محاذير السياسة الخارجية الامريكية فى منطقة الشرق الاوسط
تاريخ النشر : 2014-04-29 13:54

تتواصل حالة التفرد الامريكى فى العالم الذى اصبح أحادي القطبية، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، وسيطرة الولايات المتحدة الامريكية على المنظومة العالمية، والمؤسسات الدولية، مما دفعها لان تصبح صاحبة القرار، وتنصب نفسها وصية على المجتمع الدولى، تفعل ما تشاء، ووقتما تشاء، وتتخذ المواقف كما يتوافق مع اهوائها، ومصالحها، المحكومة بنظم معينة، تخضع للغة المصالح المتعلقة بالنظام الامريكى، وحلفائه، مما يجعل الامر متعلقا بسياسة خارجية معتمدة اساسا على ما ارسته من مفاهيم ورؤى تضمن لها الاستفراد، والسيطرة على العالم، من خلال تأجيج الصراعات الاقليمية، والتدخل فى الشأن الداخلى للدول، ومساندة بعض الدول، متغاضية عن الانتهاكات التى تتم للمواثيق والاعراف الدولية لدول، ومُحاسبة لدول اخرى ، ولكن ما يهمنا هنا الدور الامريكى فى المنطقة الشرق اوسطية، والموقف من القضية الفلسطينية، فالولايات المتحدة عدت نفسها منذ البداية، وروجت على انها وسيط نزيه يسعى لإحلال السلام، والوصول الى حالة من الاتفاق والتوافق، لانهاء حالة الصراع العربى_ الاسرائيلى، واقامة دولة فلسطينية مستقلة؛ وهو الامر الذى دعت اليه معظم الادارات الامريكية المتعاقبة على اختلاف الاحزاب، سواء الديمقراطى، او الجمهورى؛ الا ان السياسة الخارجية تجاه منطقة الشرق الاوسط رسمت معالمها، وكأنها خطت بحبر لن يمحى، او حفرت ونقشت على ابواب البيت الابيض، مما يدفعنا للتساؤل عن هذه السياسة المُنفذة، وخاصة تجاه القضايا العربية ،حتى اصبح يشعر المواطن العربى ان مجلس الامن وجد ليشرع ويتخذ قراراته فقط، لتنفيذها على العرب والدول النامية، او دول العالم الثالث، فى ظل غطرسة، وضرب بعرض الحائط لكافة قرارات مجلس الامن، ومجالس الامم المتحدة وجمعياتها من قبل دولة الاحتلال، دون ان تحرك الولايات المتحدة الامريكية ساكنا، بل سعت فى كافة المواقف لإبطال المشاريع المقدمة لمجلس الامن لإدانة الاحتلال بالفيتو الامريكى، حتى اصبح الامر يمثل الكيل بمكيالين، وافقد اجهزة الامم المتحدة دورها، وهذا بسبب السياسة الامريكية، ولكن ما الذى يدفع الولايات المتحدة الامريكية لذلك؟ اهل هو الضغط اليهودى فى الولايات المتحدة من خلال اللوبى الصهيونى ومنظمة الايباك؟ وما حجم هذا الضغط فى ظل دولة الحريات والديمقراطية؟ وهنا اقف امام بعض الكتابات الامريكية، والعالمية لمفكرين، لإيضاح هذه الحقائق المتعلقة بالسياسة الامريكية الخارجية تجاه الشرق الاوسط ، وقضية الصراع العربى الصهيونى، من أبرز الكتب التي صدرت مع بداية الفترة الرئاسية الثانية للرئيس أوباما، والتي تقيم السياسة الخارجية الأمريكية، خلال فترتها الرئاسية الأولي، كتاب والي نصر، بـعنوان \\\"الأمة المستغني عنها: السياسة الخارجية الأمريكية في تراجع\\\". حيث ركز الكاتب على موقف الإدارة الأمريكية من الملف الأفغاني، وأزمة البرنامج النووي الإيراني، وعلى موقفها من دول الربيع العربي، لاسيما مصر، بحسبانها جميعا مؤشرا على إخفاقات السياسة الخارجية لإدارة أوباما. ويلخص نصر إخفاقات إدارة الرئيس الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط في أن الإدارة الأمريكية، خلال سنواتها الأربع الأولي في البيت الأبيض، لم تستغل الفرص السانحة لبناء مؤسسات إقليمية، وسياسية، وعسكرية، واقتصادية تساعد المنطقة على حل قضاياها، وإدارة أزماتها بدون أن يتطلب ذلك التضحية بمزيد من أرواح الأمريكيين، ومليارات الدولارات الأمريكية، وتقليل تنامي نفوذ تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية بالمنطقة، ودعم ونشر الديمقراطية، وإثناء إيران عن برنامجها النووي، وتقليل النفوذ الصيني المتنامي في الشرق الأوسط.

