في مسألة السلام فشلاً ذريعاً جداً.

وما نحن بصدده الآن، إننا نريد أي فكرة تؤهلنا إلى قطعة أرض إلى جغرافيا نستطيع أن نرتكز إليها نرتكز فيها ونرتكز عليها نعيش عليها نتمكن فيها، تحمينا ونحميها، نستطيع الدفاع عنها، تمكننا يوماً أن تكون موقعاً متقدماً لأداء فلسطيني سياسي أفضل بكل الصيغ السياسية الممكنة وهذه المرحلة آتية لا محالة، فالثابت الوحيد في السياسية هو المتغير.

أنا أجزم أنه عبر تجربة حركة التحرر الوطني العالمية في فلسطين وفي أفريقيا وفي أسيا وفي أمريكا اللاتينية؛ وأي نصر لا يأتي على بوز البارودة دوس عليه بالبصطار هذا صحيح، ولكن تذكر أخي إننا هنا نحن في الضفة الغربية وقطاع غزة لم نأت لأن شارون ولا لأن نتنياهو أو لأن رابين ولا لأن بيريز أو باراك قد قبلنا من أجل سواد العيون العربية الكحيلة لا هذا كان نتيجة من نتائج فوهة البندقية فوهة البارودة؛ وبالمناسبة هل تحرك هذا العالم لصالحنا في الآونة الأخيرة هل تحرك بأي صيغة من الصيغ في الآونة الأخيرة من أجل أننا نحن ناس كويسين وناس حلوين ويا محلانا، لا الجانب الإسرائيلي لم يكن بهذا الكرم الحاتمي، حاتم لم يكن عبراني النزعة ولا كان يهودي الدين ولا كان صهيوني العقيدة ولكن الصيغة التي أتت بهم الآن هي الصيغة التي فرضها وانتزعها الدم الفلسطيني والمعاناة الفلسطينية، والمواجهة الفلسطينية والتصدي الفلسطيني.

هذا العجوز القابع في رام الله وهذه الدبابات الإسرائيلية وفوهة سبطانات مدافع الدبابات تحك فروة صلعته، قرعة ياسر عرفات تحكها هذه السبطانات ولا يستكين ولا يركع ولا يستسلم، نحن نعي أخي هذه المسائل المهمة التي تدور في أذهاننا الفلسطينية ولكن الصيغة التي يجب أن نصل إليها يجب أن تكون الصيغة الموضوعية؛ على سبيل المثال كان في خارطة الطريق موجود تفكيك البنية التحتية للإرهاب، ولكننا استبدلناها بكلمة تهدئة بكلمة هدنة بكلمة وقف إطلاق النار بمبادرة فلسطينية بصيغة راقية بالوحدة الوطنية الفلسطينية على أرضية الحوار البعيد المدى، والأهم قراءة الواقع السياسي قراءة المشهد على أرضية المسرح وليس بعيداً عن صيغ الحقائق بل إمعاناً في فهمها، لا يهم السياسي الصيغ فدوماً نتيجة العمل في الفعل السياسي هذه مسائل نعيها جيداً، نعم نحن هنا لأننا أتينا من رحم البندقية وأتينا من فوهة بندقية أتينا هنا بهذه الصيغة ولنعامل ولنحترم بعض المسائل في حقوقنا وفي ثوابتنا وقضايانا السياسية على هذه الأرضية وليس على أرضية أخرى.

أوسلو بالنسبة لنا شيطان رجيم، وإذا ما قلبت أوسلو على الوجه الأخر تجدها شيء جيد، ربما ومثلما تحدث الأخ أبو عمار ربما إذا ما أودعت أوسلو في أيدي بعض الكتاب فسيكتب ست مجلدات على الأقل ضد أوسلو، وأيضاً إذا ما أودعت لدى كتاب آخرين فسيكتبون ست مجلدات لصالح أوسلو، ولكن أنا أريد أوسلو ليس من القراءة الفلسطينية أريدها من القراءة الإسرائيلية.

