"وثيقة يوسف"
تاريخ النشر : 2018-09-07 00:45

"وثيقة يوسف" بقلـم : حسن عصفور

بداية يمكن أن تكون رؤية (يديعوت أحرونوت) خاطئة، أو ربما تكون منقوصة أو تكون مشوهة أو مختلفة بكاملها، من حيث الـمضمون أو الشكل ... مع ذلك حين توضيح رواية حماس أو رواية الـمستشار السياسي د. أحمد يوسف، لـما جاء فيما نشر ... نعتبر أن ما جاء بها قائم.

إن السلوك السياسي التفاوضي الذي يديره السيد يوسف، ليس سلوكاً جديداً أو خاطئاً ولكنه سلوك سياسي سبق أن تم استخدامه من أجل كسر حالة جمود أو للوصول إلى اختراق سياسي... ومفاوضات أوسلو كانت على ذات السياق، ولكن هل يمكن تشريع هذا السلوك التفاوضي الراهن من قبل حماس لكل الفلسطينيين؟ وهل يمكن لهم أن لا يتحدثوا عن السرّية أو غير العلنية وكأنها نبت شيطاني؟ هل آن الآوان لقبر مثل تلك الـمقولات ووضعها في سلة الـمهملات؟.

أم إنها تستخدم وفقاً للحاجة أو الرغبة أوالظرف ... فما هو حق لي لا يعني بالضرورة أن يكون حقاً لك، هل لنا أن نعتبر سلوك د. يوسف، التفاوضي سواء مع أوروبيين أو أميركيين أو يهود (إسرائيليين أو غيرهم) منعطفاً جديداً في الـمسلك السياسي لحركة حماس، باعتبارها حركة سياسية تدرك أن السلطة وحكمها يحتاجان إلى التعامل مع الواقع السياسي، بطريقة لا علاقة لها بالخطابات السياسية أو البرامج الأيديولوجية؟ وهل لنا أن نعتبر هذه "الوثيقة" مقدمة نحو تغيير مضمون رؤية حماس لحل الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي في سياق تعاملها الواقعي مع منتجات عملية أوسلو التفاوضية، سواء منها ما يتعلق بمكونات السلطة الوطنية الفلسطينية أو رؤيتها السياسية الداعية لحل سياسي يقوم على أساس: "دولتين لشعبين" واحدة لنا في حدود العام 1967، وأخرى لهم فيما تبقى من فلسطين، انتظاراً لقادم السنين، آخذين بعين الاعتبار أن مثل هذا الوضع السياسي سيفرز منطق التعامل الخاص من حيث إيجاد آلية تنسيق إجبارية بين الدولتين في مختلف مناحي الحياة اليومية الـمدنية منها والأمنية.

وافتراضا بأن "وثيقة يوسف" قد حققت ما تريد فهل لنا أن نعرف :

ــ كيف سيكون عليه الحال السياسي الراهن للسلطة الوطنية طوال سنوات "الهدنة" الخمس؟

ــ ما هي طبيعة العلاقة مع دولة إسرائيل وما هي آلية التنسيق وشكلها وطبيعتها ؟ وهل سنرى أشكال التعاون تنتقل إلى خطوة جديدة في العلاقات الثنائية بين الحكومة الفلسطينية وحكومة إسرائيل؟ بمعنى هل الهدنة الأمنية العسكرية ستفتح طريق "الانفتاح السياسي" وتزول عقبات "الـمقاطعة" الـمفروضة من قبل إسرائيل .

إن طريق التفاوض القائم عن طريق د. أحمد يوسف، يشكل انعطافة سياسية على درجة كبيرة من الأهمية لحركة حماس وتمثل خطوة في مسلسل خطوات التغيير السياسي الذي بدأته حركة حماس منذ قرارها الـمشاركة في الانتخابات، وقبولها بدولة فلسطينية في حدود العام 1967. ولا شك في أن هذه الخطوات تعتبر تغييرات إيجابية ومهمة وربما أعتبرها "تاريخية" في سياق الفكر السياسي الخاص بتجربة حماس، مقارنة ببرنامجها السياسي وإن لـم تكن كذلك لحركة الإخوان الـمسلـمين لأنها تتعامل مع الواقع السياسي، بطريقة تختلف من بلد لآخر، وفقاً لـمصلحتها الخاصة، ولو نظرنا لخارطة تحالفاتها في الـمنطقة، لوجدناها تختلف اختلافاً جذرياً من حالة لحالة.

إن "وثيقة يوسف" ذات الأهمية السياسية ، يمكن لها أن تقدم حركة حماس بطريقة جديدة، ولكن ألـم يكن من الأجدر استخدام "الحوار الهادئ" مع الغرب لخلق حالة من "التصالح السياسي" مع الرئاسة في إطار السلطة، والعمل على صياغة برنامج سياسي يشكل أساساً للعمل الفلسطيني في الـمرحلة الـمقبلة. إن "التصالح مع الغرب" يحتاج أيضاً إلى التصالح مع الداخل سواء من حيث الـمضمون أو الشكل، بمعنى أن الأفضل لنا جميعاً أن نرى حركة حماس تتقدم بوثيقة سياسية إلى طاولة الحوار تمثل "اختراقاً سياسياً شاملاً" بدلاً من التعامل الجزئي.. فالتعاملات الجزئية .. كالحلول الجزئية .. تخفف التوتر ولا تزيله.

إن طريق الحوار مع الغرب يتطلب حواراً جاداً حقيقياً هدفه الحل الـمسؤول وليس تسكين الأزمات. إن التصالح يبدأ من الاعتراف بمكونات السلطة .. كسلطة واحدة متكاملة وليس سلطات متوازية داخل الكيان السياسي الواحد، وفي النهاية: هل ستعلن حماس موقفها من "وثيقة يوسف" أم تتركها للقيل والقال؟ هل أخذت حماس موافقة فصائل العمل الوطني على شكل العملية التفاوضية ومضمونها ؟

وهل نسقت حماس خطواتها مع الرئيس باعتباره الـمسؤول عن شؤون العمل السياسي التفاوضي في السلطة الوطنية الفلسطينية .. وإذا لـم يكن هل ستطلعه على الوثيقة باعتبار ذلك حقاً دستورياً ؟ وهل ستقدم حركة حماس "وثيقة يوسف" إلى "لجنة شؤون الـمفاوضات العليا"؟.

إذا كان ذلك سيحدث ..ربما سنشهد تطوراً إيجابياً في العلاقة السياسية ينعكس على العلاقات الداخلية ويكون خطوة حسن نية من حماس إلى الرئيس .. بانتظار ذلك نتمنى من الإخوة في قيادة حماس الاستفادة من أخطائنا السابقة في العملية التفاوضية إذا أرادوا.

عن أمد للإعلام

2006-12-24