\\\"اليوتيوب\\\" تحول لساحة لتصفية الحسابات
تاريخ النشر : 2014-04-22 15:00

أمد/بقفزات عملاقة حصل «اليوتيوب» على شهرته العالمية كأكبر منصة لعرض الفيديوهات تستقبل ما لا يقل عن مليار زيارة شهريا، وعدد الفيديوهات التى تشاهد يوميا يتجاوز 4.2 مليار فيديو، بالإضافة إلى رفع 100 ساعة فيديو كل دقيقة على الموقع، ومن هنا شكّل ساحة مثالية للمحاكمات يلجأ إليها المتعطشون إلى الانتقام وتصفية الحسابات لتجريس خصومهم على الملأ، فإن كانت الفضيحة قديما تستلزم زفة على حمار بالمقلوب فكل ما تتطلبه فى عالم اليوم فيديو فاضح على اليوتيوب.

هكذا تحول الموقع الذى كتب له الحياة بفضل جلسة عشاء لطيفة، إلى حلبة مصارعة شرسة، الضرب فيها «تحت الحزام» من خلال نشر فيديوهات الفضائح السياسية والأخلاقية التى تجتذب ملايين المشاهدات، والتى تترجم إلى أموال تذهب إلى قنوات اليوتيوب، يستفيد منها المعلنون ومقدمو برامج التوك شو التى تعتمد بشكل كبير على مثل هذه النوعية من الفيديوهات الكاشفة لتحولات أهل السياسة والفن والإعلام وعلى رأسهم «باسم يوسف».

مساحة واسعة من الحرية ومجال مفتوح من متابعة التفاصيل، هو ما أتاحه موقع اليوتيوب الذى تحول مؤخرا من مكان لتناقل مقاطع الفيديو المصورة إلى ساحة مفتوحة لنشر الجرائم والفضائح بالصوت والصورة.. الانفتاح على العالم ونشر الثقافات بطريقة أسهل كان هو الهدف الأساسى من إنشاء موقع «يوتيوب» الذى تحول فى فترة قصيرة إلى طفرة فى عالم الإنترنت، ونقل الحدث بخطوات بسيطة تعتمد على تحميل مقطع مصور يصل لجميع المشاركين، ولم يكن نشر الفضائح أو الجرائم من ضمن قائمة الأهداف التى وضع على أساسها الأمريكيان «تشاد هارلى» و«ستيف تشين» مؤسسا موقع اليوتيوب مبادئ أكبر موقع لنقل الصور والفيديوهات فى العالم، ولم تشمل اهتمامات الموقع فى هذا الوقت عرض تفاصيل التطور الاجتماعى لمجتمع لم يعد يخجل من عرض الجرائم بحرية ليشاهدها العالم بضغطة زر.

شاهد جريمة قتل فى عز الظهر، شاهد اغتصاب فتاة فى الشارع، اتفرج على اللى حصل فى خناقة فى إسكندرية، شاهد عنف الشرطة فى الأقسام، وغيرها من العناوين التى لم يعد رؤيتها من الأمور الغريبة بالنسبة لمتابعى الموقع الذى تحول إلى شاشة عرض مفتوحة لمتابعة أحدث الحوادث والجرائم التى يصورها أصحابها للدفع بها على الموقع ومتابعة حصولها على أكبر عدد من التعليقات والمشاركات، وهو ما وصفه الدكتور «محمد غنيم» أستاذ علم الاجتماع والأنثربولوجى وعميد كلية الآداب بجامعة المنصورة سابقا، بأنه حالة من الفوضى الاجتماعية التى تعيشها مصر نتيجة لمجموعة من الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية التى أعقبت حالة الحراك الاجتماعى السريع والطفرة الإلكترونية التى تعيش حالة من العشوائية فى مصر والمجتمعات العربية بشكل عام.

