اضراب..!
تاريخ النشر : 2018-01-23 16:44

خلال مشوار نضالي حافل استطاع الشعب الفلسطيني ان يجعل من الاضراب سلوك مقاوم مارسه تعبيرا عن رفضه المطلق للاجراءات التعسفية القمعية التى يمارسها الاحتلال الصهيوني منذ احتلاله للأرض الفلسطينية و سبق ذلك انه إبان الانتداب الانجليزي على فلسطين أُعلن الاضراب العام الشهير عام 1936م قادته فى حينه القوي الثورية المناهضة للانتداب وغطرسته استمر هذا الحراك الرافض للاحتلال وكيانه الذي اقامه عام 1948م وحتى وقتنا الحاضر وخلال محطات تاريخية متعاقبة واحداث كثيرة مرت بها الاراضي المحتلة نفذ الفلسطينيون سلسة من الاضرابات جاءت رفضاً لإجراءات و قرارات وقوانين المحتل والتعبير عنها بالتظاهر والاحتجاجات والاغلاق الشامل كواحد من سبل الرفض والمواجهة حيث شَهِدت الانتفاضة الاولي على ولادة زخم الاضراب والاغلاق الشامل كان كمقدمة للعصيان المدني الشامل هذا ما لم يرق للاحتلال و دأب على كسره من خلال فتح المحال المغلقة بالقوة الامر الذي أفشله المنتفضون الرافضون لاجراءاته وسياساته العنصرية والإلتزام بالفعاليات النضالية..!

فى واقعنا المتردي والمزري الذي يعيشه قطاع غزة المحاصر وتعبيرا عن رفض ما آلت الية الاوضاع الكارثية والغير مسبوقة ولا يمكن وصفها الا المحبطة والضاغطة وغير الانسانية دعت الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والقطاع الخاص بمكوناته التجارية والصناعية والخدماتية الى تنفيذ اضراب تجاري شامل ليوم واحد فى قطاع غزة تعبيراً ورفصاً الى ما وصلت الية الاوضاع الاقتصادية والتجاربة والخدماتية بعمومها يأتي ذلك لتسليط بقعة الضوء على غزة التى ترقد على فراش الموت وتحتاج الى الاغاثة الحيوية الطارئة لتقوي وتنهض من كبوتها يتحلق حولها اطفالها المتعبين يضرعون الى الله أن يمن عليها بالصحة والعافية كي تعود اليهم على اقدامها وقد تعافت من وَهنها وضَعفها ومرضها الشديد..!؟ فهل ستلقى أذن صاغية عند أصحاب القرار من اجل انقاذها من موت محقق لها ولأطفالها من بعدها..!

11 عاماً من الحصار والانقسام البغيض تسببا بمعضلات وازمات كثيرة وجميعا مركبة ومتراكمة بكل تأكيد لامست كل مناحي الحياة هنا وتركت اثاراً تدميرية على قطاعات حيوية بعينها وتعتبر هذه الحقبة الأقسي والادق والاكثر تأزماً ولم يسبق ان تردت بها الاوضاع الى ما وصلت الية الان كان للانقسام السياسي الدور الاكبر والذي لا ينفصل عن الحصار الصهيوني فى توجية ضربات قاتلة لواقع الحال فى غزة وجاء الانقسام وبالاً بتأثيرات عميقة لا يمكن القفز عنها او اغفال ما تسببت فية على كافة المستويات ابرزها الوضع المعيشي الذي وقع ضحية الخلافات والتباينات بين طرفي الانقسام يدفع فاتورتها الباهظة الوطن والمواطن معاً..!

