سيناريوهات المصالحة الفلسطينية
تاريخ النشر : 2014-05-12 15:50

لعل اهم إلإفرازات الإيجابية لثورات التحول العربى ، والثورة في مصر وما قد إرتبط بها من تداعيات سياسية علي المشهد السياسى الفلسطينى وتحولاته هو الوصول إلى إتفاق فتح وحماس على توقيع إتفاق غزة للمصالحة في الثالث والعشرين من شهر أبريل الماضى، والدعوات الشبابية الفلسطينية في الضفة وغزة ورفعها شعار الشعب يريد إنهاء الإنقسام ,الشعب يريد إنهاء الإحتلال. هذا الإتفاق رغم أنه قد أعاد قدرا من التفاؤل لدى المواطن الفلسطينى للحد من معاناة الحصار ومعاناة الإحتلال، يحمل في طياته وبالمقابل قدرا من الخوف من الفشل بسبب فشل ست إتفاقات مصالحة قبل ذلك، رغم إن هذا الإتفاق ليس جديدا في بنوده ، بل هو تأكيد لإتفاق القاهرة والدوحة . ويعزى الخوف من الفشل ثانية وأستبق القول أن الفشل هذه المره له نتائج خطيرة على مستقبل كل من حركتى فتح وحماس، ولذا قد يكون مستبعدا بشكل كامل، ولا ننسى أن سنوات الإنقسام عمقت من جذور أزمة ثقة بين القوتين لإعتقاد كل منهما إن الآخر يريد إقصائه ، والتخلص منه ، والخوف من عدم القدرة على مواجهة الضغوطات التي قد تفرضها الولايات المتحدة ، وإسرائيل. وشروط الرباعية التي لم تكتفى بإعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بها ، وتريد إعترافا من حماس حتى تستنفذ ما تبقى للفلسطينيين من أوراق قوة تفاوضية ، وبعيدا عن التشاؤم تترسخ عوامل التفاؤل التي تدفع في إتجاه المصالحة ، والمهم في سيناريو المصالحة أن تبدأ ولو بخطوات صغيرة ومحسوبة وتعرف هدفها النهائى. وبعيدا ايضا عن البحث في ألأسباب التي دفعت الحركتين نحو المصالحة هذه المرة ، تبقى الحالة الفلسطينية وخصوصيتها التي يحكمها الإحتلال الإسرائيلى ، والمتغيرات الإقليمة والدولية هى التي تفرض حتمية العودة لوحدانية القضية والشعب الفلسطينى ، وإذا لي أن الخص ألأسباب الخصها بسبب واحد وهو إن الإنقسام شكل خيارا مدمرا وخطيرا على مستقبل كل من الحركتين ،هذه هى خلاصة سبع سنوات من الإنقسام ، فحماس لم تجد نفسها مع إستمرار الإنقسام، وفتح ايضا لم تجد نفسها مع الإنقسام ، وهذا هو سبب فشل كل الخيارات الفلسطينية مفاوضات ومقاومة . ولكن في الوقت نفسه لا يمكن إن نتجاهل ما رسخته سنوات الإنقسام من بنية إنقسام ، ومن منظومة قيم ، ومن قوى مستفيدة ، ومن قوى إقليمية ودولية تريد الإنقسام أن يستمر. وليس لي أن أذهب بعيدا أن حماس تريد غزة ، ولا ضرر في ذلك ، ولكن من خلال الكل والشرعية الفلسطينية الكاملة ، وهذا ما ادركته حماس ، وهذا أيضا الدافع الرئيس الذى يفسر لماذا وافقت حماس على المصالحة ، لأنها بالمصالحة لن تخسر غزة . وبقدر ما توجد عوامل دافعة للمصالحة ، توجد عوامل وقوى لا تريد للمصالحة أن تنجح ، وفى يقينى أن التحدى ألأكبر في طريق المصالحة هو ما مدى قدرة ورغبة كل من فتح وحماس على ألإتفاق والتوافق في إطار سياسى توافقى ، وفى إطار مشروع سياسى وطنى من المرونة والإتساع ليجمع بين حركتين متباعدتين أيدولوجيا وفكريا ومرجعيتين متباعدتين ، وقد يكون الموحد بينهما كونهما أولا حركتان وطنيتان فلسطينيتان هدفهما الآنى إنهاء الإختلال الإسرائيلى ، وقيام دولة فلسطينية في المدى القصير، لكن تبقى فتح حركة علمانية ، تحكمها أيدولوجية متحررة المطلقات والكليات الدينية و بمرجعية فلسطينية ، وبرؤية أكثر واقعية وقبولا لإسرائيل كدولة ، وحركة حماس كحركة دينية وبمرجعية تتجاوز الحدود الجغرافية لفلسطين ، وإرتباطها بمرجعية دينية أوسع على مستوى التنظيم الدولى لحركة ألأخوان التي تتجاوز حدود المكان والزمان ، يبقى هذا التباعد يشكل تحديا ، ولكنه ليس مستحيلا. في ضؤ كل ما سبق تتعدد السيناريوهات المتوقعة للمصالحة ، وتتراوح بين سيناريوهين عريضيين إما سيناريو الفشل ، أو سيناريو النجاح. وعموما هناك من يتوقع ثلاث سيناريوهات سيناريو الإتفاق الجزئى ، بمعنى الإتفاق على بنود معينه كقضية المعبر. وسيناريو الإتفاق المؤقت ، والذى يتوقف بزوال ألأسباب التي قد دفعت كل منهما الإتفاق كتجاوز الأزمة المالية لحماس أو حدوث تحولات إقليمية في صالح الحركة ، وبالنسبة للسلطة وفتح تجاوز أزمة المفاوضات ، والسيناريو الثالث وهو سيناريو الطموح الوطنى ، وهو النجاح التام وتوقيع كل بنود الإتفاق ، وهذا يتوقف على تغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية ، وتغليب هدف الوحدة الوطنية على أى هدف آخر، والقدرة على مواجهة كل الضغوطات التي قد تمارسها الولايات المتحدة وإ سرائيل، والقوى الإقليمية والداخلية التي قد تقف في طريق إكمال المصالحة لأنها فقدت ورقة القضية الفلسطينية، وأيضا التخلص من النزعة ألأمنية لكل منهما. وعموما نقطة الإرتكاز في نجاح هذا السيناريو هو الإعتراف بوجود بنية إنقسام حقيقية ، وقد يصعب التغلب عليها بقرار أو بإنتخابات وأن ألأمر يتحتاج إلى رؤية تصالحية ، ومنهاج وظيفى متدرج لإحلال بينية مصالحة كاملة محل بنية ألإنقسام القائمة .

دكتور ناجى صادق شراب