 ويقول «غنيم»: المجتمع الذى عرف قديما احترام القواعد والتقاليد وتأثر بقيم الضبط المجتمعى، هو المجتمع الذى يعيش الآن حالة من الانفلات والانفصال عن بنيته الأساسية، وهو ما يظهر واضحا فى الفوضى الاجتماعية التى تعكسها سلوكيات هذا المجتمع على مواقع التواصل الاجتماعى أو الميل إلى مشاهدة ومتابعة الجرائم ونشرها على موقع اليوتيوب، والشعور بالإنجاز عند تصوير جريمة ونشرها بدلا من محاولة منعها، وهو المؤشر الذى قدم دليلا ملموسا على ما تعرض له المجتمع من تغيرات متلاحقة أدت إلى حالة من الفوضى والعشوائية.

الانفلات الأمنى وغياب القانون والرادع والسيطرة على مجتمع الإنترنت بشكل عام، إلى جانب الحراك الاجتماعى الذى أعقب ثورة 25 يناير كانت من أهم الأسباب التى أرجع إليها «غنيم» ما وصلت إليه الحالة التى وصفها «بالفخر بالجريمة» والتمتع باستقبالها أو متابعتها أو مشاركتها والتعليق عليها، وقال: الضوابط الاجتماعية التى اعتاد المجتمع احترامها قديما، انهارت تماما بعد مجموعة من المتغيرات التى تنتظر موجة جديدة وصارمة من الضوابط القانونية الرادعة التى من شأنها العمل على انحسار الانفلات الأخلاقى وإعادة المجتمع إلى إطاره الطبيعى.

 كانت رغبة كل من «تشاد هيرلى» و«ستيف تشن» و«جاويد كريم» فى إرسال فيديوهات التقطوها خلال حفلة عشاء عقدت بمنزل أحدهم هى الدافع وراء إنشاء موقع الفيديوهات الأشهر فى العالم «اليوتيوب»، ليقوم الثلاثى الذين يعملون بشركة «باى بال» فى 15 فبراير 2005 بتسجيل دومين الموقع ليصبح YouTube.com، ويقفز ترتيب الموقع بعد عام واحد ليصبح الخامس عالميا من حيث الترتيب، بمعدل 100 مليون مشاهدة يوميا، وبمعدل إضافة 65 ألف مقطع فيديو كل 24 ساعة، وعدد زوار يصل إلى 700 ألف زائر يوميا. أول فيديو على اليوتيوب - الذى مازال موجودا حتى الآن - جاء تحت عنوان «أنا فى الحديقة» أو «Me at the zoo»، يظهر فيه «جاويد كريم» فى حديقة حيوان سان دييجو بتاريخ 23 إبريل 2005، وقد بلغت مدته 18 ثانية، وبعد ذلك النجاح المذهل سارعت شركة جوجل فى عام 2006 بشراء موقع اليوتيوب بسعر يصل إلى 1.65 بليون دولار أمريكى. يسمح يوتيوب لمستخدميه المسجلين بمشاركة ورفع الفيديوهات وامتلاك القنوات، بعكس المستخدمين غير المسجلين الذين لا يمكنهم فقط إلا المشاهدة، كما تفرض يوتيوب أيضا على مستخدميها مجموعة من المعايير الأخلاقية الخاصة بنشر الفيديوهات فى ضرورة عدم كونها سبا أو قذفا لأحد، أو تضمنها لمحتويات غير لائقة وهو ما لا يلتفت إليه كثير من الأشخاص وينشرون المحتويات الفاضحة التى تجتذب ملايين من المشاهدات. وضعت يوتيوب بعض القواعد الخاصة بنشر ملفات المستخدمين على الإنترنت، فمثلا لا يجب أن يزيد طول ملف الفيديو عن 15 دقيقة للمستخدمين الجدد، إلا أن المستخدمين الآخرين يمكنهم تحميل ملفات يصل حجمها إلى 1 جيجا بايت، كما أن اليوتيوب لا يدعم إلا صيغ معينة من الفيديوهات هى: «WMV، وAVI، وMOV، وMPEG، وMP4، و3GP».

