المصالحة الفلسطينية مؤشر نضج أم مؤشر حاجة ؟
تاريخ النشر : 2014-04-26 02:27

في عالم السياسة كله جائز مادامت النتائج تخدم المصلحة من وجهة نظر أصحابها، لكن عالم السياسة هذا متحرك متغير وفق الظروف والمعطيات. أما في عالم العقود الإجتماعية فالثبات صفة مستدامة لأن أبناء المجتمعات لا يتطلعون الا لحياة ملؤها الرخاء والتقدم تحت مظلة من المحبة والإخاء .وهذا ما ينطبق علينا كمجتمع فلسطيني ،فغاية عقدنا تتمثل في تحرير أرضنا وإقامة دولتنا والعيش كباقي شعوب الارض نبني ونعمل لما فيه خيرنا وخير أمتنا لا بل وما فيه خيرٌ لعالمنا .

من هذا المنطلق حرص القائمون على وضع اللبنات الأساسية لمنظمة التحرير الفلسطينية التركيز على هذه المبادئ والسير على هديها لبناء استراتيجية فلسطينية أسهم في وضعها كافة القوى الفلسطينية وذلك للعمل بمقتضاها والسير على هداها حتى نصل لهدفنا المنشود .

لم تعترض منظمة التحرير بقيادة فتح على انضمام الحزب الشيوعي كفصيل فلسطيني عندما طلب الانضمام للمنظمة كونه اتفق مع مبادئ الوطنية الفلسطينية وسار على نهجها مسخراً ايديولوجيته لخدمة الوطن، وكذلك لم تعترض على أصحاب النهج القومي بعد اقناعهم بأن فكرهم يجب أن يُعلي مصلحة الوطن على مصلحة الامة خاصة في مثل قضيتنا وظروفها .

بقي التيار السياسي الديني بعيداً عن الانضمام لقافلة الوطنية الفلسطينية علماً بأنه كان من أوائل من أجري الحوار معه منذ اواخر الخمسينات الى ما بعد (1967) في الأردن وحتى الثمانيات من القرن الماضي وإلى يومنا هذا .

إليهم نقول كما قلنا لغيرهم : نحن كوطنين فلسطينيين ندرك بأنكم جزء لا يتجزأ من هذا الشعب كما ندرك حجم تضحياتكم ، ولا يفصلنا عنكم الدين بقدر ما يفصلنا عنكم اتخاذكم الدين كايديولوجيا فكلنا مسلمون ولكن نظرتنا للدين والمجتمع تختلف عن نظرتكم لهما ، أنتم تتطلعون الى اسلمة المجتمع ونحن نرى بأن المجتمع مسلم في غالبيته قبل شعاراتكم وسيبقى كذلك الى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، رفعتم شعارات فضفاضة لم تسمن ولم تغني من جوع ، وهذا ما اثبته الواقع ، نحن لا نطلب منكم كأحزاب دينيه – علماً بأنه لا تحزب في الاسلام- التخلي عن مفاهيمكم بقدر ما نريد منكم الانضواء تحت لواء الوطنية الفلسطينية وأن لا تقدموا ما فوق الوطني على الوطني ، وثقوا تماماً بأننا سنلتقي معكم ومع غيركم بعد تحرير وطننا في التوجه لوحدة العالم العربي لا بل والعالم الاسلامي ،وسنكون طلائع نسبقكم للوصول الى ذلك .

أما الان فنحن في مرحلة تحرر وطنيّ ونحن في أمس الحاجة لإعلاء كلمة فلسطين والقدس كوطن لنا عوضاً عن تفتيت جهودنا في مقارعة خصوم نشتريهم لمحاربتنا بدلاً من أن يكونوا رديفاً لنا .

عليكم أن تعلوا كلمة الوطن ونحن على ثقة بأن الآخرين على اختلاف أطيافهم سيكونون عوناً لنا ولكم في ذلك . بهذا سنكون قد جيّرنا الغالبية العظمى من شعوبنا العربية والاسلامية لصالح قضيتنا العادلة.

طالعتنا عدة مقالات في الآونة الاخيرة لإخوة مستنيرين ، على رأسهم الدكتور أحمد يوسف تنم عن نضج وطني وتوجه معرفي للواقع ، نشد على أياديهم ونقول لهم بأن الوطن أكبر من الجميع ويتسع للجميع ، علينا أن لا ننسى أسباب العدوان الفاضح الذي ذهب ضحيته شهداؤنا الشيخ أحمد ياسين واسماعيل أبو شنب والدكتور الرنتيسي الذين عملوا على توجيه بوصلة عملهم باتجاه فلسطين أولاً . خسئت الفرقة وخسئ العاملين عليها والمستفيدين منها .

قراركم ليس سهلاً ونحن ندرك ذلك ، ولكن ما دام اتخاذ هذا القرار يصب في مصلحة الأكثرية في الوطن ، فعليكم أن ترجّحوا مصلحة الوطن على مصلحة الأقلية من أتباعكم ، هذا ولن ينسى شعبنا لكم فضل الاعتراف بما سببه الانقسام من كوارث في حق شعبنا وقضيتنا .

\\\" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب \\\" صدق الله العظيم