بالفيديو.. عمر المصري ذهب لجلب لقمة عيشه فـ "عاد" محملاً على الأكتاف
تاريخ النشر : 2018-01-28 16:08

أمد /غزة- محمد عاطف المصري: في ظل الأجواء الباردة والثلج القارص، والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها شعبنا في قطاع غزة، من حصار وانهيار في فرص العمل التي يصعب على شبابه العثور عليها بسهولة، ذهب الشاب عمر المصري, من مدينة بيت حانون لجلب قوت يومه, لكنه عاد جسداً ثقيلاً مفارقا للروح ومحملاً على الاكتاف.
عمر سعد عليان المصري 24عاماً، صاحب الهمم والأحمال والعبء الثقيل لا يكل ولا يمل، قاوم قساوة ومرارة الحياة ،للعيش بكرامةٍ حتى لا يمن عليه أحد، ذهب إلى عمله يوم الجمعة الماضي، بعد أن أدى صلى العصر بمسجد أبو بكر الصديق في بلدة بيت حانون، مضطرا لجلب قوت يومه وليعيل طفلته ويجلب لها الحليب، ويرعى زوجته الحامل التي تحتاج إلى مراجعات مع الاطباء لمراعاة جنينها الذي لم يرى النور بعد.
يعمل عمر، في بئر لمياه الصرف الصحي بمخيم جباليا في منزل والد زوجته من عائلة الحناوي برفقة شقيقها، وعند نزلوه داخل البئر ذو الثلاثة أمتار, حدثت الفاجعة, انهار التراب عليه مغطياً جسده المنهك من التعب.
بدأ شقيق زوجة عمر بالصراخ لى اهالي الحي لإنقاذ زوج أخته من الموت، لكن صراخة لم يجدي نفعاً فالقدر كان أسرع مما توقع الجميع فتفارق الروح والجسد إلى يوم المنتهى عند اللقاء، تأخر الدفاع المدني في المجيئ بعد اتصال العائلة له، فكان عمر غارقاَ تحت التراب بلا صوت ولا نفس،
انتشل الدفاع المدني جثة عمر وتم نقله إلى المستشفى الإندونيسي شمال القطاع ، فلم يمنع ذلك من رؤية دموع الرجال على فراق الأحباب، فوالده الذي فقط فلذة كبده للأبد، صاح بأعلى صوتٍ حزين "كنت امنع عمر عن هذه الأعمال الشاقة إلا أنه أصر عليها حتى يجلب قوت عائلته", مضيفاَ " لا يوجد أعمال أسهل من الأعمال الشاقة، على الرغم انه يمتلك حرفة النجارة وكان محترف في صنعته ، ولكن الوضع المادي لم يسمح له بفتح باب رزق من صنعته، فاضطر للعمل الشاق والهدم، وحفر بسواعده الطاهرة".
"كانت أعظم مصيبة أن يخطف ابني في لحظات", هذا هو الرد الكافٍ لوالد عمر على سؤالنا له حول نبأ سماع وفاته، مضيفاً "صليت معاَ الفجر والجمعة والعصر"، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيرا منها فالأقدار بيد الله".
وتابع أبا محمد، "ألم الفراق صعب وخاصة أن ابني لم يتجاوز الأربعة والعشرين من عمره ، فـ "عمر" ذهب ضحية الحصار الذي افترضه أعداء هذا الشعب
"الفاكهة الخاصة بنا" هكذا أطلق عليه أهالي المنطقة والجيران، "كان خدوم لا يقصر مع أي شخص كنا نطلب منه مساعدتنا في البيت في البناء والهدم كان يأتي إلينا على الفور ويساعدنا ولا يرضى أن يأخذ أجره، كان يراعي ظروف الناس في العمل وصبور عليهم ولا يطلب أجر منهم، ويقول لهم وقت ما يصير معكم فلوس ".
أتصف عمر بقوته البدنية وتحمل مشاق العمل، وكان يتمنى أن يبني منزله قبل قدوم شهر رمضان، وقد جهز نصفه، بالرغم من صغر عمره.
والد زوجته الذي انهار لوفاة صهره فبمنزله أشار في حديثٍ لوالد عمر ""ابنك هو ابني، و قلبك الذي يبكي هو قلبي , كونت أتمني أن الذي مات هو أحد أبنائي، فالمصيبة كبيرة ، صبّرك الله وصبرني الحمد لله على كل حال.
ففي مقبرة الشهداء شرق جباليا، ارتوت الأرض بجسد عمر وحضنت السماء روحه الطاهرة، مودعاَ طفلته وجنين زوجته في رحمها ومفارقاَ لأحبابه وجدران منزله الذي لم يكتمل حلمه بعد.