 «فضيحة» هى الكلمة السحرية التى تجذب الآلاف لمشاهدة مقطع الفيديو على موقع «يوتيوب»، حتى وإن لم تكن فى الحقيقة كذلك، حتى أصبحت حيلة يلجأ إليها المتعطشون لجذب الإعلانات، أو الانتقام من شخص ما وابتزازه أحيانًا، بل يتطور الأمر إلى استخدام الكلمة للترويج إلى مقاطع الفيديو الدعوية بهدف عمل فخ للمستخدم لوعظه رغمًا عن أنفه. «لا تنشر على موقع (يوتيوب) ما تخشى قوله للناس وجهًا لوجه».. قاعدة أساسية تضمنتها لائحة شروط استخدام الموقع الشهير، ولكن يبدو أن الكثير من المستخدمين يضربون بها عرض الحائط، فكانت النتيجة مليون و230 ألف فيديو يظهر لك فور أن تنقر كلمة «فضيحة» فى مربع البحث على موقع «يوتيوب»، منهم 77 ألفا ومائة يخصون العام الجارى وحده، تأتى على رأسها الفضائح الجنسية تليها السياسية والدينية، فضلاً عن مواقف مضحكة لأشخاص عاديين وأخرى لإعلاميين على شاشات التليفزيون. المقاطع التى تفرض نفسها أحيانًا عليك، بمجرد أن تجرى بحثًا عن اسم شخصية معروفة، فيظهر لك فى النتائج مقطعًا بعنوان «فضيحة فلان»، على الرغم من أن بعض المقاطع لا تحتوى على فضيحة من الأساس،والهدف جذب المشاهدين لجنى المزيد من الأرباح لأن مجتمعاتنا «المتدينة بطبعها» لا تقوى أبدًا على مقاومة فضولها الذى يدفعها إلى الإلمام بفضيحة فلان أو علان، أو حتى البنت المجهولة التى قررت أن تقدم وصلة رقص داخل فصلها بالمدرسة.

آراء سياسية، هفوات عادية لمذيع أثناء برنامجه على الهواء، أو انفعال لأحد الضيوف على المذيع، تسجيل صوتى لمكالمة، أو مشاركة لشخصية عامة فى أحد حفلات الزفاف، مجرد لحظات عادية، إلا أنه يمكن تحويلها إلى فضيحة وإقناع الآخرين بذلك، حتى الضحية نفسها، بمجرد نشرها على «اليوتيوب» مع عنوان ساخن يتضمن كلمة فضيحة ودعوة للمشاهدة بسرعة «قبل الحذف».

أشهر فضائح نجوم الفن والسياسة والرياضة

 العلاقات المشبوهة والمخدرات والتسريبات أبرز الفضائح

 لم يسلم أحد من نجوم الفن والسياسة والكرة والإعلام من فيديوهات الفضائح الحقيقية أو المفبركة على موقع اليوتيوب؛ فلا يمكن أن تضع فى مربع البحث كلمة فضيحة إلى جوار اسم أحد المشاهير دون أن تظهر لك عشرات النتائج، لن تتأكد من مدى صحتها إلا إذا شاهدتها بنفسك، فهناك من يقوم بعمل «شير» للفيديو مكتفيا بقراءة العنوان الساخن دون مشاهدة حقيقة المحتوى المعروض فى الفيديو وبهذا تشتهر وتنتشر الفضيحة المزعومة أو الحقيقية عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى محققة الأرقام الهائلة من «اللايك» و«الشير» والمشاهدة تتجاوز ملايين المرات. العلاقات المشبوهة بين أهل السياسة والفن هى أكثر فيديوهات الفضائح انتشارا وتكرارا بشكل صادم. فضائح من نوع آخر أظهرت لنا عددا من الإعلاميين ولاعبى الكرة خلال سهرات فى الكباريهات أو وهم يتناولون المخدرات. فيديوهات التحولات السياسية هى الأكثر شهرة وتكرارا فى أعقاب ثورة يناير التى تظهر التباين فى تصريحات الإعلاميين والسياسيين والفنانين قبل وبعد الثورة. كما تعد فيديوهات التسريبات التى انتشرت فى أعقاب ثورة 30 يونيو من أكثر الفيديوهات شهرة ومشاهدة وعلى رأسها تسريبات الفريق أحمد شفيق وتسريبات الرئيس السابق محمد مرسى فى السجن وتسريبات حوار عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع السابق مع الإعلامى ياسر رزق.