يوماً من الأيام شارون الذي لا نشك بوطنيته الصهيونية وأيدلوجيته الصهيونية لا نشك في هذه المسألة في يوم من الأيام؛ قال شارون جملة جميلة: إن أسوء ما في تاريخ إسرائيل هذه المعاهدة المقيتة «أوسلو»؛ أيضاً أنا أريد أن أضع صورة من صور أوسلو التي هي ضفة غربية وقطاع غزة على المدى الأخير، ليست لها مدى أكثر من هذا المدى، هذا المدى أن نكون نحن في صراعنا العربي الصهيوني في هذا المكان أم نكون في تونس واليمن والجزائر وموريتانيا وموزمبيق وأنغولا علينا أن نقرأ بهذه الصيغة، أيضاً الصيغة الموضوعية، أيضاً في نفس الوقت أوسلو من أذنا إلى سبسطيا وهذا ما يطلق عليه العبرانيون أرض التوراة؛ أنت توجد دولتك في أرض التوراة اذاً أنت تضع عملية انفكاك وتفكيك في الصيغة التوراتية ما بين اليهودي والجغرافيا وهنا يكون الصراع على المستوطنات صراعاً لا هوادة فيه ولا رجعة عنه.

المستوطنات ستخرج لأنها أقيمت على غير وجه حق والقانون الدولي والقانون الإنساني والقانوني الثقافي الإنساني لا يمكن أن تقف إلى جانبها؛ وبالتالي أنا أري بأن أوسلو الراهنة هي الصيغة المرفوضة الآن إسرائيلياً من اليمين ومن الوسط ومن اليسار فالصيغة التي تعطينا أوسلو تعطينا أرضاً.

الصيغة الصهيونية عندما تصل إلى كلمة الأرض وهي كلمة سر الصراع فإنها تكاد ألا تعي ما تقول وتفقد كل قدراتها على التجاوب والاستجابة والتحدي لا تفهم عندما تصل إلى كلمة الأرض إلا إلى مقولة استعمال القوة، وبالتالي أنا أرى بأن أوسلو بالصيغة التي كانت أمر، وبالصيغة الراهنة أمر، أوسلو بما كانت عليه أولاً لم يكن هناك مجلس تشريعي، ولم يكن هناك رئيس منتخب، ولم تكن هناك صيغة كانت الصيغة مبهمة ولكن فيما بعد جاءت في 1999/5/4م، لتؤكد بأن هنا يجب أن يكون المنطلق إلى محطة ثانية.

إسرائيل موقع القوة ألغت هذه المسائل ولكن الآن الصيغة الدولية بشكل أو بآخر وعلى حياء لأن الولايات المتحدة الأمريكية الوسيط المنحاز إلى جانب إسرائيل دوماً ونجد بأن الصيغة الدولية تقف إلى جانبنا فلماذا لا نجند هذه الصيغ إلى جانبنا أكثر وبالمناسبة السياسة سلاح والدبلوماسية سلاح والبندقية سلاح والاقتصاد سلاح والصمود سلاح والتصدي سلاح والتشبث بالأرض سلاح والتمترس بالأرض سلاح واستعمال الحجر في موقعه سلاح واستعمال الرشاش في موقعه سلاح واستعمال المظاهرة في موقعها سلاح وبيت الشعر سلاح والإبرة التي تخيط الثوب الفلسطيني أيضاً سلاح ثقافي والممرضة التي تعين الجريح سلاح الأم الفلسطينية الصابرة والزوجة الفلسطينية الصابرة على ابنها سلاح والأخت التي تعتني بشقيقها المقعد سلاح، هذه أٍسلحة لم نتنازل عنها ولا يمكن.

