بانوراما التوقيع على بدء تفعيل اتفاقيات المصالحة
تاريخ النشر : 2014-04-25 15:58

 صورة بانوراميه لما حدث من التوقيع على بدء تفعيل اتفاقيات المصالحة، من المتعارف عليه في العمل السياسي، أن الذي يدفع في اتجاه العمل المشترك هو وجود قواسم مشتركة لهذا العمل، قد يكون أساسه مبدئي وهو في عالم السياسة قليل، والأكثرية يُعبر عن مصالح الأطراف، وحتى تتضح الصورة لواقعة تفعيل اتفاقيات المصالحة، وماهي الأسباب التي دفعت بالأطراف الى طاولة المصالحة؛ ليس للتحاور وإنما من اجل تنفيذ سلة الاتفاقيات السابقة

 جرت في نهري أطراف النزاع؛ حماس وفتح مياه كثيرة، جعلتهم يتموضع كل طرف على قمة شجرة مصالحة!، وفي اشتراطاتهم للتصالح ،المبنية على نرجسية المصالح، والرغبة في أدارة حوارات على قاعدة العلاقة الصفرية في الحصول على كل شيء، من خلال طرح المطالب التعجيزية، القائمة على واقع ما استجد خلال حالة الانقسام، ثم الاستدراكات على ما اتفق.

لقد استثمرت الأطراف الاقليمية والدولية في القضية الفلسطينية ، من خلال دعمها لهذا الطرف أو ذاك خدمة لأجنداتها، وكان للتغيرات في حالة الإقليم، والعامل الدولي، ووصول المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لحائط مسدود، وعدم قدرة راعي المفاوضات على الإيفاء بتعهده بإطلاق الدفعة الأخيرة من الأسرى، وهو مؤشر ضعف كبير يؤخذ على \\\" الوسيط الأمريكي\\\" في قضية لا تعتبر مركزية في المفاوضات وإنما هي استحقاق سابق جري تنصل إسرائيل منه ، الأمر الذي دفع الطرف القائم على التفاوض، اتخاذ خطوات تصعيدية بالتوقيع على خمسة عشر من المعاهدات الدولية، قابلتها اسرائيل بعقوبات، الذي قابلة ابو مازن بتشكيل وفد لتنفيذ بنود المصالحة.

نحاول تقديم صورة تحليله للدوافع، والأسباب التي ساهمت في وضع الاتفاقيات (السباعية)، موضع التنفيذ، ومحاولة الإجابة على تساؤلات المواطن الفلسطيني ماذا جرى؟ لذا يقتضي تقريب الزووم على هذه الاحداث، من خلال مواقف ومصالح الأطراف كما يلي:

1- فشل مراهنة حماس على مشروع الإخوان بعد تلقيه الضربة القاضية في مصر.

2- تجفيف الدعم الاقتصادي الذي كانت مصر تقدمه عبر التغاضي عن عمل الأنفاق، أو عبر السماح بقوافل الداعمين لحماس التي كانت بمثابة ظهير، أعلامي، وسياسي، واقتصادي، لمشروع الإخوان \\\" حماس \\\" في غزة.

3- انهيار محور(الممانعة)، بتفرق أطرافه ودخولهم في تحالفات متناقضة، وتوقف الدعم المالي ، واللوجستي، والمكاني الجغرافي لحماس.

4- توجيه دول الخليج بقيادة السعودية ضربة قاسمة بإخراج الإخوان عن القانون في تلك الدول، وما ينتج عنه من نزع الحياة من أذرع حركة حماس المتمثلة في القوة، الاقتصادية، والسياسة، والمجتمعية التي كانت توفرها حركة الاخوان لحماس.

5- تكبيل دول الخليج لحليف حماس (قطر)، من خلال فرض عقوبات متصاعدة في حالة استمراره في دعم الإخوان واذرعها والعمل ضد مصلحة دول الخليج وحلفائه.

6- تراجع التأييد الدولي، الداعم للإخوان في الوصول للحكم ، لقناعتهم بدرجة كافية بفشل رهانهم على أمكانية نجاح حركة الإخوان بالحكم في الدول التي وصلوا اليها.

7- فشل تصدير الإخوان لقيادات لقيادة المشهد ذات قدرة، وكاريزما تتوفر فيهم صفات رجال السياسة ،أو رجل دولة، لتقدم بديل ناجح لقيادات فاسدة من عهد الاستبداد، لدرجة توجيه النقد من قبل إعلاميين معروف عنهم انتمائهم للإخوان لهذا الفشل (أحمد منصور، المصري اليوم،6/يوليو2013- فهمي هويدي، الشروق، والأهرام 12/يوليو2013) .