 غالبية الفضائح المنتشرة على موقع «يوتيوب» هى إما مقاطع تم تصويرها بواسطة الضحية نفسها أو بعلمها وتمت سرقتها خلسة من هاتفها المحمول أو جهاز الكمبيوتر الخاص به، وإما أخرى تم تصويرها من دون علم الضحايا، وفى النهاية، تكون النتيجة «فضيحة» قد تتسبب فى تدمير حياته ومستقبله، وقد تودى بحياته فى أسوأ الحالات.

ولأن «الوقاية خير من العلاج»، يقدم «محمد حليم» مهندس البرمجيات عدة خطوات وقائية يوصى باتباعها لحماية خصوصيتنا وكى لا نفاجأ يومًا بأننا أبطال فضيحة على «يوتيوب».

ويقول مهندس البرمجيات «الكثير من مقاطع الفيديو لفضائح منتشرة على (اليوتيوب) يتم تصويرها من خلال جهاز الكمبيوتر الخاص بالمستخدم نفسه، وبنسبة كبيرة تكون الفتيات هن المستهدفات بهذه الطريقة، فبعض المواقع يمكنها اختراق كاميرا (الويب) الملحقة بالكمبيوتر أو المدمجة به، وتفتح الكاميرا وتبدأ فى تصوير المستخدم أثناء جلوسه أمام الكمبيوتر، أو حتى ما يدور حوله فى الغرفة، وللوقاية من ذلك يفضل تغطية الكاميرا بأى ملصق أو ورقة صغيرة، أو فصلها عن الجهاز فى حال كانت كاميرا ملحقة به». يضيف «أما لتجنب التسلل إلى جهاز الكمبيوتر وسرقة بعض مقاطع الفيديو الشخصية منه، أو التطفل على ملفاته عند إرساله للتصليح أو حال تعرضه للسرقة، يفضل حفظها فى شكل ملفات مضغوطة باستخدام كلمة سر قوية لا يعرفها إلا المستخدم نفسه، أو استخدام أحد برامج التشفير التى تمنع أى شخص من فتح الفيديو إلا باستخدام كلمة السر، فضلاً عن وضع كلمة سر لجهاز الكمبيوتر ونظام التشغيل»، يتابع «الأفضل من كل هذا الاحتفاظ بملفات الفيديو على قرص صلب إضافى أو أسطوانات مدمجة، نحتفظ بها فى مكان آمن بالمنزل».

أما فى حالة بيع جهاز الكمبيوتر فينصح مهندس البرمجيات باستخدام أحد البرامج التى تحذف الملفات بطريقة لا تسمح باسترجاعها مرة أخرى. ينصح «حليم» كذلك بعدم الاحتفاظ بأية مقاطع فيديو شخصية على «الموبايل» لأنه أكثر عرضة للسرقة، مع ضرورة مراجعة إعدادات الهاتف والتأكد من أنها لا تسمح بنشر ملفات الفيديو أو الصور تلقائيًا على أحد شبكات التواصل الاجتماعى. وأخيرًا يشدد مهندس البرمجيات على اتباع القواعد الأمنية العامة لحماية أجهزة الكمبيوتر أو الموبايل من الاختراق، والتى يلخصها فى الحذر الشديد عند التعامل مع أى شخص مجهول الهوية عبر الإنترنت، وعدم تلقى أية ملفات بامتداد «exe»، أو أية ملفات غير معروفة، إضافة إلى تجنب فتح أية روابط عشوائية تصل عبر البريد الإلكترونى أو مواقع التواصل الاجتماعى.

