اوقفوا عار قتل النساء
تاريخ النشر : 2014-05-09 17:56

ظاهرة قتل النساء في المجتمعات العربية الاسلامية على خلفية الشرف ليست حديثة العهد، بل تمتد لحقب تاريخية طويلة. ظاهرة تأصلت في الوعي الجمعي العربي الاسلامي، مع ان القرآن الكريم حدد كيفية التعاطي مع الزنى، بشروطة اولا وجود اربعة شهود؛ ثانيا احضار خيط واجراء عملية قياس للعملية بين العضو الذكري والانثوي، وعلى اثر ذلك يمكن للقاضي الحكم.

كما السنة النبوية حرمت التعامل مع الزنى على السمع او حتى استنادا الى اعتراف المرأة او الرجل بذلك، ولنا في القصة المنقولة عن الرسول العربي الكريم محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، حينما جاءتة إمرأة، وأعترفت له، بانها زنت، وهي حامل. فنهاها عن البوح. ثم عادت له مرة واخرى، وهي تقول له، انها زنت، وانتظر عليه الصلاة والسلام حتى وضعت جنينها، وتم تأمينه، ثم امر برجمها.

بتعبير آخر لايجوز التعامل مع قضايا الزنى على النقل او السمع او الاشتباه او كون إمرأة رافقت رجل في الطريق او حتى كانا في خلوة شرعية او غير شرعية إلآ وفق معايير القرآن الكريم. وما لم يتم وجود شهود اربعة لا يمكن إقرار الزنى، والكل يعلم بالرواية المنقولة عن الخليفة الثاني عمربن الخطاب، رضى الله عنه، عندما جاء شهود اربعة، وثلاثة منهم اكدوا رؤية عملية الزنى والرابع شكك ولم يؤكد، فتم جلد الشهود الثلاثة، ولم يتم تبني صفة الزنى على المرأة والرجل.

ولعل العودة ايضا للقرآن الكريم والسنة النبوية، التي حرمت قتل النفس الانسانية، واعتبار من قتل نفس انسانية دون ذنب، كمن قتل الناس جميعا؛ يدلل على انه لا يجوز تحت اي ذريعة مهما كانت إستسهال قتل الانسان إمرأة ام رجل. واستمراء عملية القتل تحت عنوان الدفاع عن شرف العائلة، ليست إلآ مبرر عار على العائلة والمجتمع ككل، الذي يسمح للجهلة والاميين أخذ القانون باليد دون العودة الى القرآن والسنة النبوية والنظام والدستور.

والذين يدعون انهم ينفذوا حكم الله، فليعودوا الى حكم الخالق العظيم جل جلاله، فهو لم يبح قتل اي زاني او رجمه إلآ بعد وجود شهود اربعة، كما فعل النبي محمد عليه السلام، الذي تغاضى عن اعتراف المرأة مرة واثنتين وثلاث، إلى ان مل من اعترافها، وتركها حتى وضعت ثم نفذ حكم القرآن؛وكما فعل الخليفة الفاروق عمر،  لم يقبل شهادة ثلاثة لان الرابع تشكك، فجلدهم، من الاجدر بهم، إن كانوا مؤمنين حقا، عليهم العودة للنص كمقياس للعقوبة على هذه الجريمة.

وتمشيا مع الواقع والتطور الانساني، فإن القانون الوضعي وضع اليات للتعامل مع كل الجرائم والجنايات بما في ذلك التحرش الجنسي والزنى، على كل انسان مهما كان موقعه وصلته بهذه المرأة او ذاك الرجل، ان يلتزم بالقانون كاساس لمعالجة القضايا الجنسية، ولا يجوز اخذ القانون باليد، لان ذلك المجرم، الذي ياخذ القانون باليد، ما كان له ان ياخذ القانون لولا تواطؤ جهات الاختصاص والمجتمع الذكوري ونزعاته المعادية للمساواة والتكافؤ مع المرأة، وغياب العقاب الجدي والقااسي بحقه.

ولو شعر كل انسان مهما كان موقعه، انه معرض لاقصى اشكال العقوبة في حال ارتكب جريمة باسم الشرف او غيرها، لما حصل الفلتان والفضوى الدموية الجارية بحق النساء في فلسطين.

منذ بداية العام الحالي مايزيد عن 13 حالة قتل للنساء تحت يافطة الدفاع عن \\\"الشرف\\\"، آخرها الحادثة، التي تمت في عقر المحكمة الشرعية في بير زيت، حيث تجرأ القاتل بتوجيه طعنات سكينه لزوجته، فارادها قتيلة دون وجه حق، كما اصاب مواطن آخر. هذه الحادثة تستحق التوقف الجدي امام حالة الفوضى والعبث بحياة بني البشر وخاصة النساء. ويفترض ايقاع اقصى العقوبات بحق القاتل، ليكون عبرة لمن اعتبر.

كما وتملي الضرورة توحيد القوانين الوضعية وتشديدها ضد مرتكبي جرائم \\\"الشرف\\\" او العار، لان هذا هو توصيفها الحقيقي، لانها لا تدافع عن الشرف بل عن عار المجتمع الذكوري البائس. ,آن الاوان لحملة توعية ثقافية وايضا دينية واسعة تحث على وقف انتهاك دم الانسان وخاصة المرأة، والعمل على مساواتها بالرجل بشكل كامل في اوجه الحياة المختلفة.

[email protected]