محللون: سن الرئيس الفلسطيني وتعثر برنامجه السياسي يدفعانه للرحيل عن منصبه
تاريخ النشر : 2014-04-30 18:07

أمد/ رام الله- الأناضول: رأى محللون سياسيون فلسطينيون، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقترب من مغادرة الحياة السياسية، بعد أن أوشك على بلوغ الثمانين من العمر، في ظل تعثر المفاوضات وفشله في تحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية.

وأشار المحللون في حديثهم للأناضول، إلى أن عباس (79 عاما) أراد أن ينهي مشواره السياسي في رئاسة السلطة الفلسطينية بمصالحة توحِّد الشعب الفلسطيني بعد انقسام طال 7 سنوات، حتى لا يسجل التاريخ اسمه على أنه الرئيس الفلسطيني الذي حصل في عهده الانقسام، وغادر منصبه دون أن يوحد شعبه.

وأعلنت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس، الأربعاء الماضي، توصلهما إلى اتفاق مصالحة، كما أعلنتا شروع الرئيس عباس في مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني، حيث سيعلن عن تشكيل الحكومة خلال مدة أقصاها 5 أسابيع، وذلك بعد انقسام دام قرابة 7 سنوات، إثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007.

وقال هاني المصري، المحلل السياسي ومدير مركز مسارات لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية في رام الله (غير حكومي)، إن: “احتمالية اتجاه عباس نحو مغادرة الحياة السياسية بعد إتمام المصالحة مع حماس، وفي ظل تعثر المفاوضات، إضافة لعمره، هو أمر وارد”، مشيرا إلى أن “الرئيس (عباس) ألمح مؤخرا بأنه إذا لم يحدث تقدم بالمفاوضات سيسلم الراية”.

وأضاف في حديثه للأناضول: “عقيدة عباس السياسية هي المفاوضات، وهو غير مؤمن بخيارات أخرى، بالتالي أعتقد أنه سيعطي فرصة أخيرة بالأشهر القادمة، وبعدها سيفكر جديا بالرحيل، ويمكن أن تكون هذه الفترة مرحلة تحضير لبدائل، كإنجاز الانتخابات بعد تحقيق الوحدة الفلسطينية، حتى لا يسجل التاريخ أنه لم يقم الدولة الفلسطينية، ووقع الانقسام بعده، وتنازل لإسرائيل، لذلك على الأقل هو يحاول أن يرمم بعض الأمور، أهمها الوحدة والانتخابات وهي الدائرة التي يستطيع التحرك فيها”.

وفي تعقيبه على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل أيام، والتي قال فيها خلال اجتماعه مع مسؤولين من الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، ونشرها موقع الأخبار الأمريكي “ديلي بيست” أول من أمس الإثنين، إن احتمالات التوصل إلى اتفاق بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني قد تزداد إذا ما تم استبدال القيادة الفلسطينية أو الإسرائيلية، قال المصري: “التلميح جاء لتغيير القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية”.

وأضاف أن “كيري بذل جهودا كبيرة واجتماعات كثيرة، ولم يحصل منها على شيء، وبالتالي يعبر من خلال هذه التصريحات عن يأسه، وعن أمله من جهة أخرى بأن يتم تغيير القيادات حتى يتم التوصل لاتفاق سلام، على الأقل هو تحدث عن طرفين ولا يحمل طرفا واحدا المسؤولية، وهذا أهون الشرين”.

وفيما إذا كان هناك أمل في الوصول لحل إذا ما تم تغيير القيادة الفلسطينية، قال المصري: “لا أعتقد أن يكون هناك زعيم يمثل الشعب الفلسطيني ويكون مرنا أكثر من الرئيس عباس، لأنه ذهب بعيدا بالمرونة ولم يحصد سوى الفشل والريح، وبالتالي أي رئيس قادم سيأخذ هذه المسألة بالحسبان، وسيحاول أن يبحث عن طريق آخر”.

