«السيسى.. والذين معه»..!
تاريخ النشر : 2014-04-15 11:29

أعرف أن المشير عبدالفتاح السيسى هو مرشح الضرورة، كما يقول «الأستاذ هيكل».. غير أننى لا أريده كذلك.. فالأفضل له ولنا أن يكون «مرشح المصير»، وثمة فارق كبير بين هذا وذاك..!

يرى «هيكل» أن الشعب المصرى ليس أمامه سوى «السيسى».. وفى ذلك إفراط فى «تصغير أمة»، وتقليل من شأن «السيسى» ذاته.. فليس منطقياً أن يدفع المصريون ثمناً باهظاً للخروج من فساد واستبداد «نظام مبارك»، وفاشية «نظام الإخوان» ليعصروا على أنفسهم «ليمون» مرة أخرى، ويختاروا «السيسى» رئيساً.. وإلا فماذا تغير.. وكيف سنتغير؟!

وربما كان مفهوم «هيكل» لكرسى الحكم، الذى ينتمى إلى الماضى، وراء قوله إن المشير السيسى ليس بحاجة إلى برنامج انتخابى، ولا حملة، وكأن الأمر ينطوى على «تفويض قسرى» علينا أن نوقعه صاغرين، خوفاً من «بعبع الإخوان»، وهو -ذاته- البعبع الذى ظل «نظام مبارك» يستخدمه ثلاثين عاماً، ليبقى على «الكرسى».. فكيف نفوض «السيسى» دون تعهدات وبرنامج وضمانات؛ لأنه سيحمينا من «الإخوان»، رغم أننا أسقطنا «الجماعة بحلفائها فى الداخل والخارج» فى سهرة قضاها الشعب المصرى بالميادين والشوارع..!

معروف أننى أحب السيسى، وشديد القرب من «هيكل».. غير أننى أرى «المشير» مرشح المصير وليس الضرورة، إذ يجب على الرجل أن يدرك خطورة المهمة المقبلة، وليس عظمة الإنجاز السابق.. فإذا كان استجاب لإرادة الشعب فى 30 يونيو، فإن فى ذلك وطنية نقدرها، وشجاعة مدونة باسمه فى سجلات التاريخ، غير أن لـ«الرئاسة» مهام ورؤى أخرى، ولا يجوز أن «نأخذه رئيساً» لأنه الوحيد والمنقذ، وإنما الأكرم له ولنا أن نتقاسم «المصير»، ونتشارك فى «التحدى»..!

نحن أمة تفرقت بها السبل، رغم عظمتها.. وطن تلاعب به المقامرون.. وشعب يتوق لـ«حياة الحد الأدنى».. ومواطن يحلم بأن يصبح «بنى آدم».. و«السيسى» قائد عظيم، وضع رأسه فوق كفه، ثم تقدم للرئاسة محمولاً على الأعناق.. ولكن نفس الأيدى التى التهبت تصفيقاً له، سوف ترفع لافتات المعارضة إن لم يحقق أحلامها البسيطة.. إذن فالمصير واحد.. نحن اخترناك حباً وثقة.. وسنضيع إن كنت كسابقيك، وأنت سيُمحى تاريخك، وتلحق بسابقيك إن لم تفهم لماذا أحبك الشعب.. ستضيع ونضيع معاك إذا توهمت أن العاطل سيظل عاطلاً عن العمل لأنه يحبك.. وأن الفقير سينام «من غير عشا» ويصحو دون «فطار» لأنك «حنين»، وأن الأم المكلومة ستطلق «الزغاريد»، وهى ترى أبناءها جوعى ومرضى دون رعاية، لأنك «معشوق الملايين»، وأن العانس سوف تحتضن وسادة عليها «صورتك»، عوضاً عن زوج يبنى معها بيتاً دافئاً..!

.. والله العظيم.. أعرف أن الذين يحيطون بك يصورون لك كلامى هذا، باعتباره عداءً وانقلاباً ضدك.. غير أننى لا أكترث كثيراً؛ لأن خوفى عليك وعلى مصر يتعاظم يوماً بعد يوم بسبب «الذين معك».. والأكرم لى ولك أن أقول كلمة «مخلص»، حتى لو دفعت الثمن باهظاً.. فأنت تعرف أننى لن أقول كلمة «منافق» حتى لو منحتنى الذهب..!

أخاف عليك وعلى مصر؛ لأننى «أحبك».. وأحب مصر أكثر.. والذين معك.. أو الذين يتحلقون حولك يخافون منك، ولا يخافون على مصر.. ربما يحبك بعضهم.. ولكنهم يحبون أنفسهم أكثر.. وربما يحبون مصر.. غير أنهم يحبون مصر التى باعوها من قبل.. وليس «الشارى مثل البايع».. فمن حولك صنفان: الأول عانى عطش الاقتراب من السلطة على مدى ثلاثة أعوام أو يزيد، واشتاق لـ«عسلها».. والثانى كان يتفرج على «أنهار العسل» فى الأنظمة الحاكمة، ولعابه يسيل انتظاراً للحظة السعيدة..!

لا تكن كمن استبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير.. ولا تفهمنى خطأ.. فأنت تعرف جيداً أننى لا أهوى الاقتراب من السلطة.. أريد أن أعيش وأموت فراشة، تحلّق بحرية، ولا تقترب من الضوء حتى لا تحترق.. وفى السلطة «نار الله الموقدة»..!

.. وآخر قولى لك وأنت تقدم أوراق ترشحك هو من خير الكلام: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ» صدق الله العظيم «آل عمران: 18».

عن الوطن المصرية