يا مشير.. كن منذ الآن غيرك
تاريخ النشر : 2014-05-01 11:36

هذا المقال استكمال لمقالى السابق المعنون بـ«السيسى.. صالح شوبير وزعل عم أحمد»، وتحدثت فيه عن عم أحمد بواب عمارتنا (شيخ جامع فى نفس الوقت)، فبعد نجاح ثورة 30 يونيو وعزل مرسى، قال لى والابتسامة تضىء وجهه: «السيسى ده راجل.. أنا أصلى وراه من غير وضوء». ومؤخرا قال: «لن أذهب للتصويت فى انتخابات الرئاسة». كنت أنوى نشرالأسباب، وعندما استأذنته قال لى «بلاش يا مدام.. ممكن ياخدونى.. وأنا صاحب عيال».

فكرت فى عم أحمد، وقلت معه حق، من فينا لا يشعر بالخوف؟ هناك عشرات الأسباب تدعو له، خوف مما نعيشه، وخوف مما سنعيشه، خوف على ما ضاع منا، وخوف على ضياع ما تبقى لنا.

كنت من الذين خرجوا فى 30 يونيو مفوضين السيسى فى عزل مرسى ومحاربة الإرهاب، كنت من المعجبين بوزير الدفاع الواثقين به، رأيت فيه البطل والمخلص من نظام كان يسير بنا عكس عقارب الساعة، كنت أتصور أن الرجل الذى استطاع أن يزيح عن مصر كابوس حكم الإخوان، وهم قوة لا يستهان بها- قادر على أن يحارب الفساد المتوغل فى النظام، والذى يعشش فيه على مدى عقود طويلة تمتد لأبعد من حكم السادات، فمن استطاع أن يشهر سيفه فى وجه الفاشية الدينية قادر على أن يعيد لنا مصر التى نهبها المكلفون بحمايتها، وأن يحكم بالعدل بين الناس، ويقيم دولة القانون، ويطبق العدالة العمياء التى لا تفرق بين وزير وخفير، وسكان القصور وسكان العشش الصفيح.

لكننى وآلاف غيرى وجدنا من السيسى ما خيب آمالنا، وذكرنى، مع الفارق بالطبع، بالآيات الكريمة التى عاتب فيها الله رسوله الكريم على عدم اهتمامه بابن أم مكتوم، لأنه كان مشغولا بوعظ عِلية القوم: «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى* وَمَا عَلَيْكَ أَلاَ يَزَّكَّى* وَأَمَّا مَنْ جَاءكَ يَسْعَى* وَهُوَ يَخْشَى* فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى».. فما زال المشير يقرب رموز العهد السابق، ويختار منهم جنوده، ويبتعد عن أنصاره الحقيقيين من البسطاء. كان عندنا حلم، بعد ثورتين ومئات الشهداء، أن تتحقق العدالة على أرض مصر، وأن يتحول شعار «ارفع راسك فوق إنت مصرى» لواقع نعيشه فى الشارع والمدرسة والمستشفى وجميع مؤسسات الدولة، أن نرمم الجرح الذى ينزف منذ سنوات طويل، ويتسع بطول الوطن وعرضه، جرح الإحساس بالظلم، الذى حول الأغلبية لأقلية لا حول لها ولا قوة. كان عندنا حلم أن نكون بك أرقاما وليس مجرد أصفار، فالواحد القوى يمكن أن يحول الأصفار التى تصطف أمامه لأرقام مذهلة، شريطة أن تكون أمامه وليس خلفه. كان عندنا حلم أن تكون منذ الآن غيرك، كما يقول درويش، أنت تكون منا ولنا.

لماذا تتحاشانا يا سيادة المشير السابق؟ ممَّ تخاف؟ ألا تؤمن بما تردده من آيات الذكر الحكيم: «قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا»؟

جنودك هم عم أحمد وأمثاله، وليس أحمد موسى والمتشبهين به.. صحيح أن هؤلاء البسطاء ليس لديهم مال يقدمونه ولا أبواق ينفخون فيها، ولكن لديهم ما هو أكثر قيمة: حبهم وإخلاصهم، ولو احتاج الأمر أرواحهم، بهم ستكون ملايين، ومن غيرهم ستظل واحدا وحيدا.

عن المصري اليوم