ويوافقه الرأي أيمن يوسف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين (شمالي الضفة)، الذي أشار إلى أنه: “من ناحية العمر هناك مشكلة تواجه الرئيس الفلسطيني كونه قارب على الثمانين عاما، على الرغم من أن أنه ما زال من ناحية المظهر يبدو نشطا”.

وأضاف في حديثه للأناضول: “حتى وإن غادر الرئيس المشهد السياسي الفلسطيني، سيكون للترتيبات التي يضعها تأثير واضح على هذا المشهد والحالة الفلسطينية، خاصة في إدارة ملفي المفاوضات والمصالحة، خاصة أن عباس موجود على الساحة الفلسطينية منذ أكثر من أربعين عاما، وبعد اتفاق أوسلو (بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993) أمضى 20 عاما داخل الأراضي الفلسطينية”.

ولفت يوسف إلى أنه “من المعروف أن عباس ينادي بنظرية المقاومة الشعبية المدعومة بالمفاوضات وبالذهاب إلى المنظمات الدولية والإقليمية، بالتالي أتوقع أن الرؤية التي وضعها ضمن هذه المتغيرات الثلاثة ستكون أحد الخيارات الفلسطينية المتاحة، لأن الفلسطينيين جربوا خيار المقاومة، وكانت النتائج أقل من المطلوب، لكن عمليا، أرى أن خيار المقاومة المتفق عليها بالإضافة لخيار المفاوضات يجب أن يسيرا جنبا إلى جنب”، حسب قوله.

واتفق يوسف “جزئيا” حسب قوله، مع التحليل القائل بأن عباس وصل لمرحلة اليأس السياسي بعد أن فشل في إقامة الدولة الفلسطينية والتي طالما حلم بأن يكون هو صاحب هذا الإنجاز، مضيفا أنه “في الوقت ذاته، يجب الانتباه للترتيبات الأخرى، وماذا سيحصل بعد الرئيس عباس، هل سيبقى الفلسطينيون متشبثين بنفس الرؤية؟”.

وتابع: “هناك متغير آخر، وهو مستقبل المصالحة الفلسطينية وما يترتب عليها، هل سيترتب عليها برنامج وطني فلسطيني تكون المقاومة والمفاوضات والانتخابات جزءا منه، وبالتالي كل هذه الأمور لا زالت مطروحة للنقاش”.

ومضى بالقول: “لا أرى أن عباس يشعر بحالة إحباط، لأن القضية الفلسطينية معقدة وفيها متغيرات كثيرة، وعوامل إقليمية ودولية، لذلك فهذا التعقيد هو ما دفع عباس للحلول السلمية والتفاوضية بهذا الاتجاه”.

وعلّق أستاذ العلوم السياسية حول تصريح أدلى به الرئيس الفلسطيني أمام صحفيين إسرائيليين في مقر المقاطعة في رام الله، مؤخرا، أبدى فيه استعداده لتسليم السلطة لإسرائيل: “هذا التصريح انفعالي بدرجة معينة، وربما كان تكتيكيا، ولم يكن فيه بُعد إستراتيجي، الهدف كان إيصال رسالة للسياسيين الإسرائيليين عبر صحفيين إسرائيليين متواجدين بالمقاطعة، بأن الفلسطينيين يملكون خيارات متعددة إحداها حل السلطة”.

وقال الرئيس الفلسطيني خلال لقائه مع الصحفيين الإسرائيليين في مقر المقاطعة في رام الله: “لا يمكن أن يستمر الوضع الحالي كما هو إلى الأبد، فلم يعد للسلطة الفلسطينية أي سلطة على الأرض، وإذا استمر الوضع على هذا النحو فليأت ضابط إسرائيلي صغير إلى هنا ويستلم المفاتيح”.

وبيَّن يوسف أن “تصريح عباس ربما قناعة منه بأن حل السلطة وتمويه القضية بهذا الشكل سيضر بالمصالح الإسرائيلية، لأنه إذا انحلت السلطة، فهذا معناه الاتجاه نحو خيار الدولة الواحدة العلمانية الديمقراطية، وهذا ما تعارضه إسرائيل، بالتالي هو حاول أن يضع الكرة بالملعب الإسرائيلي، وأن يمارس شكلا من أشكال التكتيك السياسي، المرتبط بأن هناك خيارات فلسطينية عديدة”.