في يوم من الأيام عندما فرغنا صيغتنا النضالية بذراع واحدة كنا كالإخطبوط الذي يقطع الأذرع السبعة ويستعمل ذراع وذراع واحد لا يستطيع الإخطبوط، الإخطبوط يستعمل كامل الأذرع الثمانية عندما يحتاج أكثر، ونرى الحبار يطلق أيضاً الحبر وذلك من أجل أن يملص، وأريد أن أوضح مسألة مهمة هل علينا فقط التوجه إلى الأمام ربما خطوة إلى الوراء تعقبها خطوتين إلى الأمام، ونحن نتقدم إلى الأمام نحن في صراعنا نأخذ أرض وفي صراعنا نؤكد حقنا في هذه الأرض وهذه الأرض غداً سيكون لها هوية سيادية سياسية استقلالية يعترف بها دولياً، وسندخل في معترك الاعتراف الدولي، وهذه مسألة الجانب الإسرائيلي الصهيوني الاستعماري الإمبريالي العالمي حاربنا فيها، ومنعنا من أن نصل إليها.

هل فتح تراجعت أنا أرى بأن فتح بالصيغة العامة تراجعت أنا أرى بأن فتح هذا الجسم الكبير القوي يحتاج إلى قيادة فاعلة نشطة قيادة تستطيع أن تعي الدور التاريخي المطلوب منها وتستطيع أن تعي بأن ثمة تغيرات جذرية حاصلة في السياسة الفلسطينية والإقليمية والدولية، وأن هذه التغيرات لابد وأن نتعامل وإياها فعلاً كجسد فلسطيني واحد، وأن نلج إلى الوحدة الوطنية بقوة .

وفتح أنا أعي جيداً أن فتح ليست حزب السلطة، فتح حزب المرحلة، إذا صلحت فتح صلحت المرحلة، ومن هنا لا بد أن تكون صيغة حركة فتح، أن يكون هناك التعميم الذي يجسر الهوة في الاجتهاد، بينك أخي أنت الموجود في السعودية، والأخ من فلندا وبين الأخوة في غزة أو في جنين.

وفتح لم تخن قضيتها الثورية، فتح تعي بالضبط أين يجب وأين ينبغي وما يتحتم أن تضع قدميها على الأرض الفلسطينية الصلبة القادرة منها على الانطلاق وإلى الخطوة التي تليها وهذه هي فتح قراءة ثورية.

هوشي منه البطل الأسطوري الفيتنامي التحرري في جنوب شرق آسيا في لحظة من اللحظات وكانت أليمة على نفسه في 20 يوليو تموز 1954 في مؤتمر جنيف الدولي وافق على قسمة فيتنام شمالية وجنوبية؛ ولكن فيما بعد كان هوشي منه وبعد سنوات قليلة هو من قام بالإعداد وقام بالإستعداد والتحضير؛ ومن ثم قام بالانطلاق وبدل «الفيتنمه» كانت الفيت كونج التي حررت سايجون؛ وهو الذي قال على فراش الموت بجملته المشهورة لن يهدئ لي بال ولن يهدئ خاطري وأنا في ملكوت السماوات العلا إلا بعد أن يتوحد التراب الفيتنامي وبالفعل توحد التراب الفيتنامي ورفع شبل من أشبال الفيت كونغ من أشبال هوشي منه رفع العلم على سارية السفارة الأمريكية في سايجون بعد أن غادرها الجنرال تايلر آخر سفير أمريكي في فيتنام الجنوبية وأصبحت سايجون عاصمة فيتنام الجنوبية هي هوشي منه عاصمة فيتنام الموحدة كما كانت تاريخيا.

ونحن نأمل بهذه المسألة أن تعود الآلية ويجب أن يكون لدينا محتوى ديمقراطي دائم وألا يكون هناك هذه «الدقماتية» الذي يصبح عضو لجنة مركزية لا يتلحلح عن هذا الموقع لأن الانتخابات تطول، وعلينا أن نلجأ إلى أي وسيلة من الوسائل لكي نصل إلى الانتخابات الديمقراطية والانتخابات الديمقراطية يجب أن تعود سيدة الشرعية في حركة فتح.

