قصة كهف الشهيد عاصي
تاريخ النشر : 2013-10-23 14:52

بقيت قصة أصحاب الكهف التي وردت في القرآن الكريم؛ خالدة عبر التاريخ لعظم وغزارة معانيها ودلالاتها، وظلت حية لا تموت رغم مرور آلاف السنين عليها. وجاءت قصة استشهاد محمد عاصي داخل كهف، ليكون الرابط بينهما؛ أن الشهداء لا يموتون؛ بل أحياء عند ربهم يرزقون؛ ويبقى ذكرهم الطيب وقصصهم وحكاياتهم تتناقلها الأجيال على مدى السنين والقرون؛ كقصة أصحاب الكهف.

جيش؛ يدعي انه لا يقهر. وجيش؛ يزعم أنه من أقوى جيوش العالم، يستعرض  عضلاته على إنسان فلسطيني مقاوم، وبمفرده، تحصن داخل كهف، فيعجز عن اعتقاله، ليقتله بصاروخ مضاد للدبابات؛ في جبن وضعف وإجرام؛ تندى له جبين الإنسانية.

بحسب الإحصائيات؛ فان الشهيد محمد هو الشهيد السابع؛ الذي تقتله قوات الاحتلال منذ بدء المفاوضات في الضفة الغربية؛ وهذا يعتبر مؤشر قوي بحسب المحللين؛ على أن الاحتلال لا يقيم وزنا للمفاوض الفلسطيني، ويستغل حالة التفاوض لفرض وقائع البطش والإرهاب على الشعب الفلسطيني المسالم.

"نتنياهو" المتغطرس، والمغرور بقوته؛ يعتقد، ويتصور؛ انه بالقوة، وبالقوة وحدها؛ يستطيع أن يحقق ما يريد من أهداف، على حساب الأضعف في عملية التفاوض، والذي بحسب منظوره لا يملك أوراق ضغط حقيقية عليه.

لو عكسنا الصورة، وحصل أن قتل مستوطن أو جندي خلال عملية التفاوض؛ لخرج "نتنياهو" بتصريحات نارية، اتبعها بممارسات واقعية إجرامية على الأرض مباشرة، يمكن له أن يقوم بها، بحكم القوي على الضعيف، كما يقولون.

ما ميز الشهيد عاصي انه انتصر لشعبه في أحلك الظروف، وعمل في ظل ظروف أشبه بالمستحيلة، وتسببت عمليته في تل الربيع خلال العدوان على غزة قبل عام؛ في وقف قتل أطفال ونساء غزة، وتراجع "نتنياهو" عن مواصلة إجرامه في غزة، باعتراف كتاب ومحللين  في دولة الاحتلال.

الكل يعلم ويعرف أن الضفة الغربية بحكم واقعها الصعب، والمرحلة التي تعيشها، تجعل القيام بأي عمل نوعي ضد الاحتلال احتمالات نجاحه قليلة جدا، وهناك من يرى أنه يقترب إلى الصفر؛ ومن هنا فان نجاح الشهيد عاصي يبقى مفاجئا للمحليين والكتاب.

أعادت طريقة استشهاد عاصي الذاكرة إلى أهالي الضفة الغربية، حين كان المطاردين من قبل قوات الاحتلال يحصنون في كهوف وسراديب، يقاومون، فيقتلون ويقتلون، ويؤلمون الاحتلال كما يألمون، وكان الكل الفلسطيني موحد تحت راية المقاومة.

في كل الأحوال؛ مخطئ من يظن أن "نتنياهو" سيدعنا نتحرر ونبني دولتنا كبقية دول العالم، بلا ثمن باهظ، فهو لا يقدم ولا يعطي شيئا بالمجان، والحرية لا تعطى ولا توهب على طبق من ذهب، ومن عنده رأي غير ذلك؛ فليطلعنا عليه، ويقنعنا به...!!