مجموعة من الصور ولقطات الفيديو تكفى أصغر مستخدم كمبيوتر لصنع أسخن الأفلام للتشهير بأى شخص، يكون «اليوتيوب» هو كلمة السر لانتشارها بين ملايين المشاهدين عبر العالم، وحتى لا يقف أمامها بطل الفيديو الفاضح عاجزا عن الدفاع عن نفسه يقدم مهندس الكمبيوتر «عشماوى سامى»، عضو فريق جوجل لريادة الأعمال، إرشادات يمكن اتباعها لحذف الفيديو المسىء.

التقدم ببلاغ لإدارة اليويتويب لحذف هذا الفيديو مع توضيح الأسباب التى دعته إلى ذلك، هو أول السبل التى يمكن اللجوء إليها ويجب أن تتفق هذه الأسباب مع قوانين خصوصية النشر التى يفرضها يوتيوب على مستخدميه، والتى تتمثل فى المحتويات الجنسية الصريحة، أو حقوق الملكية الفكرية أو الفيديوهات التى تدعو للعنف والكراهية أو الفيديوهات التى تحمل إساءة معينة لشخص معين، والتى يتم حذفها بمجرد التأكد من صحة البلاغ الذى يقدمه الشخص.

ويؤكد «عشماوى» أن البلاغات التى توجه لإدارة اليوتيوب هى الطريقة الوحيدة التى يمكن للمستخدمين من خلالها إزالة مقاطع الفيديو المسيئة. أما طريقة تقديم البلاغ فتتم عبر الدخول إلى الفيديو الذى يحمل الإساءة، ثم الضغط على رمز «العلم الصغير» الموجود والذى يعنى «إبلاغ» وبمجرد الضغط عليه تظهر قائمة بالأسباب التى يرغب الشخص فى إلغاء الفيديو بسببها، تختلف بين المحتوى المسىء والمحتوى الجنسى، ومحتوى الملكية الفكرية، وبعد اختيار أحدها، يكتب الشخص سبب اعتباره هذا الفيديو مسيئا له، وذلك فى المربع الموجود بالأسفل باللغة الإنجليزية، ويقوم بإرساله، وبمجرد التأكد من صحة هذا البلاغ فإن إدارة اليوتيوب تقوم بحذف الفيديو نهائيا.

 «الفضيحة أم جلاجل».. فعلها أهل زمان بزف شخص المفضوح على حمار بالمقلوب تصحبه الأجراس «الجلاجل» لتعرف البلدة كلها بفضيحته؛ فمن لم ير الفضيحة تصل إليه عن طريق السمع لينقلها بدوره إلى شخص آخر فآخر وهكذا كانت تتم عملية «الشير» قديما لأى فضيحة.

أما اليوم فكل ما تحتاجه لتفتعل فضيحة بجلاجل هو أن تنشرها من خلال فيديو على موقع «اليوتيوب» فتضمن بذلك «تجريس» المفضوح أمام ملايين الأشخاص الذين سيتناقلون فيديو الفضيحة بأمانة تامة دون تحريف أو توابل إضافية بمجرد الضغط على كلمة «شير» لتنتقل الفيديوهات إلى صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وبهذه الطريقة السهلة التى أتاحتها لنا تكنولوجيا اليوم يمكن للعالم كله أن يكون شاهدا على الفضيحة.

