سعادة الفلسطينيين تزعج نتنياهو!
تاريخ النشر : 2014-04-30 10:49

(نتنياهو) غاضب الى الحد الذي أخرجه عن طوره، \\\"ومتى كان راضيا\\\"؟! فلم يتقبل أي تصريح من الرئيس عباس، حتى لو كان مقتربا ولو جزئيا مما كان يقوله رئيس الوزراء الاسرائيلي بالأمس!

نتنياهو المنزعج من المصالحة الفلسطينية يرى أن مسار السلام قد ابتعد، وهو يدين ويستنكر بشدة التقارب الفلسطيني، وهو ذاته الذي طعن منذ فترة وإعلامه ووزرائه في قدرة أبومازن على تمثيل الفلسطينيين لا سيما وأنه -كما نظّرت وسائل خداعه- رئيس منتهية مدته ولا يمثل الا جزء من الفلسطينيين.

أبعد أن يوحد الرئيس الفلسطيني تطلعات الفلسطينيين وتنظيماتهم، مزيلا عائقا كان يتحجج به نتنياهو، وبالتالي يعبّر عن الكل الوطني تصبح فعلته هذه مدانة؟ بمعنى أنه عندما كان يمثل شطرا لا نتعامل معه، وعندما مثّل الكل تصبح المعادلة إما نحن (الاسرائيليين) وإما \\\"حماس\\\"؟ وذلك في آلية مماطلة وخبث هي شبيهة بقول الشاعر-وهو يصف فيما يصف في مقاربة لطيفة حال الفلسطينيين مع الحكومة الصهيونية

إن حظى كدقيق فوق شوك نثروه

ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه

أو كما يقول المثل العامي (صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل وكُل لتشبع)

نتنياهو الغاضب أبدا من الفلسطينيين، لم يظهر يوما أنه يسعى للسلام أويقترب بوصة واحدة منه فهو في ظهره حكومة مركبة، وفي رأسه بقايا أساطير توراتية، وبين عينيه سعي للسيطرة والهيمنة على الضفة الفلسطينية كلها، ويعد اليمين أن تبقى القدس موحدة للأبد ولا يتخلى مطلقا عن الأغوار أو جبال الضفة أو مستوطناتها، وكأن مطحنة الأيديولوجيا و(الكومنويلث اليهودي الثالث) الموهوم، والتاريخ المكذوب والسياسة المخاتلة قد صنعت شخصية هذا الرجل. لذا فإن مواقفه وسياساته تتأرجح مع الفلسطينيين وفق هذه المعادلة.

كلما بدا لنتنياهو أن الفلسطينيين يقتربون من تحقيق متطلبات عملية السلام-حتى وفق ما يرى هو- يصيح حانقا: يا للهول! فيخترع شروطا تبعدهم عنها. وكلما ابتعدوا يحاجج العالم بأنهم إرهابيين أو ليسوا ذوي صلة أو أنهم غير شرعيين أو لا يريدون السلام! حتى لو كان ما يراه ابتعادا في هو في حقيقته اقتراب على نمط ما فعل أبومازن إذ اقترب من \\\"حماس\\\" -أو هي اقتربت منه ليس هذا مبحثنا هنا- ما يعني بقول آخر أنه جعل المسافة السياسية قريبة وجعل الكل الوطني واحد ما يبث الحرارة في المفاوضات.

ان سياسة الخداع والمخاتلة المشبعة بالفكرانية العنصرية (الأيديولوجيا) في فكر اليمين الاسرائيلي لا ترى الآخر كليا، وتسعى كل جهدها لتحقيق أمور خمسة باعتقادي، الأول: اتخاذ موقف مناهض في حقيقة الأمر لعملية السلام بكل الأشكال السياسية وعبر ممارسة كافة الضغوط، وثانيا: دفع المتطرفين والمستوطنين (وكذلك جيش الاحتلال) لتكبيل خطوات السلام وتقييدها بسلسلة من الاعتداءات اليومية والتهويد وتثبيت الوقائع على الأرض ما يجعل لديهم التخلي عنها شبه مستحيل.

اما ثالثا: فهو ضرورة لعب دور الضحية المظلوم (وفي الاتجاه الآخر الذكي والمسالم والديمقراطي الوحيد) المحتاج للتآزر معه دوما مقابل أولئك الهمج الارهابييين الأغبياء الذين لا يريدون السلام مهما فعلوا، ورابعا: اختراع أفكار وشروط تعجيزية لمنع أي تقدم في عملية التسوية كما هو الحال مع شرط \\\"يهودية الدولة\\\" المقدم أمام السلطة، وشرط الاعتراف (باسرائيل) المقدم لحماس (لم يأتي أوان مطالبتها الاعتراف بيهودية الدولة، ثم الله أعلم ما يليها...من مطالب مخاتلة، ولعلك تنظر في كتاب المفكر الاسرائيلي \\\"شلومو ساند\\\" \\\"اختراع شعب اسرائيل\\\" ثم \\\"اختراع أرض اسرائيل\\\" ملاحظا مصطلح اختراع...).

أما خامسا: فإن السعي الحثيث لنتنياهو هو خلق جو وبيئة موازية بعيدا عن التعامل مع الفلسطينيين إذ يسعى جاهدا لنقل المسرح والأنظار الى سوريا وايران تارة والى قدرة (اسرائيل) الاقتصادية والعلمية والتقانية (والديمقراطية) تارة أخرى في مخطط لتجاوز إشكالية انخراطه الذي لا يعجبه في سلام مع الفلسطينيين، لا يراه أكثر من تعامله المريح جدا مع شبه دولتين/حكومتين/مشيختين متصارعتين في بقعتين من الأرض يسيطر هو عليهما معا مع ترك السكان يصطرعون.

إن نتنياهو الحانق الغاضب اليائس من أبي مازن (ومن القيادة الفلسطينية والشعب عامة) الذي كشف مبكرا لعبة نتنياهو وأضرابه، لن يستطيع أن يخدع كل الناس كل الوقت، حتى شركاؤه في الحكومة كما لا يستطيع أن يخدع العالم، ولا الاسرائيليين الذين لا بد سيكشفون قدرته الفذة على التلاعب في مصيرهم.

اننا نشد أيدينا مع قرار الوحدة والمصالحة، والمضي قدما بها ما أزعج وأغضب وأحنق نتنياهو وأشياعه في المنطقة، ونقول بوضوح وبساطة أن ما يزعجهم هو سعادتنا بهذا الوطن الذي لم يعرف غيرنا، وما يغضبهم هو انكشاف علانيتهم وسرائرهم دوما، وما يزعجهم وعينا وادراكنا وتجمعنا فدعهم ينزعجون... وليكن الله هادينا.