وحول تصريحات كيري التي لمح فيها لتبديل القيادتين الفلسطينية أو الإسرائيلية، لفت يوسف إلى أن “أحد الخيارات المطروحة أمام الإدارة الأمريكية هي انتخابات فلسطينية جديدة تفرز قيادة ونخبة جديدين”.

وأضاف: “لن تكون هذه القيادة سهلة بعملية المفاوضات كما هو الرئيس محمود عباس، يخطئ الجانب الأمريكي إذا اعتقد أن هناك قيادة فلسطينية سواء من فتح أو حماس أو باقي الفصائل، سيكون عندها الاستعداد أو الرؤية والأهداف بأن تتعاطى مع المفاوضات كما تعاطى معها عباس″.

وتابع: “على الشق الآخر، فالإدارة الأمريكية معنية بهذه المرحلة بإجراء نوع من التغييرات داخل إسرائيل، معروف أن حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو و(وزير الخارجية أفيغدور) ليبرمان هي حكومة يمينية متطرفة قاتلة لأصوات الوسط والأصوات المنادية للسلام مع الجانب الفلسطيني”.

ومضى بأن “أي انتخابات إسرائيلية جديدة ربما تفرز قيادة جديدة بعيدة عن نتنياهو، المعروف من منظور سياسي بأن مصالحه أقرب إلى الحزب الجمهوري من الديمقراطي، والإدارة الأمريكية الحالية ديمقراطية، تفضل ربما رئيس وزراء من حزبي كاديما أو العمل الإسرائيليين على الرغم من أنهما تراجعا في إسرائيل”.

وتوقع يوسف أن “تؤدي الضغوطات الأمريكية على إسرائيل لانتخابات مبكرة في الأخيرة، وستؤدي لبروز معادلة جديدة (غياب اليمين المتطرف)، وربما هذا أحد الأهداف الأمريكية بالمنطقة في هذه المرحلة”.

وفيما يرى المصري ويوسف، قرب انتهاء رئاسة محمود عباس للسلطة الفلسطينية، استبعد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيرزيت في رام الله (وسط الضفة الغربية) سمير عوض أن يغادر الرئيس الفلسطيني المشهد السياسي قريبا.

وقال عوض للأناضول: “لا أعتقد أن عباس سيستقيل، وذلك استنادا إلى موقفه هو بوجود معركة مفروضة علينا ويجب أن نخوضها ونستمر بها ولا نتراجع″.

وتابع: “الكلمة التي ألقاها عباس أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل أيام، يمكن تقييمها بأنه غير سعيد بأن يغادر السلطة والانشقاق الداخلي مستمر على أيامه، هو لا يريد أن يسجل عليه في المستقبل أنه كان الرئيس الذي حدث الانقسام بعهده، وهذا ما دفعه للتفاهم مع حماس وعودة اللحمة للشعب الفلسطيني، ولكن لا أعتقد أنه أوشك على انتهاء مهامه أو أن يستقيل”.

والمجلس المركزي هو جهة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني، الذي يعتبر الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها، وللمجلس المركزي صلاحيات اتخاذ القرارات في حال غياب أو عدم انعقاد المجلس الوطني.

وأردف قائلا: “على سبيل التأكيد، هو لن يستقيل من مكانته كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، حتى لو ترك السلطة”.

وأشار: “لا اعتقد أن عباس وصل لمرحلة اليأس السياسي، فهو قال أمام المركزي بأن السلطة طالبت بإطلاق سراح الأسرى ووقف الاستيطان والعودة للمفاوضات، وإذا لم ترد إسرائيل على ذلك فهذا شأنها، لذلك أعتقد أنه بدأ المعركة مع إسرائيل لا أنه أنهاها، وهذه المعركة ستمر بفصول وتغيرات وتقلبات عديدة، لكنه مستمر ومعه كل القيادة الفلسطينية”.