كلما كانت الفضيحة أكثر سخونة، وشخصية المفضوح أكثر شهرة زادت نسبة المشاهدة وعدد مرات «اللايك»، فالفيديو الذى يفضح فيه «س» خطيبته السابقة «ع» لن ينتشر بنفس سرعة وتوسع انتشار فيديوهات فضائح الإعلامى فلان والفنان علان والسياسى ترتان، والتى يقف وراءها غالبا خصومهم لتصفية حسابات قديمة وحديثة أو منافسيهم لتسديد ضربة تحت الحزام تجعلهم يفقدون جزءا كبيرا من معجبيهم ومناصريهم. تكليف مصورى الفضائح بتتبع الخصم لالتقاط فضيحة أخلاقية ومجتمعية يمكن رفعها على اليوتيوب أو النبش فى الفيديوهات القديمة التى يمكن أن تشكل إدانة حالية بسبب تحول صاحبها عن موقفه ومبادئه. «حالة التنافس الشرسة التى شهدناها فى أعقاب ثورة يناير وما تلاها من فترات انتقالية تنافس فيها الكل على السلطة والظهور جعلت الكثير من الخصوم والمتنافسين يلجأون إلى معايير غير أخلاقية فى المنافسة لم تقتصر على نشر فضائح خصومهم السياسية وتحولاتهم ولكنها امتدت لتشمل الفضائح الشخصية على المستوى الأخلاقى والعائلى».. هكذا فسر الدكتور يسرى العزباوى، الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تحول اليوتيوب إلى ساحة محاكمات وتصفية حسابات بين الساسة والفنانين والإعلاميين وهم أكثر الفئات تناحرا على الساحة اليوم.

وأضاف: قبل الثورة وبعدها تبدلت المواقف واختلفت الآراء، وهذه هى أكثر نقطة ضعف تستخدم لضرب الخصوم فى مقتل من خلال تعريتهم وكشفهم أمام المواطنين.

التهمت نيران الفضيحة نجومية كثير من المشاهير، وكانت سببا فى اعتزال فنانين والإطاحة بسياسيين.

وفى الوقت الذى دمرت فيه فيديوهات اليوتيوب مصداقية إعلاميين، كانت سببا فى سطوع نجم آخرين، ومثلما قادت فيديوهات الفضائح البعض إلى الإفلاس كانت منجم الذهب و«وش السعد» على غيرهم.

الإعلامى الساخر «باسم يوسف» واحد من أكثر المستفيدين من فيديوهات فضائح الإعلاميين والسياسيين والفنانين المنتشرة على موقع «اليوتيوب»، الذى بدأ عبر قنواته برنامجه الأشهر على مستوى الوطن العربى، ولم يقتصر فضل «اليوتيوب» على باسم على منحه الشهرة السريعة ولكنه منحه كذلك مادة دسمة لحلقات «البرنامج» الذى يعتمد بشكل أساسى على نشر الفيديوهات التى تفضح تحولات أهل السياسة والإعلام والفن وتعريهم أمام المشاهدين. وبالمثل يستفيد الإعلاميون الذين يقدمون برامج على شاكلة «البرنامج» تعتمد بشكل كلى على فيديوهات من هذا النوع. قنوات اليوتيوب والمعلنون يندرجون كذلك تحت فئة المستفيدين من فيديوهات الفضائح، التى تعود عليهم بمكاسب كبرى لكونها أكثر أنواع الفيديوهات التى تجذب نسبة مشاهدة عالية، ويمكن لأى شخص تحقيق مكاسب مادية من خلال اليوتيوب من خلال برنامج «شركاء YouTube» الذى أعلنت عنه شركة «يوتيوب» فى مارس 2013 لجميع المستخدمين فى مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والذى يمكن أى مستخدم على موقع YouTube فى هذه الدول الثلاث من أن يصبح شريكا بشرط قيامه بتحميل محتوى أصلى أو يمتلك حقوقه. يشرح هيثم يحيى، مسؤول الشراكات الاستراتيجية فى YouTube بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أهمية هذا البرنامج قائلاً: «الوصول إلى الجمهور فى جميع أنحاء العالم من الفوائد التى يحصل عليها شركاء YouTube، ويقدم البرنامج أيضا مجموعة واسعة من الفوائد مثل قدرة المستخدم على تحقيق إيرادات من مقاطع الفيديو التى يقوم بتحميلها، يتم تحقيق هذه الإيرادات بناء على عدد المشاهدات التى يحظى بها الفيديو، ولمساعدة منشئى المحتوى على تحسين مهاراتهم وإبداعهم، يوفر برامج شركاء YouTube مجموعة من برامج التنمية، والأدوات التحليلية والجهات المختلفة التى تقدم مختلف أنواع الدعم والمساعدة لتمكين المستخدمين من تقديم محتوى عالى الجودة، ويتمتع الشركاء ببرامج إعلانية إضافية وبالتضمين فى برامج إعلانية خاصة يتم تشغيلها على YouTube، وذلك عبر الإنترنت وفى وضع عدم الاتصال». يقدم YouTube دعمًا لمقاطع فيديو الشركاء من خلال التنسيقات الإعلانية التى يتم استهدافها بشكل تلقائى، وكل ما تحتاج إلى إجرائه هو إنشاء محتوى فيديو شيق يتفق مع بنود الخدمة وإرشادات المنتدى، وبمرور الوقت، بعدما تجمع المزيد من مرات المشاهدة، يمكنك التفكير فى ربط حساب AdSense بحساب YouTube، بعد ربط حساب AdSense بحسابك فى YouTube، يمكن أن تُدفع لك الرسوم عندما تبلغ أرباحك حد الدفعات المحلية، ما لم تكن هناك حجوزات على حسابك، وأنك تلتزم بسياسة الموقع.