 8- النجاح الوحيد\\\" السلبي \\\" قدرتهم على عمل اصطفاف واسع للمجتمعات في معارضتهم لطريقة حكمهم، يرجع ذلك الى طريقة التفكير، ورؤيتهم للأخر، وطريقة عملهم الدعوي، والحركي، والفكري(يمكن الاطلاع عما كتبة الدكتور عمر حسنه، ونقده لهذه الأمور)، وهذا ينسحب على ممارسة حماس لحكمها في قطاع غزة، ودرجة النقمة الشعبية، التي ترسخت خلال سبع سنين والتي ظهرت في مناسبات عدة كدليل عل رفض المجتمع الفلسطيني في غزة لطريقة الحكم ومائلات الحالة السيئة فيه.

هذه النقاط مختصرة، دفعت حماس للبدء بعمل مناورة سياسية؛ لتقوية موقعها التفاوضي مع السلطة، وفك طوق العزلة السياسية، والاقتصادية، ومحاولة وقف تأكل شعبيتها، واقتصار عمل قيادتها على نواحي الطقوس الاحتفالية الدعائية، الذي يُعتبرسلبي لنمو وتطور الحركات السياسية، وخاصة تلك التي تتسيد النظام السياسي في بلادها، وما يترتب عليه من التزامات تجاه مجتمعها ومشاكلة وعلاقاتها الداخلية وبالإقليم والعالم لذا تحتاج لمن يقدم لها طوق النجاة السياسية ليسوقها خارجيا من خلال حكومة وحدة، بالإضافة لفك العزلة الاقتصادية بتحرير القيود التي كبلت الحركة في تواصلها مع حلفائها، وتنظيمها الدولي.

لقد أجادت حركة حماس؛ استخدام ملفات متعددة للخروج من العزلة التي فرضتها على نفسها، خاصة بعد أحداث 30 حزيران/يونيو 2013 في مصر؛ وما رافقها من اسقاط حكم الإخوان في مصر، وفقدان حماس حليف وامتداد استراتيجي؛ متوحد في الفكرة، والثقافة، والهدف.

إن معرفة القيادة المصرية بالعلاقة العضوية بين أذرع حركة الإخوان المسلمين ومدى التزامها بالطاعة، ومركزية القرار لديها، على مستوى العالم، وشعورها بأزمتها، وأزمة الإخوان وحماس؛ من هذا المنطلق أوصلت القيادة المصرية، وقيادة حماس رسائل متبادلة، بهدف تفكيك المشكلة التي يعاني منها الطرفين؛ مشكلة تخفيض العزلة عن حماس؛ بالدفع بموضوع المصالحة الذي سيكون الرافعة لعودة حماس الى الواجهة السياسية، والتقليل من الضغوط الاقتصادية بفتح معبر رفح ، والسماح لقيادات بالتواجد على الساحة المصرية.

وعلى قاعدة المصالح تتصالح، برز دور محمد دحلان من خلال دعم الإمارات له على الساحة المصرية، حاول دحلان الدخول عبر بوابة الامارات، ومصر، للعمل في قطاع غزة، عبر معرفته بحاجة حماس لمن يفتح لها ثغرات في جدار الطوق العربي، التقطت حماس هذه الإشارات لتسمح لأتباع دحلان، بممارسة بعض النشاطات المحسوبة والتي تظهر بداية تعاون مصلحي يعمل ضد الرئيس عباس في قطاع غزة، مما دفع الرئيس ابو مازن لسلوك غير مسبوق، خلال جلسة ثوري فتح؛ لتفجير قنابل لقطع الطريق أمام دحلان وتعاونه \\\" الشيطاني \\\" مع حماس، وكانت زيارة أبو مازن للقاهرة من أجل، تفعيل ملف المصالحة، واعادة فتح الحوار بين مصر وحماس من بوابة ان ملف المصالحة بيد مصر، وادراك ابو مازن إن حماس وصلت لمرحلة الرغبة الجبرية في حلحلة موضوع المصالحة بالتنازل عن عقبة تطبيق بنود المصالحة رزمة واحدة.

