المصالحة الفلسطينية : إعادة صياغة المفاهيم
تاريخ النشر : 2014-04-25 13:05

إتفاق المصالحة الأخير بين الفلسطينيين الذي وقع في غزة والذى يحمل عنوانها ، ولما لذلك من دلالة سياسية كبيرة وهى كما أن الإنقسام بدأ من غزة ينتهى أيضا بغزة ، والدلالة الثانية ألنأى بالإتفاق عن سياسات المحاور والإستقطاب للقرار الفلسطينى ، والدلالة الثالثة تحرر القرار الفلسطينى من أى تأثيرات خارجية سلبية ، ورابعا دلالة إلتزام حماس بما تم التوقيع عليه. هذا الإتفاق والذى قد يكون إمتداد لما تم التوقيع عليه من إتفاقات وصلت إلى سبعة ليس مجرد إتفاق عادى ، وليس مجرد ورقة رسمية عليها توقيع منظمة التحرير وقيادات حركة حماس ، وليس كما يحول للبعض أن يصفه بإتفاق المكسب والخسارة ، او إتفاق المحاصصة ، وإقتسام السلطة ، او الإعتراف ببنية الإنقسام . وليست مجرد إنتخابات سياسية تعيد بنية السلطة الفلسطينية على أسس من الشرعية السياسية الجديدة المطلوبة لفقدان كل مؤسسات السلطة شرعيتها ، وبالتالى فقدان الإنقسام شرعيتة ، هذا الإتفاق ابعد وأعمق من كل هذه المكاسب الوقتية ، أو الإجراءات الشكلية ، وقبل إن نذهب في التفاؤل لدرجة بعيدة حتى لا يسقط بنا التشاؤم إلى هاوية الإحباط والياس والتمرد الشعبى في حال محاولة التملص من الإتفاق لأى سبب من ألأسباب ، الإتفاق يعنى إعادة صياغة كاملة للبنية المؤسساتية السياسية الفلسطينية ، وإعادة صياغة كاملة للمفاهيم والمدركات السياسية التي تشكل إطار الحركة السياسية الفلسطينية والتي قد تشكل نواة صلبة لأى رؤية إستراتيجية فلسطينية عامة ، لا تقوم على الرؤية الأحادية لأى تنظيم ، وإعادة تقييم لكل الآليات والآخطاء السابقة التي لم توصلنا لإنهاء الإحتلال. وفى قلب هذه المفاهيم التأكيد على مفهوم الوحدة الوطنية للشعب الفلسطينى ، فلعل أحد اهم مصادر قوة الشعب الفلسطينيى وديمومته أنه يشكل كلا متجانسا من المكونات الوطنية والمجتمعية ، وأنه لا يعانى مثل بقية الشعوب الأخرى من إنقسامات مذهبية وعرقية . جاء الإنقسام ليبذر كل بذور الإنقسام الإجتماعى ، والسياسى ، والمذهبى والعقيدى وهو ما عرض القضية الفلسطينية كلها للذوبان والإنصهار والتراجع، هذا المفهوم هو المفهوم المحورى الذي ينبغى التأكيد عليه من جديد ، وإستعادة مقوماته، وجينياته المتأصلة في تاريخ الشعب الفلسطينى ، وإتفاق المصالحة ينبغى ان يركز على هذا المكون ، وان هذا هو الهدف الأساس منه ، وليس مجرد إنتخابات إجرائية أو مجرد تشكيل حكومة ، مثل هذه ألآدوات وظيفتها وهدفها التأكيد علي وحدانية الشعب الفلسطينى التي تفترض وحدانية السلطة الفلسطينية .