 لم يعد فقط من «على رأسه فضيحة» هو الذى يتحسسها، ولم يعد الحذر والتخوف من الفضح على «اليوتيوب» مقصورًا على المشاهير الذين اعتادوا أن يكونوا تحت «الميكروسكوب» دائمًا لكونهم شخصيات عامة، بل أصبح الجميع من الكبار إلى الصغار موضوعا لفضيحة محتملة، حتى لو لم يمارسوا سلوكًا مشينًا أو منافيًا للآداب، لأن حتى السلوكيات العادية جدًا داخل المنزل أصبحت عرضة للتصوير والتحويل إلى فضيحة على «اليوتيوب».

فتاة ترقص فى حنة صديقتها، أو فى جلسة نسائية مع صديقاتها، أو حتى فى غرفتها، وأخرى ترقص فى فصلها بين حصتين، وثالثة تتبادل مكالمة رومانسية جدًا تخطت الخطوط الحمراء مع حبيبها أو خطيبها، أو حتى فتاة تنتقى ملابس جديدة فى محل للملابس الجاهزة، كلها تتحول بفعل شخص مريض إلى فيديو لفضيحة يتداوله مئات الشباب من مختلف الدول العربية، وربما لا تدرى بوجوده الفتاة نفسها، التى فعلت شيئًا تراه طبيعيًا جدًا، وبعيدًا عن عيون الرجال، فى اختراق فج لخصوصية الفتيات وتهديد صارخ لشعورهن بالأمان، حتى مع المقربين إليهن سواء كن صديقاتهن أو حتى أزواجهن، بعد تسريب العديد من الفيديوهات من قبل أزواج مرضى من أجل الانتقام من زوجاتهن أو إذلالهن لأى سببٍ كان.

«فيديو مخل يشعل فتنة طائفية» و«فيديو فاضح وراء مذبحة عائلية» و«فيديو فاضح لفتاة يتسبب فى مقتلها» عناوين آلفناها خلال السنوات الأخيرة، دون أن يحرك أحد ساكنًا من أجل التصدى لهذه الظاهرة المرعبة التى تنم عن تردٍّ فاضح لأخلاقيات المجتمع، التى فى كل مرة تدين الفتاة موضوع الفضيحة لأنها تصرفت بأريحية دون محاولة تتبع أو إدانة أو حتى لوم الشخص المريض الذى صنع فضيحة من لا شىء، ليتحول «الفيديو» إلى أداة جريمة قد تودى بحياة العشرات فى ساعات معدودة. وعلى الرغم من أن الفضائح المدوية فى الماضى كانت تطلب أن يكون بطلها من المشاهير، وفى الغالب يكون هدفها الإطاحة بنجوميته، فإن هذا لم يعد ضروريًا فى الوقت الحالى، بل أحيانًا يحدث العكس.