ثالثا:حصراع الأجيال في \\\'\\\'فتح\\\'\\\'

سُئل أبوعلي شاهين عن صراع الأجيال داخل القيادة الفلسطينية، لماذا لا تترك المجال للدماء الجديدة الشابة لماذا لا تترك القيادة الفلسطينية الساحة السياسية، خصوصاً بعد أن أخذت فرصتها وقادتنا إلى هذا الطريق؟ أم أنه لا يوجد بديل لهذه القيادة؟

 جاء رده: أخي العزيز لدينا مثل، أنه مثل عربي موجود في كل أصقاع الوطن العربي شرقاً وغرباً وهو « أنت حكيت لي على جرب..» ولكن أنا أجبت على شق من هذا السؤال في السياق قبل قليل، عندما قلت إن الشرعية تأتي من الديمقراطية، نعم إن أي قيادة لا يمكن أن تكون قد مرت بسنوات طويلة حتى بسنوات قليلة دون أن يكون هناك أخطاء لها، والقيادة الفلسطينية ليست معفاة من ذلك.

وأريد أن أتحدث معك بكل صراحة، القيادة الشابة تنجح لأن حسبتها قليلة وليست كبيرة، في عام «82» عندما أعدنا تأسيس «على سبيل المثال» لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي كانت الفئة العمرية لا تزيد بين هؤلاء عن «21» سنة فقط صبايا وشباب وتحملوا مسؤولية تاريخية غير عادية وكان الأداء بهذا السياق الشبابي أداء يفوق أي قدرة على الوصف وهذا الأداء هو الذي أهلهم في الانتفاضة بعد ترتيب أنفسهم بسنوات قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة خمس سنوات من نهاية الـ «82» إلى نهاية «87» أهلهم هذا الأعداد الكبير في المواجهة والتصدي والصمود والمثابرة، وهذا أهلهم إلى تواجد قيادة ميدانية فعلاً قيادة فذة.

فعندما جاءت الانتفاضة الأولى في ديسمبر/كانون أول سنة 1987 هذه القيادة الشابة هي التي إحتضنت القيادة الوطنية الموحدة هي التي صاغت أفكار القيادة الوطنية الموحدة التي كانت متقدمة على قراءات وعلى صياغات قيادات فلسطينية في ذلك التاريخ، وكانت تقودنا منذ ربع قرن، هذه مسألة مهمة أيضاً، عندما جاء تعريض الذات للتضحية كان تعريضاً قوياً وأخاذاً وملفتاً للنظر، وكان فداءً ملهماً لا يستطيع أحد أن يتجاوزه ولا يستطيع أحد إلا أن يشيد به، حتى الأعداء أشادوا بهذا ليس في موقع أو عشرات المواقع ومئات المواقع ولكن بآلاف المواقع.

هؤلاء هم الذين أخرجوا ثورة النخبة في الخلايا المسلحة السرية التي كانت في أداء بطولي منقطع النظير هم هؤلاء الذين أخرجوا هذه الصيغة إلى صيغة الفعل الجماهيري ومن ثم أوجدوا المعركة المركزية الأولى في تاريخ فلسطين بعد سنة 1948 في عمق الاحتلال الإسرائيلي، حيث أوجعوه.وحيث نتذكر جميعاً قرارات رابين بتكسير العظام ونتذكر كلمة رابين عندما أصبح رئيساً للوزراء وهو يتمنى أن يستيقظ غداً صباحاً ليجد أن قطاع غزة وقد ابتلعه أو التهمه البحر، هذه الصيغة أنا أوافقك أنها صيغة موجودة، وفى نفس الوقت ليس هناك أي خطأ ولا أي غبار من أجل أن نوجد صيغة من الصيغ التي نتحدث عنها بالدماء الشابة لنبقى.

