قوة "إسرائيل" وضعفها
تاريخ النشر : 2018-01-29 12:00

يتضح من الاستراتيجية الدفاعية «الإسرائيلية» الجديدة، وهي تحديث لاستراتيجيتها السابقة، التي اعتمدت في عام 2015، أن «إسرائيل» تأخذ بعين الاعتبار التطورات الداخلية والإقليمية والدولية، التي نشأت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بما في ذلك عوامل القوة والضعف لديها.

تنطلق الاستراتيجية الجديدة، التي أقرها رئيس أركان جيش الاحتلال غادي ايزنكوت، وأرسلت إلى أعضاء المجلس الوزاري المصغر «الكابينت»، من أن موقف «إسرائيل» القوي راهناً يستند إلى ضعف الدول العربية، على خلفية انشغالها بالقضايا الداخلية، والصراعات التي تعصف ببعضها، إلى جانب القدرات العسكرية «الإسرائيلية» المتفوقة، والدعم الأمريكي اللامحدود، وعدم إمكانية نشوء محور عربي لمحاربتها، وبالتالي فهي في جوهرها استراتيجية هجومية أكثر منها دفاعية.

وتحدد الوثيقة، التي نشرت مقتطفات منها صحيفة «هاآرتس»، يوم الجمعة الماضي، الأخطار المحدقة ب«إسرائيل» بثلاثة أخطار، أكبرها إمكانية انفجار الأوضاع في الساحة الفلسطينية، وقدرة الفصائل الفلسطينية على نقل المعركة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية؛ لكن هذا الخطر، وفقاً للوثيقة، يحتل المرتبة الثانية في قائمة التهديدات، بينما يحتل المركز الأول التهديد الإيراني وحلفاؤه، رغم إرجاء «التهديد النووي»؛ وذلك عبر الحدود الشمالية، لا سيما إمكانية اندلاع أعمال قتالية تقليدية؛ من خلال نشر وحدات مسلحة وميليشيا حليفة في الجنوب السوري، فيما يتمثل التهديد الثالث والأخير بالتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها «داعش» و«القاعدة»، لا سيما عبر سيناء.

ومع أن الوثيقة تجزم بأن «إسرائيل» ستتمتع بوضع استراتيجي متفوق وحاسم في معادلة الصراع مع أعدائها خلال السنوات القريبة القادمة، إلا أنها تكشف عن الكثير من نقاط الضعف، التي قد تشكل خطراً على الأمن «الإسرائيلي». ففي الساحة الفلسطينية، تتحدث الوثيقة عن تنامي قدرات الفصائل، وامتلاكها أسلحة متطورة أكثر دقة وتأثيراً، ناهيك عن إمكانية اندلاع هبات شعبية أو ربما انتفاضة شاملة، تتخللها مواجهات مباشرة في الضفة الغربية، مع عدم إغفال عودة «الهجمات المنفردة» على غرار هجمات السكاكين، التي اندلعت أواخر عام 2015، التي قد تكتسب وزناً أكبر من عمليات المقاومة المنظمة.

وتلحظ الوثيقة أن هناك اتجاهاً مستمراً ومتنامياً لنقل القتال إلى الداخل «الإسرائيلي»، بالتزامن مع سقوط آلاف الصواريخ على ما تسميه «الجبهة الداخلية»، وهو مسار يتناقض مع العقيدة العسكرية، التي قامت عليها «إسرائيل»، والمبادئ التي صاغها بن غوريون، أي «نقل القتال إلى أراضي العدو وتقصير أمد الحرب»؛ ولذلك يرى ايزنكوت، أن الاختبار الأول للجيش يكمن في تنفيذ الاستراتيجية، وإعداده لمواجهة التحديات الجديدة، والعمل وفق سيناريوهات مختلفة؛ من أجل كسب المعركة وتحقيق الردع.

عن الخليج الاماراتية