 أسفل المربع الذى يعرض مقطعا مصورا لأحد السياسيين أو المواقف أو الأحداث التى طالتها كاميرا الفيديو، تستقر التعليقات التى تعدت مرحلة التعليق أو المتابعة ووصلت إلى مشاجرات حية أسفل كل فيديو يقف وراءه لجنة كاملة لتحريك الجماهير إلى رأى أو ترك آخر، لم يقتصر دورهم على المتابعة أو النقل أو حتى المشاركة ونشر المقطع مهما كانت التوجهات، تركوا مقاعد المشاهدين وامتدت أيديهم للتعليق على كل مقطع بما يخدم من تعمل اللجنة لحسابه الخاص، وهو ما عرف فى عالم اليوتيوب باللجان الإلكترونية التى تفننت فى رص التعليقات بما يتيح إشعال حرب بين المشاهدين، قد تنتقل إلى الشارع فى مسيرة أو مظاهرة مناهضة، أو قد تؤدى إلى تضليل الرأى العام وقلب نظام الحكم رأسا على عقب.

فى أعقاب ثورة 25 يناير كان تاريخ ظهورها الأول، بداية من اللجان الإلكترونية التى شاركت فى دعم المخلوع «مبارك» بالهجوم على الثورة وتخوينها تارة، أو استعطاف الجماهير وتشويه الحقائق وتخوين الجميع تارة أخرى. لجان إلكترونية خفية خاصة بـ«مبارك»، تبعتها اللجان الخاصة بالفلول ثم الإخوان، ثم المعزول «محمد مرسى»، ولم تتوقف عند شخصية سياسية أو مرشح للرئاسة، بل تحولت إلى ركن أساسى له دوره فى أى أحداث سياسية، يتعبها مقاطع فيديو وتعليقات وصفحات مضللة.

«لجان الإخوان، والفلول» كانت هى الأشهر طوال الثلاث السنوات الماضية، وهى التى ظهرت آثارها فى الكثير من المشاهد والأحداث التى عاشتها مصر، وخاصة فى القضايا الخاصة بالفتن وإشعال الخلافات بين طوائف الشعب، بداية من تخوين الثوار فى بداية الثورة، وحتى اللجان الإلكترونية الخاصة بقيادات الإخوان والداعمين «لمحمد مرسى»، ووصولا بلجان تشويه صورة مرشحين الرئاسة.

لمعلوماتك:

◄23 إبريل 2005 هو تاريخ رفع أول فيديو على موقع اليوتيوب من قبل جاود كريم، أحد مؤسسى موقع اليوتيوب، وقد حمل عنوان (أنا فى حديقة الحيوان) أو «Me at the zoo» وبلغت مدة عرضه حوالى 18 ثانية، وقد حقق مشاهدات وصلت إلى 14,000,992.

◄1.65 مليار دولار هو قيمة المبلغ الذى دفعته شركة جوجل العالمية لشراء موقع يوتيوب ليصبح جزءا منها، ولكنه بالرغم من هذه الصفقة، فإن الموقعين ما زالا يعملان بصورة منفصلة وما زال لكل واحد منهما موقعه الخاص على الإنترنت، إلا أن يوتيوتب أصبح حاليا جزءا من جوجل، ويحتاج لحساب جوجل للدخول إليه.

◄1.95 مليار هى عدد الزيارات التى حققتها أغنية أوبا جنجم ستايل PSY - GANGNAM STYLE حتى الآن والتى اعتبرت صاحبة أكبر فيديو حصل على زيارات فى التقرير الصادر عن يوتيوب فى عام 2012، وهى أغنية كتبها وقام بأدائها المغنى الكورى الشهير بارك جارى سانج والمعروف بـاسم «Psy».

◄ 3 هو ترتيب موقع «يوتيوب» على مستوى العالم وفقاً لتقييم موقع أليكسا، حيث يأتى بعد جوجل وفيس بوك، كما يحتل أيضاً المركز الثالث على مستوى الولايات المتحدة وعدد من الدول منها مصر، فى حين يحتل المركز السادس فى روسيا وهو أقل مركز بالنسبة له.

\\\"\\\"

\\\"\\\"

عن اليوم السابع