فلسطينيو سوريا يدفعون ثمن الصراع العسكري
تاريخ النشر : 2013-10-23 10:01

أمد/ عمان: محمد الدعمه - بيروت: تعيش مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا أوضاعا إنسانية صعبة، بسبب الحصار الذي تفرضه طبيعة الصراع العسكري المحتدم في البلاد.

وبينما تحكم القوات المسلحةحصارها على مخيم اليرموك، جنوب دمشق، بهدف التقدم نحو مواقع المعارضة، يفرض مقاتلو «الجيش السوري الحر» طوقا عسكريا حول مخيم النيرب في حلب للضغط على عناصر فلسطينية موالية تتحصن في داخله. ولا يقتصر الحصار العسكري على هذين المخيمين بل يشمل معظم المخيمات الفلسطينية الموجودة في مناطق النزاع، وهو ما ينعكس سلبا على الأوضاع الإنسانية للمدنيين في ظل قلة المساعدات الإغاثية التي تصل إليهم.

ودفع هذا الواقع السفارة البريطانية في العاصمة الأردنية عمان لتقديم مبلغ 25 مليون دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، من أجل مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في داخل سوريا، وأولئك الذين اضطروا إلى الفرار إلى الدول المجاورة بسبب القتال، إضافة إلى توفير مواد غذائية لما يزيد على 155 ألف شخص، ومبالغ نقدية لعدد مماثل يمكنهم من خلالها التزود بمواد أساسية بما فيها الملابس والأغذية وتسديد الفواتير.

ونقل بيان عن وزير شؤون التنمية الدولية آلان دنكان قوله إن «المملكة المتحدة ستقدم 15.5 مليون جنيه إسترليني (نحو 25 مليون دولار) إلى (الأونروا) لتبعث بدورها مساعدات حيوية إلى اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا». وحذر دنكان من أنه «يوما بعد يوم يتزايد وقوع الفلسطينيين في أتون هذا الصراع في سوريا، فالقصف والاشتباكات تدور من حولهم، بل وداخل مخيماتهم نفسها. وقد لحق دمار أو عطب بما لا يقل عن 44 ألفا من منازل اللاجئين». وأكد أن «المأساة المزدوجة التي يواجهها هؤلاء اللاجئون يجب ألا تتحول إلى مجرد ملاحظة هامشية مهملة في هذه الحرب»، مشيرا إلى أن هذا «الدعم سوف يسهم في إنقاذ حياة بعض من أكثر المعوزين».

وقد سبق للمملكة المتحدة أن قدمت 5 ملايين جنيه إسترليني إلى «الأونروا» لإرسال رزم غذائية وبطانيات وأدوات للعناية بالنظافة لمساعدة ما يفوق 100 ألف لاجئ فلسطيني داخل سوريا وفي الأقطار المجاورة. يشار إلى أن المملكة المتحدة خصصت حتى الآن 500 مليون جنيه إسترليني استجابة للأزمة الإنسانية في سوريا، وهو أكبر مبلغ على الإطلاق تقدمه المملكة المتحدة استجابة لأزمة واحدة. يوفر هذا المبلغ مساعدات تشمل المواد الغذائية والرعاية الطبية ومواد الإغاثة لما يفوق مليون شخص داخل سوريا وفي المنطقة.

ويشكو فلسطينيو سوريا من انعدام المساعدات التي من المفترض أن يحصلوا عليها من منظمة «الأونروا» المعنية بشؤونهم، إذ يؤكد الناشط الفلسطيني وسام سباعنة لـ«الشرق الأوسط» أن «(الأونروا) لم تحاول تقديم أي مساعدة للمخيمات المنكوبة في سوريا في حين كان يفترض بها أن تتحضر لهذه الكارثة عبر خطط بديلة تؤمن احتياجات المدنيين». ويوضح أن «الجهات الوحيدة العاملة في مجال الإغاثة داخل مخيمات سوريا هي منظمات مدنية فلسطينية مثل مؤسسة (جفرا) والهيئة الخيرية الفلسطينية»، محذرا من «تدهور الأوضاع الإنسانية أكثر داخل المخيمات، لا سيما مخيم اليرموك المحاصر من قبل القوات النظامية، حيث سجلت حالات وفاة أطفال أصيبوا بسوء التغذية».

وتمنع القوات المسلحة منذ نحو ثلاثة أشهر إدخال الأدوية والمواد الغذائية إلى المخيم، حيث لا يزال 50 ألف لاجئ فلسطيني يقطنون فيه. ويهدف الحصار  على اليرموك إلى الضغط علىالمعارضة المسلحة المتمركزة فيه وإجبارها على الانسحاب منه. وبالقرب من مخيم اليرموك، يتعرض مخيما الحسينية والسبينة لقصف يومي من قبل القوات النظامية، بحسب ما يؤكد سباعنة، لافتا إلى أن «هذين المخيمين يخضعان للحصار أيضا كبقية المناطق الجنوبية في دمشق». في حين يبقى حال مخيم خان الشيح الذي يبعد نحو 27 كيلومترا إلى جنوب غربي دمشق أفضل نسبيا، رغم الحصار النظامي المفروض عليه.

وفي مقابل الأوضاع الإنسانية السيئة التي يتسبب فيها حصار القوات المسلحة لبعض المخيمات الفلسطينية، فإن قوات المعارضة تفرض بدورها حصارا على مخيم النيرب في حلب للضغط على عناصر «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» الموالين للنظام. ويقول سباعنة إن «كتائب الحر منعت دخول الأغذية والأدوية إلى المخيم، ولم يتحسن الوضع إلا بعد أن تمكنت القوات النظامية من فتح ممرات إنسانية».

ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بنحو 500 ألف لاجئ، يعيشون في تسعة مخيمات معترف بها من قبل منظمة «الأونروا» وثلاثة غير معترف بها. ومنذ بداية الأزمة في البلاد، بدأت معاناة اللاجئين الفلسطينيين، فمنهم من اضطر للنزوح عدة مرات لأماكن أكثر أمنا من المخيمات، خصوصا في الأشهر الأخيرة من الأحداث ومنهم من لجأ إلى دول الجوار. ودفعت الأوضاع الأمنية في بعض المخيمات أو حولها عددا كبيرا من الفلسطينيين إلى مغادرة بيوتهم، ليبلغ إجمالي عدد النازحين الفلسطينيين من سوريا إلى خارجها حتى الآن نحو 15 في المائة من مجمل فلسطينيي سوريا، في حين بقي مثلهم تقريبا داخل المخيمات، ونزح الباقون إلى مناطق أخرى في سوريا ومعظمهم في العاصمة دمشق.

«الشرق الأوسط»