مصر: المصالحة الفلسطينية مؤجلة
تاريخ النشر : 2013-10-24 13:28

لن تستطيع القيادة المصرية الجديدة، إيلاء المصالحة الفلسطينية اهتماماً، كي تعيد الوضع الفلسطيني إلى حالته الطبيعية، بالتراجع عن الانقلاب، وإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب العربي الفلسطيني، لأن غياب هذه الوحدة، يجعل منها أحد الأسلحة المضادة التي تخدم العدو مجاناً، وتربك القيادة الفلسطينية، وتفقدها القدرة على امتلاك المبادرة الميدانية، وأدى إلى تغييب الفعل الشعبي الاحتجاجي الذي يجعل الاحتلال مكلفاً، أخلاقياً وسياسياً وأمنياً، فالعدو يعيش حالة الارتياح، ويتحكم بسير الأحداث والوقائع على الأرض، بدون إزعاج، لعملية التوسع والاستيطان، وفرض الوقائع الجديدة البديلة، لهوية الأرض والمكان، عبر التهويد للقدس وأسرلتها، وتمزيق الضفة الفلسطينية وتطويق تجمعاتها السكانية، وحشرهم، عبر الجدار والعديد من الإجراءات والأسوار والشوارع الالتفافية والمغلقة على الفلسطينيين بمنع استعمالهم لها، وكذلك تطهير غور الأردن من فلاحيه وسكانه ومزارعيه ويوازي 28.5 بالمائة من مساحة الضفة، وبالتالي إفقاد الشعب الفلسطيني سلته الغذائية الخصبة المتوفرة له.

القيادة المصرية، ليست مؤهلة بالوقت وبالخيار كي تعطي الحالة الفلسطينية أي اهتمام وتجعلها من أولوياتها، فأولوياتها عناوين مصرية داخلية خالصة، وإذا توفر ثمة اهتمام مصري سياسي أو أمني بالوضع الفلسطيني فهذا يعود للتداخل الأمني بين قطاع غزة وسيناء، هذا التداخل الذي يشكل عبئاً على الفلسطينيين، وأداة ضاغطة على حياتهم، لأن الملف الفلسطيني برمته الآن في القاهرة هو ملف أمني بامتياز ومحصور بالجهاز الأمني، الذي ينظر إلى الوضع الفلسطيني من خلال تداعياته على الأمن المصري، وتأثيره عليه.

الأولويات للقيادة المصرية تتمثل الآن بثلاثة عناوين هي:

أولاً: معالجة الإرهاب والعمليات المسلحة والصراع المكشوف المباشر ضد "القاعدة" ومخلفاتها والأدوات المتطرفة المماثلة التي تشكل أداة ضاغطة على عصب مؤسسة وقيادات صنع القرار السياسي الأمني المصري، فعلى نتائج العمليات اليومية والمعالجة الأمنية العسكرية ونجاحها يتحدد شكل المعركة مع الإرهاب والتطرف وزمانه وطول باعه، ومحاولات تقصير مداه، حتى لا يتمدد، والعمل لأن يبقى محشوراً في زاوية أو زوايا ضيقة، كي يتمكن الأمن المصري من القضاء عليه واجتثاثه.

ثانياً: المعالجة السياسية لدور ومكانة حركة الإخوان المسلمين في النظام المصري "وتشليحها" شرعيتها التي اكتسبتها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتقليص نفوذها على الشارع وعزلها عن التجمعات الجماهيرية الحاشدة، فالتراكم والقوة اللذان تتمتع بهما حركة الإخوان المسلمين، كأقوى حزب مصري منظم، يشكلان امتداداً لأكبر وأهم حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي، تتمتع بثراء مالي ودعم إعلامي غير محدود، يجعل معركة ثورة 30 يونيو ضد الإخوان المسلمين، معركة صعبة، وما الحركات الاحتجاجية المتقطعة المتواصلة يومياً أو أسبوعياً، سوى تعبير على قوتها، رغم ما تعرضت له من اعتقال لأغلبية قياداتها.

ثالثاً: تنفيذ خطة خارطة الطريق، عبر الخطوات الدستورية والقانونية التدريجية وصولاً نحو نيل ثورة 30 يونيو، لشرعيتها عبر صناديق الاقتراع، بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية منتصف العام المقبل 2014.

ثلاثة عناوين، تحتاج لقدرة، وصفاء، واستقرار أمني حتى تتم معالجتها، والانتصار فيها ولها وبما تحمل من نتائج، إن تحققت، وإن نجحت في معالجتها ستؤدي إلى نقل مصر، نقلة نوعية، في الأمن والاستقرار والتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

ولهذا فالموضوع الفلسطيني مؤجل وغير معجل، ومن هنا وحتى تتم معالجة الملفات الداخلية المصرية الثلاثة، تكون، قد نضجت الظروف الفلسطينية داخل قطاع غزة ضد الإدارة التسلطية المنفردة التي تفرضها حركة الإخوان المسلمين من خلال حكومة وانقلاب وسلطة حركة حماس، على أهالي القطاع، الذين عبروا عن رفضهم، لأكثر من مرة، لإدارة حركة حماس وتفردها، وخطف القطاع برمته لصالح السياسة الحزبية المحدودة، التي تقترفها "حماس" في قطاع غزة.

[email protected]