لكن ما هو الثمن الذي سوف تجنيه مصر بالضغط في اتجاه المصالحة؟، الجواب هو ممارسة حماس دور فاعل عبر قنواتها في التأثير الإيجابي على المجموعات المتطرفة العاملة ضد الدولة المصرية، لما تمتلكه حماس والإخوان من معرفة حتمية، بهذه الجماعات تنظيمياً ، ولوجستياً، وفكرياً، وإن الاحتفاظ بأبو مرزوق في مصر خلال ذروة العلاقة(السيئه)، مع حماس والإخوان لمؤشر عن رغبة الدولة المصرية عدم اغلاق النوافذ مع حماس والإخوان، وفي مقال للأستاذ جهاد الخازن في الحياة اللندنية يذكر الخازن: أنه في اجتماع مع السيسي( بعد ترشحه)، أبدي الأخير رغبته في التعامل مع الإخوان اذا ما نبذت العنف هذه دعوة صريحة نقلها اعلامي مُحترم لها مابعدها.

تجاوبت حماس مع الإشارات القادمة عبر أكثر من قناة (مصر، السلطة) لمعرفتها الأكيدة، بالعلاقة القوية بين مصر ودول الخليج وبقدرتها على ممارسة دور في التخفيف من الطوق على الإخوان وحماس في دول الخليج، وفي نفس الوقت الظهور بالمستجيب للرغبة العربية والفلسطينية للتخلص من الانقسام، وذلك على قاعدة تبادل المصالح في قدرة حماس على الضغط على الجماعات المتطرفة في سيناء، ومن صالح دول الخليج أن تتعافي مصر فقوتها واستقرارها قوة لها.

أما من جهة فتح والسلطة الفلسطينية ومشروعها السياسي الذي وصل للحائط المسدود، حيث تعاني فتح من ترهل تنظيمي، وأزمة قيادة، واستقطاب في مراكز القوى، ومشاكل في الساحات وخاصة لبنان.

وتمارس اسرائيل سياسة، تشوية، وأضعاف، وفرض حقائق على الواقع، يؤكد يومياً للمواطن الفلسطيني عبثية وكارثية الاستمرار في نهج المفاوضات الوحيد؟! دون تفعيل لخيارات أخرى، تُلزم اسرائيل بدفع ثمن عدم التزامها بالعملية السياسية، وفي نفس الوقت تكرس حالة الانقسام بفرض طوق على السلطة في انهاء الانقسام بحجة أنه سيؤثر على عملية السلام، وفي نفس الوقت تبرم اتفاقيات تهدئة مع حماس غزة لإطالة عمر ووضع الانقسام، وذلك من اجل التخلي عن أي التزامات عندما يحين وقت دفع ثمن اتفاق سياسي مع اسرائيل بحجة وجود غزة خارج المعادلة، الذي يسمح بوجود مساحة من المناورة، لتكريس الاستيطان وابتلاع ما تبقى من الأرض.

ذلك ما دفع القيادة الفلسطينية للدفع بخطى حثيثة في اتجاه تخطي معيقات المصالحة ، لتضع كل الأطراف امام استحقاقات ما يترتب على التوجه للمؤسسات الدولية بصفتها دولة مراقب غير عضو في المنظومة الدولية، ولتفعيل ما يمكن أن يشكل ضغط دولي على اسرائيل في تحميلها لصفة دولة محتلة لدولة أخري.

الأمر الذي اعتبرته، اسرائيل والولايات المتحدة تهديدا لفرص السلام وما يتبع ذلك من عقوبات متنوعة من الولايات المتحدة، واسرائيل، والاتحاد الأوربي، الأمر الذي يفرض توحد في النظام السياسي الفلسطيني، وتعبئة جماهيرية داخلية، وتحشيد للمؤيدين على مستوى العالم، وحشد الدعم السياسي، والاقتصادي، والاستفادة من حالة بروز وتدخل روسيا، والصين في السياسة الدولية بشكل يُضعف ما يسمى بالقطبية الواحدة.

هذه الصورة البانوراميه، للحالة الفلسطينية مدفوعة بالرغبة للإجابة( من وجهة نظري، وهذا حقي كفلسطيني)، عن استفسارات قطاع كبير من المجتمع الفلسطيني، ماذا عدا على ما بدأ، من أين هذه الحكمة التي نزلت على قياداتنا في سبعة أيام في حين غابت سبع سنين عجاف؟!، لكن في عالم السياسة لا توجد لا مطلقه، وألغاز العمل السياسي تحتاج لمن يجليها للشعوب، حتى قيل \\\" السياسة لُغز،ويلُ للساسة إذا علمته الشعوب \\\"، مع أصدق تمنياتي الخالصة لتجاوز الشعب الفلسطيني محنة الانقسام، وللشعوب العربية الأمن والاستقرار.