المطلوب استعادة الثقة مع الشعب
تاريخ النشر : 2014-04-25 19:38

ابتسامات الموقعين على اتفاق المصالحة، تدل على انهم واثقون من انفسهم، وبالحد الادنى انهم مصدقون انفسهم، انهم انهوا مرحلة سوداء طال زمنها من حياة الشعب الفلسطيني، الذي دفع ثمنا باهظا قبل الوصول الى هذا الابتسامات، او الضحكات الصفراء، متناسين انهم من صنعوا هذه المأساة بحق شعبهم، والتي راح ضحيتها مئات من ابناء شعبهم، ناهيك عن حياة اقل ما يقال فيها انها كانت معاناة مرعبة، وما زالت، طالما ان آليات تنفيذ ما اعلن عنه، ما زال طي الجمود، ولغاية الان لم نسمع عن اي اجراء، او تحديد زمني واضح للشروع في التنفيذ.

لست متشائما، او ضد المصالحة، لكن الخوف يعتريني، لان شخوص الانقسام، هم شخوص الاتفاق، وسبق ان وعدوا شعبهم بإتفاقات عديدة سابقة، بينها القسم في مكة، ولكن، اصابوا شعبهم مقتلا في خيبة امله فيهم.

حليف حماس العقائدي والسياسي الجهاد الاسلامي تغيب، وفصيل منظمة التحرير الجبهة الشعبية غابت، هذا يعني ان حلفائهم لا يثقون بهم، او بالحد الادنى لهما موقفا مما يجري، اقلهما انهما وصفا ما يجري بالحراك الثنائي بين حركتي فتح وحماس. اي ان المشكلة هي مشكلة نزاع على السلطة، وليس على برنامج التحرر الوطني.

بما ان هذه هي سمة النزاع، فأنه سيستمر بطريقة ما ، وبشكل جديد، كل طامح الى تعزيز موقعه السلطوي بما يخدم برنامجه الفصائلي، او اشخاصا ضمنهم. في سياق مشروع السياسي الخاص.

فالسلطة حتى الان برنامجها البديل عن المفاوضات هو المفاوضات، رغم كل ما اثبته الوقت المستقطع الطويل عن فشلها واستفادة الاحتلال منها، وما احدثه من احباط وكوارث خاصة في الضفة. وحماس ما زالت مصرة على لبوس الثوب الاخواني، رغم كل ما جره من ويلات على الشعب وخاصة في غزة. وعلى السير في الاتجاه المعاكس للمشروع الوطني، دون الاخذ بعين الاعتبار ان مصلحة الوطن والشعب فوق كل اعتبار.

اذا، ما الهدف من هذا الاحتفال الصاخب، اذا لم تكن سرعة تطبيقه اسرع من اعلانه. الشعب كله متحمس ومؤيد لخطوة المصالحة، لكن يده على قلبه، ان تكون هذه الخطوة، رقم مضاف الى المحاولات السابقة.

رغم كل شيء، الاعلان عن المصالحة ابرز مسألتين غاية في الاهمية:

الاولى، توق الشعب الفلسطيني الى طي صفحة الانقسام دون رجعة، واصراره على الوحدة الوطنية، وعلى الاحتكام اليه والى الديمقراطية، بعيدا عن السلاح، والاجهزة الامنية التي تحولت او حولتموها من اجهزة امنية تسهر على راحة المواطن، الى عامل رعب وقلق، ومن حل الى مشكلة.

 

الثانية، رد الفعل الاسرائيلي والامريكي على المصالحة، ومدى رفضهما لاي محاولة تقارب، توحد الشعب الفلسطيني، باعتبار المصالحة تشكل رافعة مهمة للموقف الفلسطيني، خاصة اذا زاوجنا بين المقاومة والمفاوضات. وهنا يجب ادراك ان الاحتلال الاسرائيلي وسيده الامريكي كانا مع تعزيز واستمرار الانقسام، كونه ورقة رابحة لهما.

هذا يقود الوضع الى التالي:

اولا العمل الجاد من اجل استعادة ثقة الشعب بالهيئات القيادية، التي هي الان في مرتبة متدنية، ليست صفرا الرقم الذي اخترعه الخوازمي، انما اللاشيء. لان هذا الشعب راهن كثيرا عليكم، لكنكم خذلتموه، وقمعتموه، وارهبتوه، وهو يراكم سرطانا سياسيا يؤدي بالوطن الى التآكل نتيجة سياساتكم التي انتهجتموها على كل الاصعدة. الشعب الفلسطيني، مدرسة النضال والكفاح، لا يستسلم، ولكن قدره انه كان على الدوام اكبر من قيادته.

ثانيا، الانتقال من سياسة ردة الفعل الى الفعل، الى الامساك بزمام المبادرة، والانتقال من الدفاع الى الهجوم، فلا يمكن ان ينتظر الفلسطيني ما يقرر الاخر، ليبني عليه موقفا استطراديا مبني على ردة الفعل، التي تبقى رهينة تغير موقف الاخر ايضا، فأذا كان المجلس الحكومي الاسرائيلي المصغر اتخذ قرار بوقف المفاوضات وحجز اموال الضرائب. على القيادة الفلسطينية ان تغتنم الموقف، وان تعلن من جانبها، وداعا مفاوضات دون محددات. وان تذهب الى منظمات الامم المتحدة التي تمسك الاحتلال الاسرائيلي من يده التي تؤلمه، وليس منظمات تحصيل حاصل.

الشعب الفلسطيني، ينتظر ان يعلن غفرانه لكم، اذا احسنتم صنيعا، وترجمتم المصالحة، واعدته له انفاسه التي يستمدها من وحدتكم، والا لن تكونوا انتم الانقلابيون، بل الشعب سينقلب عليكم هذه المرة، لانه لا يستطيع ان يمنح ثقته، لمن لا يثق بنفسه، واهمية وحدته.

احسان الجمل