رزان..طفلة أسيرة أوجعتنا
تاريخ النشر : 2018-01-18 12:05

يدمي القلب، ويزيد من أوجاعه أكثر وأكثر؛ منظر طفلة فلسطينية بعمر الزهور(13  عاما)  وهي مكبلة بيديها وقدميها خلال إحضارها لمحكمة عوفر، وحولها جنود مدججين بالاسلحة، وجسدها يرتجف من البرد القارس، لتحاكم بأربعة شهور وغرامة مالية باهظة، وسط غياب تام لدعاة حقوق الطفولة، والمؤسسات النسوية الداعمة لحقوق الطفولة.

إنها الطفلة الأسيرة رزان أبو سل من مخيم العروب قرب الخليل، والتي رددت في قاعة المحكمة "حسبنا الله ونعم الوكيل"؛ بعد إصدار الحكم الجائر بحقها، بعد أن اعتقلت من أمام الحرم الابراهيمي في البلدة القديمة بخليل الرحمن مع شقيتها.

قهر ما بعده قهر؛ يعيشه الأطفال الفلسطينيين حتى بدون اعتقال؛ فكيف بالاعتقال! وهو ما ينطبق على أطفال فلسطين المحتلة؛ والذين لا يعيشون طفولتهم كبقية أطفال العالم؛ بالفرح والسعادة والألعاب.

كل إنسان لا يشعر بعذابات الآخرين، ولا تؤثر فيه صورة الطفلة ألأسيرة رزان أبو سل والطفلة عهد التميمي وغيرهما، وهي مكبلة بيديها وقدميها؛ ومعتقلة في قفص ويحيط بهن جنود ومجندات مدججن بالسلاح؛ يكون قد تجرد من المشاعر والأحاسيس الإنسانية النبيلة؛ وتحول إلى شيء لا يستحق لقب إنسان، وينحدر نحو الحيوانية والبهيمية.

طفلة خليلية وبرغم براءتها والتي كان من المفترض أن تكون مع زميلاتها بين أدراج مدارستها ؛ تلعب العاب الطفولة بكل براءة؛ يزج بها الاحتلال خلف القضبان، حيث لا شمس ولا هواء نقي، وفقط أربعة جدران.

باتت الطفلة الأسيرة رزان كما هي الطفلة الأسيرة عهد التميمي؛ وجع في قلب كل حر وغيور في هذا العالم، ونخزة ضمير لكل حر وأبي وشريف في الوطن المأسور والمقهور بفعل الاحتلال الظالم.

تجلت مأساة ومعاناة الطفلة رزان بفقدانها المبكر لطفولتها، ولا احد يحتج أو يعترض في العالم الغربي؛ بينما لو كانت طفلة يهودية في الأسر – وهو لا يصح لدى المقاومة بفعل رقي أخلاقها وسموها – لقامت قيامة الدول الغربية، ولتم وصف الفلسطينيين والعرب بالمتوحشين المجرمين؛ كأقل وصف  يمكن أن يوصفوا فيه .

 تعسا لـ 12 مليون فلسطيني ؛ و300 مليون عربي؛ ولأمة المليار ونصف مسلم؛ وهي ترى صورة الطفلة رزان أو الطفلة عهد؛ باكية حزينة تستنجد بقادة العرب والمسلمين؛ ولا مجيب ولا مغيث؛ ولا تحرك ساكنا، وكأن أمرا جللا لم يحدث.

الطفلة الأسيرة  أبو سل لا تعاني لوحدها؛ فهي ألان أصغر أسيرة مقدسية في سجون الاحتلال؛ ويحتجزها الاحتلال في سجن "هشارون"، مع أكثر من  38 أسيرة، يعانين سطوة السجان والقهر خلف القضبان.

ما  يخفف من ألم أسر الطفلة أبو سل وبقية الأسيرات؛ هو تعلقها وبقية الأسيرات والأسرى؛ بالأمل الحي والكبير؛ برجال المقاومة والأنفاق؛ الذين لا ينامون الليل وهم يفكرون بخلاصها وخلاص 7000 أسير وأسيرة، فالمجد والعظمة والتحية؛ لكل من فكر وخطط وضحى لوطنه ونجح بفك اسر أطفال بعمر الزهور؛ "ويرونه بعيدا ونراه قريبا".