ويبين نورمان ميلر في كتابه \\\"لماذا نحن في حرب؟\\\" الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة، خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والمستمرة فيري أن تلك الحروب لم يقتصر ضررها المباشر على الولايات المتحدة من حيث فقدانها للجنود في هذه الحرب، وإنما الخسارة تكمن في صورة الديمقراطية التي فقدتها تدريجيا، فأصبحت -من وجهة نظر الشعوب- هي المروج الأول للديكتاتورية والفاشية، والتدخل في شئون الدول الأخرى، وهو ما أدى إلى زيادة العداء لحكومات معارضة للسياسات الأمريكية. ومرجع ذلك الأساسي غطرسة السياسيين في البيت الأبيض والكونجرس على حساب تدمير أسس الديمقراطية الأمريكية عند الشعوب الأخري.

ومع اهتمام الرئيس الأمريكي باراك أوباما، على خلاف رؤساء الولايات المتحدة الأمريكيين، منذ اليوم الأول له في البيت الأبيض، بقضية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ووضع عملية السلام على أولوياته، اهتمت كتابات أمريكية بتقييم السياسة الخارجية تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. ينتقد جوش روبنر سياسات إدارة أوباما تجاه عملية السلام، في كتابه \\\"الآمال المحطمة: فشل عملية أوباما للسلام في الشرق الأوسط\\\"،  فيري أنها فاشلة، وشابها الكثير من الأخطاء، فلم يضغط على إسرائيل لوقف المستوطنات، عندما تطلب الأمر ذلك، خوفا من نفوذ اللوبي الإسرائيلي، وتأثيره في فرص فوزه في انتخابات عام 2012، ولم تدن إدارته سياسات الاستيطان الإسرائيلية في مجلس الأمن. وفي المقابل، استمرت إدارته في نقد الجانب الفلسطيني في كل محفل.

وفي مؤلفه المعنون بـ \\\"وسيط مخادع: كيف تقوض الولايات المتحدة عملية السلام في الشرق الأوسط؟\\\"، يري رشيد خالدي، أن الولايات المتحدة تسعي إلى تقديم نفسها كوسيط نزيه للصراع العربي - الإسرائيلي. ، فلم تكن ذلك الوسيط النزيه أو المحايد في المفاوضات، بل إنها كانت طرفا منحازا للطرف الإسرائيلي ومدافعا عنه وعن سياساته التي من شأنها إفشال المفاوضات.

فيرى الكتاب مدى العلاقة التزاوجية (الزواج الكاثوليكى) ما بين دولة الاحتلال، والادارة الامريكية؛ لان المصلحة الامريكية مقدمة على اية اعتبارات اخرى، سواء كانت انسانية، او قانونية، او دولية، لان البقاء فى حالة التفرد على راس الهرم العالمى؛ هو اساس السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية، والتى تنبع من حالة الواقع الداخلى، الذى يجعل من كل رئيس امريكى يرغب بالذهاب الى البيت الابيض او البقاء فيه، ان يحصل على مباركة اللوبى الصهيونى ومنظمة الايباك.

لذا لن تتغير السياسة الخارجية الامريكية؛ الا اذا شعرت بان مصالحها ستتعرض للخطر، سواء على الصعيد الداخلى، او الخارجى، ولا يأتي ذلك الا بتقليل هيمنة اللوبى الصهيونى، والمنظمات اليهودية، بإيجاد النقيض القادر على التأثير فى المواطن الامريكى، الذى يجب ان يعرف اين تذهب ضرائبه، التى يدفعها، ولمصلحة من تستغل، وفضح الممارسات الصهيونية، والتخاذل الامريكى معها، فى ظل حالة الديمقراطية، وحرية الرأي، وتشكيل لوبى ضاغط من كل الاحرار، والعرب، والثوريين، للحد من التأثيرات الداخلية للوبى الصهيونى، اما على صعيد السياسة الخارجية، لابد من تفعيل دور الامم المتحدة، واصلاح منظومتها، وتفعيل الاتفاقيات، والبروتوكلات الدولية، وانهاء حالة التفرد الامريكى بالعالم، بإيجاد دور للقوى العالمية الاخرى، سواء الاتحاد الاوروبى، وروسيا الاتحادية، والصين، والدول الاسلامية والعربية، والاتحاد الافريقى، واستغلال كافة الامكانات الاقتصادية، والسياسية، المؤثرة على الولايات المتحدة الامريكية، لأنه بالنهاية ستخضع لحماية مصالحها بعيدا عن اية اعتبارات اخرى.

فهل نرى ذلك فى المستقبل القريب مع حالة التغيرات والتقلبات التى تشهدها المنطقة والعالم.

ملاحظة :المصالحة الوطنية حق لكل الفلسطينيين وليس منة من احد على شعبنا الفلسطينى لأنه تحمل الكثير من المعاناة ومعركتنا مع الاحتلال قادمة ومتواصلة بكافة اشكالها فعلى الجميع الاستعداد لذلك والالتفاف خلف القيادة الفلسطينية.