والمفهوم الثانى والذى يرتبط بالمفهوم ألأول مفهوم المصلحة الوطنية او الثوابت الوطنية ، فهذا المفهوم يحتاج إلى توافق ورؤية مشتركة ، وحدودا عليا ودنيا ، وهو السقف الشرعى الذي يحكم المنظومة السياسية الفلسطينية ، فقراءة الخطاب السياسى لكل من حركتى فتح وحماس وحتى على مستوى الفصائل الفلسطينية كلها نجد التباين والتفاوت الذي قد يصل لحد التناقض والصدام ، ويصل إلى حد أن كل طرف يتهم الآخر بانه قد خرج عن المسار الوطنى الفلسطينى ، فمفهوم الثوابت الوطنية من المفاهيم المطاطة والواسعة ، ويحتاج إلى تحديد واضح ودقيق, فهل قيام الدولة الفلسطينية الكاملة هو الحد المكانى لهذه المصلحة ؟ وما هى آلياتها ؟ ومن المفاهيم المحورية التي تحتاج إلى تواف مفهوم التفاوض، فلا خلاف إن المفاوضات وسيلة من وسائل إدارة الصراع مع إسرائيل ، وخيارا لتحقيق احد اهداف المصلحة الوطنية الفلسطينية وهو قيام الدولة الفلسطينية ، وحتى لا تبقى المفاوضات وسيلة خلاف وصراع وإنقسام فلسطينى فالحاجة ماسة لتحديد ماهية التفاوض وما هى آلياته ومرجعياته وسقفه، وحدوده الزمنية . ويتصل بمفهوم التفاوض مفهوم المقاومة ، التي وللمفارقة الفلسطينية لم توظف لخدمة التفاوض ، بقدر ما وظفت لتعميق الإنقسام السياسى وبنيته.وكما إن المفاوضات تعتبر احد الخيارات الفلسطينية وقد تصيب وقد تخطأ ، وتحتاج إلى مراجعة وتحديدوظيفتها ، أيضا المقاومة كخيار .فاى مقاومة نريد؟ وما هى حدود المقاومة ؟ وما هى مرجعيتها ؟ وما هى وظيفة المقاومة ، وما هى حدود شرعيتها؟ وما علاقتها بالقرار السياسى الشرعى؟ كل هذه التساؤلات تفرض نفسها على ضرورة تحديد مفهوم المقاومة بما يتوافق ومرحلة البنا ء السياسى الفلسطينى الجديد، فالمصالحة لا تعنى فقط الذهاب للمقاومة وبالذات المقاومة المسلحة وخصوصا في الضفة الغربية التي تحكمها خصوصية معينه ، وكذا في غزة لا بد من تحديد دور ووظيفة الصورايخ التي تطلق،فكما هناك سلطة واحدة أيضا لا بد من مقاومة واحده تخضع لإعتبارات المصلحة الوطنية الفلسطينية التي سيتم التوافق عليها. ، ويتوافق وخيارات الشرعية الدولية ، والسعى لحصول تأييد الدول في دعم الموقف الفلسطينى دوليا ، وفى هذا السياق المقاومة السلبية وغير الهادفة قد تجهض كل جهد فلسطينى شرعى . وهناك جانب آخر مهم في تحديد المقاومة في العلاقة مع السلطة القائمة داخليا ، بمعنى التمييز بين العمل المقاوم ، وبين العمل الغير قانونى . هذه قضايا في حاجة لتحديد.ومن المفاهيم التي في حاجة لإعادة تأصيل مفهوم الشراكة الوطنية السياسية ، ومفهوم التوافق السياسى ، وهو من المفاهيم ألأساسية التى الإتفاق حولها سيضمن لنا الحماية من أى إمكانية او إحتمال لإنقسام في المستقبل، المطلوب بنا ء نظام سياسى تشاركى توافقى يضمن مشاركة الكل، من خلال إنتخابات دورية وتداول سلمى للسلطة ،وفى إطار من الرؤية و المصلحة الوطنية الفلسطينية التوافقية والتشاركية والمدعومة من قبل الشعب الذي يوفر لها الحمايةالحقيقية ،هذه هى الضمانة لإنجاح إتفاق المصلحة وبدون ذلك فستبقى بذور الإنقسام وبنيته حاضرة وقوية .