نحن لا نريد أن نقذف بهؤلاء إلى قارعة الطريق بالعكس نحن ليس لدينا إلا أن نتعامل مع العنصر الشاب، هذا الذي لم تستهويه البندقية استهواءً اغوائياً وليس استهواءً جاء على جانب من جوانب الزمن، لكنها جعلت من هذه البندقية صيغة من صيغ المفاوضة الجدية مع الجانب الإسرائيلي وهذه الصيغة لم تكن صيغة المجموعات التي كبرت وشاخت في السن ولا أريد أن أقول عفا عليها الزمن.

ثالثاً: صراع الأجيال في «فتح»

سُئل أبوعلي شاهين عن صراع الأجيال داخل القيادة الفلسطينية، لماذا لا تترك المجال للدماء الجديدة الشابة لماذا لا تترك القيادة الفلسطينية الساحة السياسية، خصوصاً بعد أن أخذت فرصتها وقادتنا إلى هذا الطريق؟ أم أنه لا يوجد بديل لهذه القيادة؟

 جاء رده: أخي العزيز لدينا مثل، أنه مثل عربي موجود في كل أصقاع الوطن العربي شرقاً وغرباً وهو « أنت حكيت لي على جرب..» ولكن أنا أجبت على شق من هذا السؤال في السياق قبل قليل، عندما قلت إن الشرعية تأتي من الديمقراطية، نعم إن أي قيادة لا يمكن أن تكون قد مرت بسنوات طويلة حتى بسنوات قليلة دون أن يكون هناك أخطاء لها، والقيادة الفلسطينية ليست معفاة من ذلك.

وأريد أن أتحدث معك بكل صراحة، القيادة الشابة تنجح لأن حسبتها قليلة وليست كبيرة، في عام «82» عندما أعدنا تأسيس «على سبيل المثال» لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي كانت الفئة العمرية لا تزيد بين هؤلاء عن «21» سنة فقط صبايا وشباب وتحملوا مسؤولية تاريخية غير عادية وكان الأداء بهذا السياق الشبابي أداء يفوق أي قدرة على الوصف وهذا الأداء هو الذي أهلهم في الانتفاضة بعد ترتيب أنفسهم بسنوات قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة خمس سنوات من نهاية الـ «82» إلى نهاية «87» أهلهم هذا الأعداد الكبير في المواجهة والتصدي والصمود والمثابرة، وهذا أهلهم إلى تواجد قيادة ميدانية فعلاً قيادة فذة.

فعندما جاءت الانتفاضة الأولى في ديسمبر/كانون أول سنة 1987 هذه القيادة الشابة هي التي إحتضنت القيادة الوطنية الموحدة هي التي صاغت أفكار القيادة الوطنية الموحدة التي كانت متقدمة على قراءات وعلى صياغات قيادات فلسطينية في ذلك التاريخ، وكانت تقودنا منذ ربع قرن، هذه مسألة مهمة أيضاً، عندما جاء تعريض الذات للتضحية كان تعريضاً قوياً وأخاذاً وملفتاً للنظر، وكان فداءً ملهماً لا يستطيع أحد أن يتجاوزه ولا يستطيع أحد إلا أن يشيد به، حتى الأعداء أشادوا بهذا ليس في موقع أو عشرات المواقع ومئات المواقع ولكن بآلاف المواقع.

هؤلاء هم الذين أخرجوا ثورة النخبة في الخلايا المسلحة السرية التي كانت في أداء بطولي منقطع النظير هم هؤلاء الذين أخرجوا هذه الصيغة إلى صيغة الفعل الجماهيري ومن ثم أوجدوا المعركة المركزية الأولى في تاريخ فلسطين بعد سنة 1948 في عمق الاحتلال الإسرائيلي، حيث أوجعوه.

يتبع