شكراً مستر كيرى..!!
تاريخ النشر : 2014-04-14 11:51

برفق شديد وحنان زائد ذكر مستر كيرى وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أن إسرائيل بعدم إفراجها عن الأسرى الفلسطينيين الذين كان من المفترض أن يفرج عنهم وبزيادة المستوطنات فى القدس العربية وإصرارها على ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة وسعيها– أى فلسطين للانضمام إلى كثير من المنظمات الدولية – برفق شديد قال السيد وزير خارجية أمريكا إن هذه الأسباب عطلت إجراءات الوصول إلى السلام ولكنه تعطيل يتعلق بالإجراءات وليس بالمضمون. هكذا برفق شديد لا يعدله إلا رفق الأب بابنته العزيزة الصغيرة تناول مستر كيرى الوضع الحالى بالنسبة للقضية الفلسطينية، وبالذات الموقف الإسرائيلى المتعنت.

هكذا تعامل أمريكا القضية الفلسطينية وهكذا يجب علينا نحن العرب أصحاب القضية أن ندرك الموقف الأمريكى من القضية ونتعامل معه على هذا الأساس.

والحقيقة أن الموقف العربى سواء موقف السلطة الفلسطينية أو موقف الجامعة العربية لم يتأخر كثيراً فى الرد على الموقف الأمريكى المنحاز والذى يتعامل بأكثر من معيار. وقد أعلن أبو مازن رفضه الحاسم لمقولات كيرى وأبدى تصميماً على المطالب الفلسطينية. والأهم من ذلك أن وزراء الخارجية العرب فى اجتماع طارئ الأسبوع الماضى فى إطار الجامعة العربية وجهوا رسالة قوية إلى إسرائيل وحملوها المسؤولية الكاملة عن تعثر عملية السلام. ولكن إسرائيل ترفض أن تكون حدود فلسطين هى حدود الخامس من يونيو 1967، وترفض أن تكون القدس العربية عاصمة لدولة فلسطين. إسرائيل ترفض أى شىء يمكّن الفلسطينيين من بناء دولة.

هذا هو ما تحلم به إسرائيل. ليس مجرد ما تحلم به وإنما ما تخطط له وما تنفذه على أرض الواقع خطوة خطوة. ولعل من أفضل ما قيل فى اجتماع وزراء الخارجية العرب ما أكده نبيل فهمى وزير خارجية مصر من الارتباط الكامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارهما جزئين لا يتجزآن من دولة واحدة هى الدولة الفلسطينية.

واعترف أن كل هذا الذى قيل سواء من جانب السلطة الوطنية الفلسطينية أو من جانب وزراء الخارجية العرب وفى مقدمتهم وزير خارجية مصر– الدولة الأم- التى بذلت من مالها ومن دم أبنائها ما لو كان وجه للبناء داخل مصر لأخرج مصر من أزمات كثيرة.

ولكن ما فعلته مصر فعلته لأنها تدرك أن ترك إسرائيل تعبث هذا العبث العنصرى الاستعلائى مقصود به فى المدى البعيد هدم القوة الوحيدة التى تخشاها إسرائيل ألا وهى شعب مصر وجيش مصر خاصة بعد ثورة 30 يونيو التى أدت إلى ولادة دولة جديدة بمشروعية جديدة بخريطة طريق يجرى تنفيذها بصدق ودقة.

وإذا كان هذا كله صحيحاً فأين المشكلة؟

المشكلة فى تقديرى– وقد أكون مخطئا– تكمن فى أن الفلسطينيين من ناحية والعرب جميعاً من ناحية أخرى يعملون متفرقين ولا يعملون يدا واحدة.

إنهم – الإسرائيليين – يعرفون ما يريدون ويخططون له وينفذونه بجدية ولو بخطوات صغيرة.

فماذا نفعل نحن فى مواجهة ذلك.

أرجو أن نتعلم من عدونا. وليس عيباً أن نتعلم من عدونا.

و لا أدرى لماذا خطر على ذهنى وأنا فى نهاية هذا المقال ما قاله الشاعر القديم:

ومن رعى غنما فى أرض مسبعة

ونام عنها تولّى رعيها الأسد

أى أن الراعى الذى يرعى غنمه فى الفلاة حيث توجد الأسود والنمور وينام عنها ولا يدفع عنها المخاطر مصير هذه الأغنام أن تلتهما الأسود والنمور. إلى متى ستظل إسرائيل تلتهم أرضنا قطعة قطعة ونحن شبه غافلين.. إن الأمر خطير.

إن الكلام عن أن القضية الفلسطينية هى قضية العرب الأولى ليس مجرد كلام يقال ولكنه حقيقة. إن إسرائيل تخطط لكى تكون هى الدولة الوحيدة القوية فى هذه المنطقة ووراءها للأسف المر أمريكا تؤيدها وتساندها رغم أن مصالح أمريكا الحقيقية هى عند العرب. ولكننا لا نعرف كيف نعرض بضاعتنا، ونساوم عليها ونقتضى ما تستحقه من ثمن كبير.

وآخر ما تفتق عنه التخطيط الإسرائيلى هو إطلاق قمر للتجسس على كل الدول المجاورة. وتؤكد وزارة الدفاع الإسرائيلية فى غير استحياء أن قمر التجسس الجديد قادر على الانتقال من هدف إلى هدف فى المنطقة المحيطة بإسرائيل من إيران شرقا إلى مصر وتونس والجزائر غربا. ويتمتع هذا القمر الجديد بقدرات عالية على التصوير فى جميع الأحوال الجوية بفضل مجموعة الرادارات الجوية المزود بها.. أليس هذا شيئا مخيفا. ألا يحفزنا هذا فى كل الوطن العربى وبالذات فى مصر إلى أن ندرك أن العلم وحده هو السبيل.

العلم ثم العلم ثم العلم.

إن الأمور لابد وأن تؤخذ بعقلانية وحكمة. لم يعد العالم يعرف الألفاظ الجوفاء الفارغة. العالم الآن يعرف حقائق العلم وعلينا أن نعرف هذه الحقائق لكى يمكن لنا البقاء والاستمرار فى هذا العالم.

وأعود وأكرر إما أن نكون أو لا نكون.

إن الأمر جد لا هزل فيه.

والله المستعان.

عن المصري اليوم