جاء الاضراب التجاري بالأمس ليدق ناقوس خطر ويُرسل اشارات تحذيرية للساسة واصحاب القرار ليعيدوا حساباتهم الحزبية الضيقة والخروج من دائرتها بوعي وادارك تامين الى فضاء العمل الوطني العام يأخذ بعين الاعتبار الشواهد والمعطيات التى تبوح بها الاوضاع الحياتية السيئة وهذا أقل ما تتصف به..! والاصغاء الجاد لصوت من أعياهم سوء أحوالهم وتحكيم العقل والمنطق والضمير الغائب فى غمرة الجدل والخلاف والمناكفات لن تخدم طرف على حساب طرف مهما بلغ أشُده..! غزة اليوم بحاجة مُلحة وماسة وضرورية لاجراءات فعلية وعملية تكون على قدر من المسؤولية وتحاكي الواقع الصعب تضع حلول لأزماتها ومشاكلها وهمومها والا ستنزلق الاوضاع الى ما هو أسوء وتزداد سوء فوق سوء..! وعلى ارباب السياسة ومن يمتلكون القرار عدم تغافل دعوات الاضراب التجاري وان كان جزئيا..! وحال بقي الوضع على ما هو علية علينا توقع الأسوء طالما استمر الوضع العام يرواح مكانه ودون افق قريب لحسم الخلافات بين طرفي الانقسام وهذا ما لا يمكن للحاضنة الشعبية ان تسكت علية مطولاً مع الانهيار الواضح والعميق لمنظومة الخدمات الحياتية الحيوية وتضرر القطاعات الاساسية وتهاوي الاوضاع الاقتصادية وهبوط مستوي الدخل للأفراد الى معدلات مهولة يُحَدِث عنها التراجع الكبير فى القوة الشرائية وحجم الاستيراد من الخارح الذي تقلص بنسبة 50% ما يؤشر الى سوء الواقع الاقتصادي والحياتي العام وهذا لا ينفصل عن الواقع السياسي..! من هنا يجب البحث الجاد فى كيفية اخراج غزة من ازماتها وسوء احوالها من خلال الولوج الى تحقيق المصالحة الوطنية كمطلب عاجل وضروري ان تم وفق آلياته ومحدداته سيُجنب غزة مزيداً من الويلات والمستقبل القاتم المحتوم وهذا ما لا تستحقه بالمطلق وعلى الجميع فصائل وقوي وفعاليات مجتمع مدني واهلي ان يقفوا عند مسؤولياتهم الادبية والاخلاقية والوطنية تجاه أهلها..! هم يستحقون عيشاً كريماً فى وطنهم ولا يستحقون دون ذلك..! وهذا يقع على عاتق الجميع بلا استثناء..!

والا سيصبح اعلان الاضراب واقعاً نشهده كل يوم تعبيراً عن رفض الحالة المأساوية الجامحة تدوس الفقراء والبسطاء بأقدامها الغليظة وتطال سطوتها العوام دون توقف كموجة عالية تدفعها ريح عاتية لن تُبقي ولا تذر..! نُريد ان نعلن اضراباً شاملاً و عصياناً مدنياً شعبياً رافضاً لزيارة نائب الرئيس الأمريكي "بينس" الى دولة الاحتلال وخطابه المتطرف و العنصري أمام الكنيست الصهيوني واستنكاراً لقرارات بلاده المجُحفة والجائرة بحق القدس و الحقوق التاريخية الثابتة للفلسطينين.

من هنا علينا ان نتوحد لمجابهة الاحتلال الصهيوني واجراءاته ومخططاته العنصرية الفاشية ونُسمع العالم الصامت صوت شعب حي يرفض الحصار و الاحتلال ويتوق الى الحرية والاستقلال واقامة دولته..! هذا ما نريده ضد اعدائنا ويجب أن يكن..! وليس اضراباً احتجاجياً على سوء اوضاع مواطنينا بسبب الانقسام الداخلي اللعين يمكننا تجاوزه وطي صفحته ان خلصت النوايا ولا نضطر لنعلن اضراباً او نفيراً او ثورة على الواقع السيئ..! و من هنا على قادة شعبنا ان يُذعنوا مرغمين الى نداءات من صبروا وضحوا ومن رَحِمهم تُولد الاجيال المقاتلة والمناضلة من اجل كرامة شعبهم وعزته..! والعمل على وضع حلول فاعلة وناجزة ترفع المعاناة عن غزة..! وتعيد ترتيب الاولويات الوطنية وفق المصالح العليا للشعب الفلسطييني على قاعدة شراكة وطنية أولوياتها العمل الوطني الموحد..